اليهود يستعدون لإعلان "إسرائيل" الكبرى
السياسية || محمد محسن الجوهري*
قبل مائة سنة تقريبًا، كان الحديث عن إقامة اليهود لكيان مستقل لهم في أرض فلسطين مجرد خرافة، وكان الكثير من العرب - خاصةً النخب الثقافية - يشككون في الأمر، ويرونها مهمة مستحيلة وأن المجتمع الدولي لن يقبل بتشريد شعب بأكمله خارج أرضه.
واليوم، وبالأسلوب نفسه، يُشكك المتصهينون بقرب إعلان "إسرائيل" الكبرى والتي تمتد من النيل إلى الفرات، وتشمل إلى جانب الأردن وسورية ولبنان، أجزاءً واسعة من العراق ومصر والسعودية، ولا يحول دون ذلك إلا الانتصار الصهيوني في جبهتي غزة وجنوب لبنان، وبعدها من السهل عليهم أن يسيطروا على سائر المنطقة، بعد أن دُجنت شعوبها وحكامها وباتت طيِّعة لليهود.
وقبل إعلان الكيان لدولته الكبرى، يجري منذ سنوات عديدة، تفخيخ المنطقة بالصراعات الطائفية والسياسية، وكان للسعودية وسائر دول الخليج الدور الأبرز في تأجيجها، فكل دعوات الاقتتال بدأت من الرياض، واليمن خير شاهد على ذلك، وقبل العراق وسورية، وقريباً مصر والأردن، ولن يسلم حتى الحكام المطبعين من الذلة، كما لم يسلم بالأمس قادة الثورة العربية الكبرى، بعد أن مهدوا الطريق لاحتلال فلسطين.
بالنسبة للسعودية، فإن حكامها يرون في دولتهم و"إسرائيل" كياناً موحداً، وليس لديهم أي اعتراض على إقامة إسرائيل الكبرى، وسيتنازلون عن نصف مساحة المملكة لصالح اليهود، وما مشروع "نيوم" الذي تقيمه المملكة حالياً شمالٍ حدودها إلا استنساخ لمملكة "نعوم" التي ورد اسمها في العقائد اليهودية المحرفة، وسبق أن شرحه بالتفاصيل الشهيد الفلسطيني نزار بنات رحمه الله.
أما عن مصر، فقد تخلت عن غزة وفلسطين بذريعة تأمين مصالحها والحفاظ على استقرارها الداخلي، لكن المخطط اليهودي سيورطها في حربٍ وجودية مع إثيوبيا، رغم أن قيادة الدولتين عملاء للصهاينة، وما نراه اليوم من حراكٍ مصري في القرن الإفريقي هو مقدمة لمستقبل مظلم تنتهي فيه مصر من الخارطة خاصة إذا استخدمت أديس أبابا مياه النيل ورقةً لتدمير مصر، وتجفيفها عبر سد النهضة.
وفي الإطار نفسه، يجري تفتيت العالم العربي إلى كانتونات صغيرة، بدايةً من السودان واليمن، وقريباً في عمان ودول المغرب العربي، وكل دعوة للصراع هي تمهيد للحروب القادمة، كما أن كل دعاة التفرقة والطائفية هم عملاء للصهاينة، بداية من التيار الوهابي وغيره من الجماعات التكفيرية المعادية للإسلام والمسلمين.
ولا خلاصَ من كل ذلك إلا بدعم المقاومة في فلسطين ولبنان، فهم اليوم واجهة الجهاد والدفاع عن كل المسلمين، والتفريط فيهما هو تفريط في كل دول المنطقة، ولا بديل عن إعلان الجهاد من كل دول العالم العربي لنصرة الشعبين، مالم فإن المخطط أسوأ بكثير مما نظن، وسيهلك العرب جميعاً، ويتشردون في أرجاء الأرض كما فعلوا هم من قبل مع الشعب الفلسطيني.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب