السياسية || محمد محسن الجوهري*

غداة الذكرى السنوية الأولى لطوفان الأقصى، وجهت المقاومة الفلسطينية في غزة ضربات صاروخية موجعة للعدو الصهيوني، وطالت عمقه الاستراتيجي، حيث عاصمة الكيان، وأكبر تجمع لليهود المحتلين على الأراضي الفلسطينية، بالتزامن مع عمليات أخرى برية استهدفت جنوده على الأرض في محيط القطاع.

رافق العمليات الفلسطينية سلسلة أخرى من الهجمات نفذها رجال الرجال في جبهات الإسناد، في كلٍ من لبنان والعراق واليمن، وتَرَكَّزَ أغلبُها على عاصمة الكيان نفسها، لتؤكد للعدو ومن خلفه أن المعركة قائمة ومستمرة حتى النهاية الحتمية للصهاينة، كما في الوعد الإلهي بسورة "الإسراء"، وهو الأمر الذي لا مناص منه، ويعلم حقيقته العدو قبل الصديق.

ولو كان للعدو أن ينتصر في غزة، لكان له ذلك خلال سنة من إهلاكه للحرث والنسل، والإبادة الممنهجة لكل من في القطاع وما رافق ذلك من دعمٍ واسع من قبل الغرب والعرب، ولكن إرادة الله شاءت بخلاف ما يمكرون، ولم يعد أمام العدو أن ينجز في غزة أكثر مما ارتكبه من الجرائم والمآسي، ولو أن "إسرائيل" تعرضت لبعض ما قدمته لغزة، لكان هلاكها في أول أسبوع من القصف.

الأمر نفسه ينطبق على جبهة حزب الله والذي أثبت اليوم أنه في أقوى مراحله التاريخية، بعد أن تجاوز مجاهدوه الأشاوس أهم اختبارٍ إيماني في حياتهم، وبات استشهاد السيد حسن نصر الله -رضوان الله عليه- دافعاً قوياً لضرب العدو، وسبباً آخر لإسقاطه، وما أعظم رجال الله في لبنان وهم يقاومون اليوم بلا قائدهم، وما أسمى تضحياتهم وبطولاتهم، ومن المحال أن يصمد أي كيانٍ في العالم لو أصابه ما أصاب حزب الله، وما كان لهم أن يقدموا ما يقدمونه لولا أنهم على الحق، وأن رعاية الله تحيط بهم وتسدد ضرباتهم في نحر اليهود، قتلة الأنبياء والمرسلين.

أما عن جبهة العراق العظيم، فهي المفاجأة للعدو الصهيوني وفي ضرباتها الموت الزؤام، ولهذا اليوم كان الصهاينة، وعملاؤهم الأعراب، حريصين على تدمير الشعب العراقي وإغراقه بالطائفية والاقتتال الداخلي، لأنهم يعلمون خطورة شيعة آل البيت على مستقبل الكيان، وأن أهلنا هناك حاضرون في المعركة الكبرى والأخيرة ضد بني إسرائيل.

ونحن في اليمن، فقد تجاوزنا -بفضل الله- مرحلة العدو الإقليمي، وقبل العدوان تجاوزنا مرحلة الأعداء الداخليين، وأصبح الصراع اليوم مع العدو الصهيوني وجهاً لوجه، وبلا أدواته من الأعراب والمنافقين، وهذه علامة من علامات الهلاك والموت الكبير لليهود على أرض فلسطين، وهذه المرحلة الأخطر والأنكى عليهم، فليس وراءها إلا الموت المتتالي حتى زوالهم بإذن الله.

وبوقوف هذه الأطراف مجتمعة ضد العدو الصهيوني، يتبين لنا خطورة الولاء للإمام علي بن أبي طالب عليه عليه السلام على أعداء الأمة، فهو كلمة السر والعامل المشترك المحرك لكامل المعسكر المناهض لـ"إسرائيل"، كما كان عليه السلام قائد المسلمين في فتح خيبر، وارتبط اسمه بالرعب الأبدي لليهود، ولكل الفرق الضالة المرتبطة بهم، كالوهابية السعودية وأخواتها، وليس بمستغربٍ أن يفرح هؤلاء لمصاب الأمة، ويغضبوا لغصب اليهود، فهم منهم كما نحن -في محور المقاومة- من الإسلام والحق، والحمدلله على نعمة الولاية التي عصمتنا من أن نكون والأعراب في خندقٍ واحد.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب