السياسية || محمد محسن الجوهري*

بعد رحيل الشهيد السيد حسن نصر الله رضوان الله عليه يعود الخطر الوجودي إلى لبنان بعد أربعين عاماً من الاستقرار الذي وفره الحزب للبلد، وكان القوة الوحيدة القادرة على الدفاع عنه وضمان بقائه.

وفي حال تراجعت قدرات الحزب العسكرية، كما يأمل العدو الصهيوني، فإن لبنان برمته مهدَّد بالزوال، حيث لا ضمانات أخرى قد تبقيه قائماً في وجه أعدائه، كما أن الجيش اللبناني والقوى السياسية الأخرى، تعجز أن تقدم موقف واحد في مواجهة الكيان الصهيوني، في حال قرر الأخير إزاحة الجمهورية الصغيرة عن الخارطة، ولن يكون لبنان -عندئذٍ- أفضل حالاً من قطاع غزة الذي خذله العرب، وتركوه يواجه الصهاينة بمفرده.

وسيجد العدو الإسرائيلي ألف حجة لغزو لبنان، أقلها إخلاء البلد من السلاح، بما في ذلك السلاح الذي بيد الجيش اللبناني أو الفصائل الأخرى حتى تلك التي بحوزة التنظيمات المعادية سلفاً لحزب الله، فـ"إسرائيل" لا تكتفي عند حد، كما لا ينتهي شبقها للقتل عند رقمٍ معين.

وكما ارتكبت "إسرائيل" في 1978، وقبل تأسيس حزب الله، جرائم واحتلال وإبادة جماعية بحق الشعب اللبناني، فإن الكيان اليوم أكثر عزماً على استئصال لبنان من الوجود انتقاماً من حزب الله، وحتى يحظى بالأمن المطلق الذي كان يحلم به من قبل غزوه الأول للأراضي اللبنانية.

ويكفي أن يعيد اللبنانيون بمختلف فصائلهم، نظرةً على ماضي وطنهم بين عامي 1978 -2000، ليعلموا علم اليقين أن لبنان لا شيء بدون حزب الله، وهو الظهر الذي كان حامياً له في وجه كل الهجمات الشرسة التي تسعى لتفتيت بلد الأرز خلال السنوات والعقود الماضية.

حتى خصوم حزب الله لم يكن لهم أي قيمة بلا وجود الحزب، وما كان لأعداء لبنان أن يقدموا لهم أي مغريات إلا في ظل وجود حزب الله، وحتى يكونوا حجر عثرة أمام وحدة الصف الداخلي، وليبقى الحزب وحيداً ومقاطعاً داخل لبنان، وكل ذلك تمهيداً لغزوه وضربه في المستقبل، وقد حانت تلك الساعة في حسابات العدو، ولم يعد يرى قيمة لبقاء خصوم الحزب.

عندها فقط سيدركون حجم الخسارة، وأنهم فرطوا في أهم ورقة للدفاع عن بلدهم وعن بقائهم فيه، وسيعلمون حينها كيف كان حزب الله سداً منيعاً أمام كل المؤامرات الساعية لاحتلال لبنان وتشريد شعبه كما حدث من قبل ويحدث لاحقاً إذا فرطوا في الحزب مجدداً.

وكما يعرفون جيداً فإن الخطر على بلدهم مستطير من أكثر من جهة، ليس فقط من العدو الإسرائيلي، بل من حلفائه التكفيريين أيضاً، وهم من توعدوا بالقضاء على لبنان فور الانتهاء من سورية، ولولا تدخُّل حزب الله هناك لكانت لبنان اليوم ساحة للدواعش وغيرهم، ولانقضوا على كل سكانه، خاصة المسيحيين، الذين عارضوا بالأمس الوجود للحزب في سورية.

باختصار، مستقبل لبنان بيد ما تبقى من حزب الله، وإذا لم يتكاتف الجميع لضمان بقاء الحزب فإن البلد بكلها ستختفي من الوجود، فقوة لبنان من قوة حزب الله، كما كانت كرامته بالماضي من كرامة الحزب، ومن كرامة السيد حسن شخصيا، والذي لولاه لما كان للبد قيمة حتى في أوساط الأعراب الذين يرون في لبنان مجرد منتجعاً للسياحة والإفساد الأخلاقي.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب