لماذا نحزن على رحيله؟!
السياسية || محمد محسن الجوهري*
لأننا -أولاً- مسلمون، والإسلام يفرض علينا أن نغضب لله، كما يفرض علينا أن نفرح لله، وأن تكون كلَ مشاعرنا لله، وأن تبقى مناسباتنا كلها دينية وهو شرفٌ عظيم لنا أن نكون كذلك، ونعمة تستوجب منا الشكر الجزيل لله، سيما ونحن نرى غيرَنَا يفرح بفرح اليهود -كما هو حادثٌ اليوم- ويغضب لغضبهم، وهذه من علامات الردة، والنكوص عن سبيل الله الذي أمرَنا بمعاداة اليهود، وجهادِهم حتى يكونوا صاغرين، والأسباب واضحة جليِّة.
ثمَّ إنَّ للسيد حسن نصر الله محبته الخاصة في نفس كل مسلمٍ وكل حرٍ شريف في هذا العالم؛ فهو قريب جداً من مشاعرنا، وصورته مألوفة لنا، كما أن كل واحد فينا يرى فيه أخاً له أو أباً، فهو أحد أفراد عائلتنا، وهذا شعورنا نحن بالذات في اليمن، فقصة عشقنا له بدأت منذ زمنٍ طويل، منذ حقبة التسعينيات، وما تلاها من تحرير جنوب لبنان مطلعَ الألفين، حيث كنا نرى فيه حيدر العصر في زمنٍ أحكم فيه اليهود قبضتهم على الأمة واستطاعوا بوهابيتهم الدنيئة أن يصلوا إلى كل بلدٍ عربي، حيث كنا نهواه أكثر برؤيتنا لهم وهم ينفرون لسماعهم اسم نصر الله، كما ينفرون لسماع اسم جده علي بن أبي طالب عليه السلام، ولم نكن نعلمُ حينها الأسباب والدوافع، قبل أن تثبت الوقائع أنهم يهود بالولاء وأنهم يتحركون لحماية مصالح الكيان بتفريق المسلمين، وبث الأحقاد والعقائد الضالة في أوساطهم.
وقد تعززت مكانة السيد حسن في نفوسنا بعد العدوان الصهيو-سعودي على بلادنا، وكم كان لخطابه الشهير من أثرٍ في نفوس المجاهدين، فقد كان -في حد ذاته- جبهةً تعبوية كبرى، وعامل فخر وشموخ لكل يمني حُر يرفض الوصاية الصهيونية وعملاءها، ولم نكن -قبلها- نحلم بأن نحظى بشرف مناصرة السيد حسن، وأن نكون بمعيته في خندق واحد ضد أعداء الإسلام وعملائهم.
وصحيح أن الوجع لرحيله كبير، لكن ثقتنا بالله أكبر منه فإيماننا بالله يحتِّم علينا الثقة به، وبسننه التي لا تتخلف في هذه الحياة، ومنها أن يبعث على اليهود من يسومهم سوء العذاب إلى يوم القيامة، ولن يأتي يومٌ يتحقق فيه لليهود الأمن المطلق، وهو ما أكدته الوقائع المتتالية، وأولها ظهور السيد حسن خلفاً للسيد عباس الموسوي، الذي توهمت إسرائيل يوم اغتالته بما تتوهم به اليوم من سقوط جبهة حزب الله، وتحقيق الانتصار الكبير على محور الجهاد والمقاومة.
ولأن ثقتنا في الله كبيرة، فنحن نعلم علم اليقين أن الكيان إلى زوال، كما بشر الله بذلك في سورة الإسراء، ونعلم علم اليقين أيضاً أن خليفة السيد حسن أخطر على الكيان منه، وأن المرحلة القادمة أنكى لليهود من كل ما سبقها، وأنهم سيترحمون على أيام نصر الله، كما ترحموا من قبل على أيام السيد عباس.
أما عن اليهود، فنذكرهم بأن الموت هم مصيرهم القادم على أرض فلسطين، وما تجمعهم هناك إلا لذلك السبب، وأن ما بعد نصر الله أسوأ لكم وأدهى وأمر، فلنا نحن اليمنيين موعدٌ يجمعنا بكم على أرض فلسطين، وثالثنا الموت فنحن وعد الآخرة، ونحن أولو البأس الشديد، وعما قريب ستسوء وجوهكم بأفعالنا كما كان ذلك بالأمس، عشية فتح الإمام علي لخيبر، ووعود الله لا تتخلف أبداً.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب