المولد النبوي وتدشين موسم الانتصارات
السياسية || محمد محسن الجوهري*
ليست صدفة أن يتزامن احتفالنا بالمولد النبوي -على صاحبه وآله أفضل الصلاة والسلام- كل عام مع انتصارات سياسية وعسكرية يحققها المجاهدون -بفضل الله- على أكثر من جبهة، وفي أكثر من قطر إسلامي، وليس في اليمن وحسب، وهذه منِّة من الله على عباده الصالحين، وبركة من بركات الرسول (ص).
آخر مواسم الانتصارات النبوية كانت عملية طوفان الأقصى المباركة في قطاع غزة الصامد والتي أعقبت المولد النبوي الشريف بأقل من أسبوعين، وألحقت خسائر فادحة وغير مسبوقة بالكيان الصهيوني، بعد أن تمكن المجاهدون من كسر الحدود مع سائر الأراضي الفلسطينية، ونجحوا في تدمير "فرقة غزة" إحدى أقوى فرق الجيش الصهيوني، وسقوط الآلاف من أفرادها بين قتيل وجريحٍ وأسير، وبالتالي إخراجها كلياً عن الخدمة.
تلك العملية المباركة، كانت بمثابة صدمة هزت الكيان الصهيوني، وكادت أن تودي به لولا الفزعة الأمريكية وحصار الأنظمة العميلة لقطاع غزة، وتكالب أولئك جميعاً لإبادة الشعب الفلسطيني في غزة، رداً على مصرع الآلاف من جنود الاحتلال الصهيوني، إلا أنها تبقى عملية فاصلة في تاريخ الصراع مع "إسرائيل"، فقد كسرت الكثير من الحواجز والعراقيل التي كانت قائمة منذ 1948، كما أنها مقدمة لانتصارات كبيرة امتدت حتى مضيق باب المندب في البحر الأحمر جنوباً، وستستمر في التتابع حتى سقوط الكيان بإذن الله.
أما على الصعيد اليمني، فقد شهدت الأعوام العشرة الأخيرة انتصارات أسطورية مع كل احتفال لناٍ بالمولد النبوي الشريف حتى صارت المناسبة موسماً للانتصارات الإلهية، وبات العدو ومرتزقته يحسبون لها ألف حساب ويصابون بحالة من الهذيان السياسي طيلة أيام المولد ولياليه الخضراء.
ففي العام الماضي ألقى العدو بكل أوراقه لتفجير الوضع في صنعاء عشية الاحتفال بالمولد النبوي، وأخرج العشرات من أدواته إلى الشوارع بهدف التعتيم على المناسبة، إلا أنها كانت فرصة لكشف الكثير منهم، ووقوع شبكات تجسسية في قبضة رجال الرجال، وفي ذلك إنجازٌ أمني ما كان ليتحقق لولا فضل المناسبة، واضطرار العدو أن يلقي بأوراقه كافة لإحراقها.
وعلى ذلك النهج درج العدو في السنوات السابقة، وكان أشهر -بلا شك- فتنة الهالك عفاش، وكيف انتهى مخطط العمالة الذي استمر لعقود، بعد أن سعى الغبي لجعل المولد مناسبةً دموية وذكرى أليمة في نفسية كل يمني، فكان بذلك هلاكه وهلاك مشروع الخيانة الذي يمثله، لتنهار عقبها الكثير من جبهات العدو الخارجية، كجبهتي كتاف ونهم وغيرها، بعد أن أدركت دول العدوان أن انتصارها في اليمن من المستحيلات.
الأعوام التي سبقت فتنة عفاش شهدت انتصاراتٍ لا تقل عنها أهمية، فالكثير من طواغيت البلاد وعملائها تساقطوا واحداً تلو الآخر، مع كل مناسبة للمولد النبوي الشريف، ونجح المجاهدون في إخماد الكثير من الفتن، كما حدث في حروب دماج والقطعة وحوث وحجور، وكلها كانت بتمويلٍ وتخطيطٍ أجنبي، في إطار الحرب اليهودية على الرسول وأمته.
وبما أن الصراع مع أعداء الإسلام وعملائهم لا ينتهي، فالانتصارات قائمة إلى الأبد، فالله سبحانه وتعالى يقول: { وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا } البقرة 217، وفي هذا تنبيه لخطورة أعداء الإسلام، واستمرارية عدائهم لأمة محمد، سواءً كان بالحرب المباشرة، أو عن طريق جدرهم من العملاء والمرتزقة، وكل ذلك محكوم عليه بالخسران مادام والمجاهد اليمني لهم بالمرصاد.
ويكفي أننا نعلم اليوم أن مَن يحاربون المناسبة، ويمولون الأنشطة المعادية لها، هم أنفسهم من يساندون الكيان الصهيوني لإبادة مسلمي غزة والضفة، وهم أنفسهم من شنوا عدوانهم على اليمن قبل عشر سنوات، وكذلك حال الجماعات والأحزاب السياسية الموالية لهم في الداخل والخارج، والمعروفة بعدائها لأي مناسبة تذكِّر الأمة بنبيها ودينه، وباستعدادها للدفاع عن الكيان الصهيوني لأسباب عقائدية صنعها لهم اليهود، فهم -أي اليهود- وراء كل جريمة، ووراء كل صراع وفتنة بين أبناء الأمة الإسلامية.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب