علي عبد الرحمن الموشكي*

مرت الأُمَّــةُ بالعديد من النزاعات والحروب والمواجهات والغزو الذي أطاح بدول وبنى دول لصالح الأنظمة الأمريكية والإسرائيلية والذي كان الهدف الأَسَاسي هو إخضاع الدول العربية بشكل كامل لقرار ووصاية أمريكية ومن خرج عن صف أمريكا و”إسرائيل” تشكل لمواجهته تحالف عالمي وبأيادٍ عربية وأموال عربية لإخماد عروبته ونزع إنسانية وكرامته ومن يجدون فيه شبه مرونة لتجنب ضراوتهم يفرضون عليه حضر وعقوبات حتى يصل إلى مرحلة شبة العجز الكامل والذي يؤدي إلى خلق انقسامات وثورات من الداخل.

كل ذلك يأتي؛ بسَببِ الأطماع الدنيوية وغياب الرؤية والهدف والتوجّـه القرآني الذي يعزز من حالة الإباء والعزة والكرامة، فنجد كُـلّ من يتحكمون في رأس الدول العربية لا يبنون سوى مصالحهم الشخصية ويذرون الفتات على موائد الشعوب من الخدمات الأَسَاسية التي تجعلهم في وضع غير مستقر وكأنهم في وضع ترحال، وهذا ما جعل الأُمَّــة لا تعتمد على نفسها في الصناعات والزراعة والبناء والارتقاء كما هو حال بقية شعوب العالم، الذين يبنون أَسَاساً قويًّا في كافة المجالات وإن تبادر إلى ذهن المواطن العربي الارتقاء في بعض الدول العربية ولكن عليك أن تطلع من أين أتى هذا الارتقاء ومن المتحكم فيه ووفق أية سياسات اعتمدت عليها هذه الدول ولصالح من هذه المؤسّسات الصناعية التي لا ترتقي إلى أبسط مؤسّسة أَو مصنع من المصانع في دول العالم وإن وجد من أين تأتي مواده الخام ووفق أي معيار تم تشييده ولمن يخدم هذا المصنع أَو المؤسّسة الصناعية أَو الطبية أَو التعليمية أَو غيرها ومن الكفاءات والخبرات التي تعمل فيه؟!

هذا هو الخزي الذي يعرفه كُـلّ شعوب العالم ولا يدركه أنظمة شعوب عالمنا العربي، ويأتي بعض زعماء ورؤساء وملوك الدول العربية ليتفاخروا ويقارنوا أنفسهم بالدول العظمى، وهم في الواقع أُضحوكة وأُلعوبة يسيرونه كيف ما يشاؤون ويوجهونه نحو السلام المكذوب والإنسانية المزعومة التي افتقدناها في واقعنا العربي أمام مشاهد الإبادة الجماعية بحق شعوب الوطن العربي والتي أَسَاسها ومنبعها الكيان الصهيوني، وللأسف سيرون ما هو أكثر من ذلك وفق المخطّطات الصهيونية العالمية من خلال استمرار حالة الصمت والذل والخزي أمام ما يجري وما قد جرى في العالم العربي والإسلامي.

ولا سبيلَ لهم سوى الرجوع إلى الله والتوبة والتجرد من الأطماع الدنيوية واستشعار المسؤولية الدينية أمام الله؛ لأَنَّنا راحلون جميعاً من هذه الدنيا الفانية والزائلة ولن يؤمن مستقبلكم ومستقبل أجيالكم وأسركم في الدنيا وفي الآخرة سوى العودة الجادة والصادقة والتوبة إلى الله واستشعار ما وصل إليه الحال في الوطن العربي ولكم عبرة في أنظمة عربية كانت تخدم أمريكا و”إسرائيل” بكل إمْكَانيتها كيف ذلوا وقتلوا وأهانتهم وداستهم بأقدامها أمامَ العالم دون رحمة!

ولو تأملنا بتمعُّنٍ وبدقةٍ وراجعنا تفاصيلَ الانتصارات العظيمة التي تدورُ رحاها في محور المقاومة بإمْكَانيتهم البسيطة لوجدنا أن معيار الإيمان الحقيقي نابعٌ من الثقة والتوكل والاعتماد على الله وحده ولا سواه، وهو الذي على أَسَاسه قلب موازين على أعداء الله؛ لأَنَّ النصر بيد الله والتأييد بيد الله وحده ولينصرن الله من ينصره.

* المصدر : صحيفة المسيرة
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه