السياسية || محمد محسن الجوهري*

"إسرائيل" ليست دولة طبيعية، كما هو معروف فهي "كيان صناعي" أنتجه الاستعمار الغربي في قلب الأمة العربية، وتقوم حمايته على الغرب وأدواته في المنطقة، ولا سبيل لأن تعتمد "إسرائيل" على حماية نفسها بنفسها، فذلك في عداد المستحيل حسب ما يؤكد الخبير الإسرائيلي "مردخاي قيدار".

وإذا كانت أمريكا اليوم غير قادرة على حماية سفنها العسكرية في البحر الأحمر، وتسحبها الواحدة تلو الأخرى بعد تفاقم التكلفة والخسائر دون جدوى، فهل بالإمكان أن تدوم الحماية الأمريكية للكيان الإسرائيلي، لا سيما وهناك من يهتف بزواله ويتحرك لأجل ذلك تحركاً عملياً على الأرض؟

النتيجة يعرفها اليهود حق المعرفة، ويعلمون أن نهايتهم على أرض فلسطين حتمية لا مفر منها، وأن تلك النهاية ستكون يمنية بامتياز، كما هو مكتوبٌ في أسفارهم الدينية، لكن قرار بقائهم في فلسطين ليس بيدهم، فإرادة الله أن يكون هلاكهم الموعود هناك، حيث تمادوا عبر الأجيال في ارتكاب المجازر والجرائم، بدءً بقتل الأنبياء وانتهاءً بما نراه اليوم في غزة والضفة.

ومع اقتراب وعد الآخرة، يبدأ الكيان في التفكك والتلاشي، ويتزايد الخطر يوماً بعد آخر، خاصة وأن أعداء "إسرائيل" يطورون أدوات الموت تدريجياً، وباتوا يملكون منها ما يدلل على اقتراب النهاية، وما عملية "يافا" اليمنية إلا مؤشر على امتلاك اليمانيين ما يسؤون به وجوه بني إسرائيل، وما يتبرون به علوهم وإفسادهم.

ولعلم اليهود بأهمية اليمن في مشروع وعد الآخرة الإلهي، سعوا منذ القدم إلى تدجين شعبه بالعقائد الضالة والأزمات المتلاحقة، فكانت الوهابية السعودية والإفساد الأخلاقي الذي ترعاه المنظمات الدولية، ونجحوا في إيصال الخونة إلى سدة الحكم لعقود طويلة، إلا أن إرادة الله تجلت في الآخر، وتمكن اليمن من استعادة هويته الإسلامية الصحيحة، وبها تترسخ اليوم تعبئته الجهادية استعداداً لمعركة الحسم مع اليهود، ومسيرات الشعب اليمني الأسبوعية خير شاهد على تجلي إرادة الله في اليمانيين، رغم حجم المؤامرات والتضليل الإعلامي.

ومع انطلاق طوفان الأقصى، ظهرت الكثير من الحقائق التي كانت بعيدة في رأي الناس، واقترب معها الدور اليمني المأمول لتحرير الأقصى وكل فلسطين، وهاهو اليمن يتصدى للمصالح الغربية في البحر، في موقف أندر من الزئبق الأحمر، كما يصفه خبراء الساسة، وتصدر المشهد معلناً اقتراب زوال الكيان الصهيوني، وما المسألة إلا مسألة وقت وإمكانات لا أكثر، حتى نرى الدمار المهول لمستوطنات اليهود في فلسطين.

ولذا فإن الرهان على الخاسر خاسر، وأمريكا اليوم تلازم الفشل، ويشهد بذلك ساستها وإعلامها، ولا يحتاج الأمر إلى تعقيد أكثر حتى تتضح الصورة أكثر لليهود، ففي أي لحظة قد يتغير الوضع رأساً على عقب، ويرى اليهود الموت من كل جهة، وحتى من أطراف عربية كانت حامية لهم، حيث لا ضمانات بأن تبقى الأمور على حالها، كما لا قدرة لواشنطن على حماية أمنها ومصالحها بعد اليوم.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب