السياسية || محمد محسن الجوهري*

الموقف الرسمي لآل سعود مؤشر على رضا وسخط الكيان الصهيوني، ولا حظ لأي نظام بالقبول في الرياض إذا لم يعلن تصهينه ورضاه عن "إسرائيل"، ولهذا لا أمل أن ترضى السعودية عن اليمن على الإطلاق، وهذا مقياس لرجولة الشعب اليمني، ولصحة مواقفه المبدئية، ولولا سخط آل سعود على اليمن لشككنا في صوابية مسارنا.

وللأسف الشديد، ثمة من ينخدع بالسعودية وبطائفيتها المعلنة، فيسعى لرضاها بافتعال الأزمات الطائفية، كما فعل الإخوان من قبل في اليمن ومصر، ولكن ذلك لا يكفي ليرضوا عنك، فلا بد من التجند التام لخدمة "إسرائيل"، وفي حال رضت الأخيرة فسيرضى آل سعود رغماً عنهم، والشواهد كثيرة، منها موقف الرياض من القاهرة قبل وبعد توقيع معاهدة "كامب ديفيد"، وكذلك موقفها من طهران قبل وبعد قيام الثورة الإسلامية.

ولا يزال البعض يجهل هذه الحقيقة عن آل سعود فيسعى لكسب ودهم بالمديح والتزلف، كما فعل الرئيس المصري السابق محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان، إلا أن الرياض لم ترض عنه لأن قرارها ليس بيدها، كما ظن مرسي، بل بيد الصهيونية العالمية، وهنا كانت الكارثة وخسر الإخوان حكم مصر إلى الأبد.

الأطرف في حياة مرسي أنه أراد أن يرضي السعودية بالثناء على أبي بكر وعمر عثمان في طهران، أثناء قمة دول عدم الانحياز عام 2013، وهذا يؤكد أن فرضية الصراع الطائفي انطلت عليه، وهذا جهل كبير منه بالسياسة، فآل سعود أعداء للإسلام وليس فقط للصحابة، وما عنوان الدفاع عنهم إلا ذريعة لافتعال أزمات جانبية لخدمة الكيان المؤقت.

ولو كانت دوافع السعودية طائفية، لوقفت إلى جانب الشعب الفلسطيني الذي ليس فيه شيعي واحد، ولكن ما الفائدة من كون الشعب الفلسطيني من أهل السنة -حسب الثقافة السعودية- ما دام يرفض الاحتلال ويسعى لزوال "إسرائيل"، وهذا هو الخطر الوجودي على المملكة وعلى الكيان في وقتٍ واحد.

وفي اليمن، حيث الإجماع على نصرة القضية الفلسطينية، تمعن المملكة في إهانة مرتزقتها رغم إذعانهم المطلق، والسبب ليس في قلة ولائهم للرياض وآل سعود، بل لأنها تريدهم متصهينين في العلن، وهذا ما يرفضونه لأسباب تتعلق بالحفاظ على ما تبقى من جماهيرهم قبل أن يخسروها، ولهذا تستمر مأساتهم ويتمادى آل سعود في إذلالهم وإهانتهم، ولا سبيل أمامهم سوى الثورة على التدخل السعودي، ورفض تواجدهم على الأرض اليمنية، فمن يقبل بآل سعود سيضطر أن يقبل باليهود.

ولذا لا بد أن نراجع مواقفنا حسب الرؤية السعودية، فهي مؤشر على صحة توجهاتنا من عدمها، ولا خير في طرفٍ ما، وقد رضيت به المملكة، فذلك إعلان للتطبيع مع الكيان الصهيوني، فآل سعود أشد كفراً ونفاقاً، ويكفي أن تلقي نظرة واحدة لإعلامهم حتى تتأكد أنهم أعداء لغزة وحلفاء لإسرائيل، ولا أدل على ذلك أيضاً أكثر من الجسر البري الذي يزودون به اليهود بكل ما يحتاجونه ليتسمروا في إبادة المسلمين، في حين يحاصرون غزة ويمنعون أهلها من الغذاء والدواء.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب