الحرب على غزة من الحرب على رسول الله
السياسية || محمد محسن الجوهري*
ليس هناك منكرٌ أكبر من جرائم اليهود بحق مسلمي غزة، وليس هناك ذنبٌ أكبر قبحاً من تخلي المسلمين عن إخوانهم وهم يواجهون ما يواجهونه على يد أعداء الله وعبدة الشيطان من أهل الكتاب، وقد تكالبوا على قتلهم كما تتكالب الأكلة على قصعتها، والله المستعان.
وفي إطار هذه المأساة، لا قيمة لسائر العبادات من صلاة وصيام وحج، إذا تعمدنا ترك النصرة لمسلمي غزة، فكل فرد منا محاسب عليها حسب قدرته واستطاعته، وسيدفع الجميع ثمن خذلان غزة في الدنيا والآخرة، فكل مصاب تبلى به الأمة هو من عواقب ذلك التقصير، وكل قاصمة تصيب أي فردٍ منا، فهي للذنب نفسه.
والأدلة على ذلك كثيرة في الكتاب والسنة، ولا مجال لحصرها، ويكفي ما ثبت عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: (من أصبح وهمه غير الله عز وجل فليس من الله في شيء، ومن لم يهتم للمسلمين فليس منهم)، ولا نستبعد أن يتعرض هذا الحديث للتشكيك من قبل شيوخ الضلال والوهابية، لما فيه من حثٍّ لأمة محمد على التوحد والاعتصام بحبل الله، وهذا مالا يطيقون رؤيته.
ومما يؤسفنا في هذه الأيام، هو غياب الحديث عن الجهاد في سبيل الله، رغم أن الجهاد ضد اليهود هو الواجب الذي لا شك فيه، وعوضاً عن ذلك نسمع شيوخ الضلال يتحدثون عن الدين وكأنه طقوس وشعائر مجردة وبعيدة عن هموم الأمة ومعاناتها، وفي ذلك افتراء كبير على الله وقد تحدث عن الجهاد طويلاً في كتابه العزيز، وحصر الإيمان بالجهاد في سبيله بقوله تعالى: ﴿إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون﴾ [الحجرات: 15].
والغريب في هذه الآية العجيبة، أن الحديث عن الجهاد بالمال والنفس كان في إطار الرد على الأعراب وحقيقة زعمهم للإيمان، وكأنها أنزلت في زمننا الحاضر، بعد أن تصدر الأعراب المشهد، وسعوا إلى حرفه عن مساره بتغييب فريضة الجهاد، واستبدالها بالفتن الطائفية والاقتتال بين أبناء الأمة والواحدة.
ومن شواهد هذه الآية، أن الأعراب يحتفلون بمناسبات كثيرة، بعضها غير إسلامي، وبعضها يهودي، حتى إذا سمعوا ذكر الرسول ومولده الشريف ثارت ثائرتهم، وأعرضوا وهم مستكبرون، فكيف لا يعرضون بعدها عن نصرة المسلمين في غزة، وقد تحول عندهم ذكر النبي إلى جريمة لا تغتفر، فمن يعادي الرسول يعادي أمته بلا خلاف، ولا أمل منهم في نصرة الإسلام والمسلمين.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب