السياسية || محمد محسن الجوهري*

هل من جريمةٍ أكثر فظاعةً قد تحرك نخوة الحكام والشعوب العربية أكثر مما نراه في غزة من عربدةٍ صهيونية وتأكيدٍ يهودي محض بأن الحرب على الشعب الفلسطيني هي حربٌ دينية بامتياز وليس مجرد صراعٍ بين الكيان وحماس، كما يدَّعي صهاينة العرب وإعلامهم الرخيص!

جريمة جنود العدو بتدنيس نسخٍ من القرآن الكريم، بمسجد بني صالح بغزة، لم تبق للمسلمين من عذر، وأثبتت للقاصي والداني أن اليهود لا يتركون فرصةً لإظهار حقدهم للأمة الإسلامية دون أن يظهروها، وبات العالم كله يعلم أنها حربٌ دينية لا تستثني أحداً من المسلمين، لكنَّ كارثة الأمة أن حكامها لا يقلون بغضاً للأمة نفسها من أعدائها اليهود، وأن الإسلام مستهدفٌ من حكام العرب قبل الصهاينة، ولهذا ينشطون عند الصراعات البينية، ويحرضون المسلمين على الاقتتال الداخلي، كما هو حادثٌ في اليمن والسودان وسورية وليبيا وغيرها، ويختفون عند الصراع مع اليهود، بل ويتسابقون على إمدادهم بالغذاء والدواء حسب الممكن، وأكثر من الممكن.

وللعلم، فإن قبول العرب بتدنيس القرآن الكريم سيتلوه مشاهد أكثر إساءة للإسلام والمسلمين، فاليهود لا يتوقفون عند أي حد، وما مشاهد مسجد بني صالح الأخيرة إلا مقياس لردود فعل الأمة، وسيتطاولون أكثر فيما بعد ولا خيار إلا الرد على تلك الإهانة، أو الثورة على حكام العار والتطبيع سواءً في مصر، أو دول الخليج.

والتساؤل اليوم: أين اختفى شيوخ الضلال الوهابية ممن يتصيدون أخطاء الأمة ويتداولونها وكأنها هدم للإسلام؟
لقد تضاءل صوت الوهابية السلفية منذ اندلاع عملية طوفان الأقصى، وتبخرت مواقفهم حتى لا تطالبهم الأمة بإدانة جرائم اليهود في غزة.

ولأن المجرم هنا يهودي فهم لا يجرؤون على إدانته لأسباب كثيرة، منها أنهم واليهود وجهان لعملة واحدة، وأن مصدر التمويل لتحركهم يشرف عليه أرباب الصهيونية العالمية، ولا أمل في أي حراك ضد لليهود من قبل من تلقوا عقائدهم من اليهود، ويكفي بغزة اليوم أنها فضحت أصحاب العقائد الضالة من السلمية.

ولنتذكر أن القادم أسوأ للمتخاذلين عن نصرة الله وعباده في غزة، فالعاقبة شديدة وعذاب الله أشد من حرب اليهود، ولا خلاص منه إلا بالتحرك -حسب الاستطاعة- للثأر من الصهاينة ونصرة المسلمين في غزة، سيما وهم يدفعون بمفردهم الخطر عن الأمة جمعاء، فالحرب حرب المسلمين كافة، وليس فقط حرب أبناء غزة.

وما بحوزة العرب من إمكانات يكفي لزوال "إسرائيل" بمجرد تفعليها، ويكفي أن يمدوا أهل غزة بالسلاح وتحقيق بعض التكافؤ العسكري هناك، حتى تنكسر شوكة "إسرائيل" ويتلاشى ردعها، فسر قوتها اليوم فقط في حصار العرب لغزة، ومنعهم وصول حاجة القطاع من الغذاء والدواء والسلاح، وإلا فرجال غزة أشداء وبهم من النخوة ما يكفي العرب قاطبة.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب