السياسية || محمد محسن الجوهري*

أسابيع والعدو الإسرائيلي يترقب بذعر رد حزب الله على اغتيال الشهيد فؤاد شكر، متوقعاً أن الهجوم اللبناني سيكون عشوائياً وبلا نتائج موجعة، إلا أن الهجوم ضرب الكيان في مقتل وحال دون تحقيق الصهاينة لعربدة جديدة كنا نتوقعها في لبنان، على غرار ما يرتكبه يومياً في غزة منذ قرابة العام، وهذا يؤكد أن إسرائيل لم تعد تقوى على فتح جبهةٍ جديدة في الشمال، أو أن ضربات حزب الله دمرت مكامن القوة التي كان يراهن عليها في الرد على لبنان.

ومنذ أن كشف حزب الله عن مشاهد "هدهد" التجسسية والعدو الصهيوني يعلم أن أي معركة مع حزب الله هي انتحار حقيقي، فالحزب يملك قوة الردع إلى جانبها يستطيع أن يصل إلى عمق جيش الاحتلال الإسرائيلي، وبالتالي فإن لا جدوى من أي ضربات معادية لحزب الله، ولذل ردت "إسرائيل" اليوم بأكثر من 40 غارة على مناطق مفتوحة خالية من السكان ومن مسلحي حزب الله.

إعلامياً، تبنت تل أبيب أكثر من رواية للرد على الهجوم، الأولى بأنها اعترضت صواريخ ومسيرات حزب الله وبالتالي لم تصب أهدافها قبل أن تتراجع وتؤكد عن طريق الجيش أن الهجمات أصابت قواعد عسكرية، ولكن عقب إخلائها وأن الرد مقتصر على قصف المناطق الخالية بمحاذاة الحدود الفلسطينية – اللبنانية.

حزب الله من جهته، أكد أن العملية هي خطوة أولى من سلسلة عمليات رداً على اغتيال الشهيد شكر، ما يعني أن الأيام المقبلة تحمل مفاجئات أخرى أكثر رعباً للصهاينة، وأن حرب السماء المفتوحة لا يزال قائماً بخلاف ما يتمنى الصهاينة، حيث سيضطرون لقضاء فترات أطول في الملاجئ، حيث أعادت الجبهة الداخلية للكيان التعليمات ذاتها للمستوطنين بشأن إجراءات الطوارئ، وأن الوضع قابل للتدهور في أي لحظة قادمة.

وهنا تتضح مفارقة كبيرة في تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني، وهي أن اليهود أعجز اليوم عن الرد بخلاف وضعيتهم السابقة مع العرب، حيث كانت "إسرائيل" على استعداد لتشن اجتياحاً واسعاً لأي بلدٍ عربي بمجرد أن تتعرض لهجومٍ -ولو محدود- من قبل ذلك البلد.

وبعجز الكيان عن الرد في لبنان، وإفصاح جيشه عن نوايا مسبقة بأنه لا يسعى لتأجيج الوضع في الشمال، يتبين أن "إسرائيل" دخلت مرحلة الوهن الكبير، وأنها أعجز عن الرد على الهجوم الإيراني المقبل، والذي بلا شك سيكون أكبر من هجوم حزب الله وأشد فتكاً، وبناءً عليه فإن حرباً طويلة الأمد مع الجانب اليمني ستكون أكثر رعباً لـ"إسرائيل"، خاصة وأن الحرب مع اليمنيين لا تنتهي بعامٍ أو بعامين، بل قد تطول لأعوام طويلة، كما حدث من قبل مع حلفاء الكيان في الرياض وأبوظبي، حيث فشل مخططهم لشن حربٍ قصيرة الأمد على الأراضي اليمنية، لتمتد المواجهات إلى نحو ثمان سنوات، واستطاع خلالها اليمنيون أن يستعيدوا المبادرة وأن يوجهوا ضربات انتقامية في عمق السعودية والإمارات.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب