السياسية || محمد محسن الجوهري*

من المفارقات العجيبة التي تكشف خفايا الصراع في اليمن، أن من ينفرون من احتفالنا بالمولد النبوي -على صاحبه وعلى آله أفضل الصلاة وأزكى التسليم - لا يتحرجون من إحياء مناسبة وثنية تتعلق بالصنم "عثتر" الذي عبده الجاهليون قديماً، ويقيمون الفعاليات والأمسيات الأدبية لتخليده وإعادة إحيائه في الثقافة الشعبية.

وهذا يؤكد أن الحرب في اليمن حربٌ دينية، وأن العدوان على شعبنا امتدادٌ للحرب اليهودية على الإسلام والمسلمين، وإلا فالرسول (ص وعلى آله) هو نقطة جامعة ينبغي أن يلتقي عندها كل المسلمين، بمختلف مناطقهم ومشاربهم، ولا ينبغي أن ينفر منها إلا من كان في قلبه مرض، أو لديه عقدة اليهود تجاه الرسول والرسالة.

شيوخ حزب الإصلاح على سبيل المثال يحرضون أتباعهم على مناهضة المناسبة النبوية، ويبيحون قتل كل من يحتفل برسول الله، وسبق أن نفذوا تفجيرات انتحارية ضد المحتفلين بالمولد النبوي الشريف في أكثر من مناسبة، أبرزها في محافظتي إب والجوف، ونتج عن ذلك المئات من الشهداء والجرحى من مريدي وأتباع رسول الله.

وفي الوقت نفسه ينظم حزب الإصلاح في مناطق سيطرته مهرجانات شعبية للاحتفال بالصنم عثتر (الوعل)، ويرصدون لها الميزانيات الكبيرة، ويثقفون أنصارهم بأهمية إحياء المناسبة، ولا يترددون في استخدام عبارات التقديس والتأليه لذلك الصنم، ويبررون وثنيتهم تلك بدوافع وطنية في غير محلها، متجاهلين نعمة الإسلام، ومتبرئين منها في الوقت نفسه.

وعلى ذلك سائر فصائل المرتزقة، سيما العلمانيون منهم كالعفافيش والملحدين ومن لفَّ لفهم، وكان على استعداد لنبذ الدين وكل الثوابت الإنسانية من أجل المال القادم من السعودية والإمارات، أو من أي جهة دولية تدفع مقابل الخروج من الإسلام.

أما الجهات التكفيرية الموالية للإصلاح، فإنها تتجاهل الحديث عن تلك الطقوس الوطنية وتركز عِداءها على المحتفلين بالمناسبات الإسلامية وحسب، ليؤكدوا من جديد أن الدواعش والإخوان صنيعة الغرب لضرب الثوابت الإسلامية من الداخل، ولو أنهم مسلمون فعلاً لرأينا لهم بعض المواقف الصادقة تجاه الوثنيين الجدد، وضد الأحزاب التي ترعى فعالياتهم الكفرية.

من المفارقات الأخرى، أن أعداء المولد النبوي هم عينهم أعداء غزة والقضية الفلسطينية، ولهم مواقف معلنة تكّفِر الفصائل الفلسطينية المجاهدة، وترى أن التعاون مع "إسرائيل" خير من التعاون مع أنصار القضية الفلسطينية أو الدفاع عنها بل ويكثفون من فتاويهم التكفيرية للإسلام والمسلمين ويغضون الطرف عن اليهود وحلفائهم في الرياض وأبوظبي، وكذلك الفصائل الموالية لهم من مرتزقة اليمن، وحيثما وُجدت السعودية وجدت القاعدة وداعش وحزب الإصلاح، ولم يعد خافياً أن السعودية دولة صهيونية بامتياز، وأن آل سعود هم الحماة الأخلص للكيان الصهيوني.

وخلاصة كل ذلك أن معسكر اليهود والمنافقين مستمر في حربه المعلنة على رسول الله، وترفض أن يبقى حياً في نفوس أمته وتسعى لقطع كل الأواصر التي تربطنا بسيرته، فيما تحيي - بكل فخر- أي مناسبة تناهض رسول الله وتتبرئ منه، وما حربهم على اليمن اليوم إلا في إطار الحرب الدينية على الإسلام والمسلمين، ويكفينا شرفاً وفخراً أن نكون في صف الفريق الموالي للرسول والمعادي لأعدائه، ولو كلفنا الأمر مهما كلف، فنحن - بفضل الله - على الحق والصراط المستقيم، يشهد بذلك حبنا للنبي وآله ونصرتنا لفلسطين وسائر ثوابت الأمة الصحيحة.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب