السياسية || صباح العواضي*

بعد انتصار ثورة "الحادي والعشرين" من سبتمبر، كان لابد من تغيير جذري لإرث عقود من الزمن تجذر فيها الفساد بقصد أو بدون قصد، كانت هذه رؤية قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، منذ انطلاق الثورة المباركة، والتي حددتها مسميات عدة منها "يد تحمي ويد تبني"، "حكومة انقاذ وطني"، "تغييرات جذرية"، والتي اعقبت خطوات الثورة، لكن ما حدث كان أقوى مما توقعته أروقة السياسة.

اتجهت ثورة 21 سبتمبر المباركة بقيادة السيد القائد وبمشاركة أبناء اليمن إلى تحرير البلاد من الوصاية الخارجية والدفاع عنها والتصدي للعدوان السعودي- الإماراتي الذي استهدف كل مقومات الحياة وبشكل متعمد، فكان لابد من تشكيل حكومة انقاذ وطني راعت فيها التشكيلات الحزبية والمناطقية والطائفية، وعملت كما رسم لها.

إن تشكيل حكومة التغيير والبناء في ظل التحديات الراهنة والماثلة أمام الشعب اليمني، يمثل تحديا كبيرا يستدعي بذل أقصى الجهود لمواجهة تداعيات العدوان السعودي الأمريكي على اليمن، والعمل على رفع الحصار الظالم واسترجاع ثروات البلاد، وتحرير الأراضي اليمنية كاملة من دنس الاحتلال.

وجاء تشكيل الحكومة الجديدة بعد وقت طويل والذي اخذ جهدا ولم يكن بالأمر السهل، حسب قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في خطاباته بهذا الشأن، فقد تطلب الامر وقتا لتشكيلها واختيار أعضائها بعناية ودقة، مع تنظيم وزاراتها ومؤسساتها ومراعاة ايقاف التضخم الوزاري، إضافة على الخطوات التي سترافق معالجة مشكلة التضخم الهيكلي للدولة على مستوى كل وزارة، والعمل على تحديث النظم واللوائح وتطوير برامجها، بما يخدم التطلعات العامة التي تحمي استقلال وسيادة اليمن وتحقيق انتصارا كبيرا على المستوى العسكري والاقتصادي والسياسي، وبما يتوافق مع مقتضيات الوظائف العامة وأهداف ومتطلبات المرحلة في إطار تصحيح الوضع الداخلي لمؤسسات الدولة.

السيد القائد يحفظه الله أكد أهمية التكامل في الادوار بين الشعب اليمني وحكومة التغيير من أجل النجاح المنشود باعتباره ضرورياً في ظل الظروف الصعبة والحرب الشاملة التي تستهدف اليمن.

ويؤكد مسمى التغيير والبناء للحكومة الجديدة حرص القيادة الثورية والمجلس السياسي الأعلى على المضي قدمًا في إحداث تغيير جذري حقيقي ومعالجة للأداء الحكومي من خلال اختزال الحكومة إلى 19 حقيبة، بعد كان هناك أكثر من 44 حقيبة وزارية، راعت فيها الكفاءة والتنوع والشراكة، وحدّت وقلصت من التضخم في الجسد الحكومي، باعتبار ذلك بداية مسار إصلاح الأداء الحكومي والسلطة القضائية وتصحيح الأوضاع في مختلف مرافق وهياكل الدولة ورفدها بالكوادر والشخصيات الوطنية العلمية المؤهلة والنزيهة وذات الكفاءة العالية بعيداً عن التصنيف والهويات السياسية والمحاصصة الحزبية والانتماءات الضيقة كما كان سائداً في الماضي.

إن أهداف التغيير الجذري يتمحور حول تحقيق آمال الشعب اليمني في الحرية والاستقلال والعيش الكريم وتحقيق الخير للبلد وتجسيد الانتماء الإيماني الأصيل لشعبنا، وهذا ما أكده قائد الثورة أن من يتوجهون لإعاقة مسار التغيير، هم من حساباتهم ضمن المصالح الشخصية والحزبية والفئوية الضيقة، ومن يريد الخير لبلده وشعبه سيحرص على أن يسهم بشكل إيجابي وبنفس صافية لبناء البلاد.

وتبرز أمام الحكومة اليمنية الجديدة تحديات كبيرة ومهام في عملية البناء في كافة المجالات، وفقاً للتوجهات العامة والثوابت الوطنية، بعيداً عن الارتجالية والمصالح الشخصية الضيقة، وبما يلبي الآمال وتمنيات المواطنين وبالإمكانات المتاحة، والحرص على تماسك الجبهة الداخلية واستمرار دعم الشعب الفلسطيني ونصرة قضيته.

* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه