أمريكا تُقر بفشل بحريتها وتستجدي حلفاءها للمساعدة
السياسية || محمد محسن الجوهري*
أراد "رام إيمانويل"، سفير واشنطن لدى طوكيو، تبرير هزيمة الأسطول البحري لبلاده في اليمن، فقدم إقراراً يفوق في صداه حجم الهزيمة نفسها، عندما اعترف بأن البحرية الأمريكية تعاني أزمة تمويل كبيرة، أن أكثر من ثلث قطعها العسكرية خارج الخدمة.
وفي مقالٍ له على "الواشنطن بوست" بعنوان "البحرية تنهار، ونحن بحاجة إلى مساعدة حلفائنا لإصلاح سفننا"، أكد السفير الأمريكي ذو الأصول اليهودية والصهيوني المتعصب، أن البحرية الأمريكية تشكو من التدهور والانحدار، وأن المشكلة ليست مؤقتة، بل نتاج سنوات من النمطية السلبية التي أدت إلى تآكل الأسطول الأمريكي جراء "التأخيرات المزمنة في الصيانة والإصلاح، وتجاوز التكاليف، والرحلات البحرية الطويلة "حسب قوله.
وأورد رام مثالاً على فشل بحرية بلاده، فالسفينة الهجومية البرمائية "يو إس إس بوكسر" لا تزال خارج الخدمة منذ عامين، بسبب مشاكل هندسية دورية، وقد كلفت صيانتها 200 مليون دولار، ما ضاعف الضغط على نظيرتها "يو إس إس باتان"، التي تواجه هجمات الحوثيين قبالة سواحل اليمن.
وأضاف أن "البحرية الأمريكية تفشل في تحقيق أهدافها الإنتاجية بما في ذلك بناء غواصتين نوويتين سنوياً، ولن تتمكن من تحقيق ذلك حتى عام 2029 على أقرب تقدير، مع وجود 36% من أسطول الغواصات في الصيانة أو في انتظارها".
ولم ينس أن يستجدي المساعدة من حلفاء أمريكا، خاصة اليابان وكوريا الجنوبية، لتقديم المساعدات لصيانة القطع البحرية الأمريكية، لمواجهة تعاظم النفوذ البحري شرق آسيا، حيث تكثف من قوتها العسكرية البحرية بشكلٍ متنامي، منذ أزمة خليج تايوان عام 1996.
وفي مقال رام إيمانويل الكثير من الاعترافات التي أراد بها التغطية على هزيمة الأسطول البحري في اليمن، إلا أنها أثبتت أن واقع البحرية الأمريكية مأساوي بشكلٍ عام، وأن الهزيمة لن تقتصر على منطقة الشرق الأوسط، بل قد تمتد إلى شرق أسيا، فالصين هناك تراقب ما يحدث في الشرق الأوسط عن كثب وتدرس الانتصارات اليمنية بدقة، وعليها قد تبني قرارات مستقبلية تقضي بتحرير محيطها الإقليمي من التواجد الأمريكي غير المرحب به.
وقبل أحداث باب المندب والهجمات اليمنية، كان الحديث عن البحرية الأمريكية يثير الرعب في دول العالم كافة، إلا أن الضربات اليمانية التي استهدفت عدداً من السفن العسكرية، أبرزها حاملة الطائرات "أيزنهاور"، كشفت للعالم أجمع أن القوات البحرية الأمريكية ليست سوى أسدٌ من ورق، وأن هزيمتها في اليمن نموذجٌ قابل للتكرار، خاصة أن قوات صنعاء أنجزت ما أنجزت دون أن تمتلك قطعاً بحرية أو أسطولاً عسكريا، كما هو حال خصوم آخرين للولايات المتحدة كالصين وروسيا.
ومع أن واشنطن تعزو الهزيمة أمام اليمن إلى ظروف تقنية، كالصيانة الدورية المكلفة والمسافات البعيدة عن البر الأمريكي؛ فإن الأسباب نفسها ستكون سبباً في هزيمتها في المعارك البحرية القادمة، خاصة مع الصين التي تسعى إلى استعادة تايوان وتحريرها من الاحتلال الأمريكي، وستكون المعركة أسهل عليها، لقرب ساحتها من برها الرئيسي وسهولة إجراء الصيانة لأسطولها البحري.
وتبقى هزيمة أمريكا أمام اليمن السبب الرئيسي لأي هزيمة أخرى مستقبلية ستتعرض لها، ويكفي أن البحرية اليمنية قد كسرت هيبة الأمريكي، ونفذت هجمات نوعية غير مسبوقة على قطعٍ بحرية ثقيلة، وتمكنت من إخراجها من الخدمة رغم تواضع الإمكانات، وهذا يؤكد أن اليمن - بفضل الله - يكتب نهاية الهيمنة الأمريكية على البحار، والقائمة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وكانت سبباً في الكثير من الدمار والكوارث للكثير من بلدان العالم.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب