عبد الحميد الغرباني*

نحن أمامَ تشكيلة حكومية جديدة تثيرُ الآمالَ وتحفِّزُ التطلعاتِ في النفوس؛ لناحية اعتبارات مختلفة، تبدأ بتحييد سياسة المحاصصة بمفهومها الشائع مع استيعاب قائمة الوزراء للتنوع السياسي والجغرافي؛ فجنوبُ البلاد وشرقُها ووسطُها وساحلُها وشمالُها ملحوظ من حضرموت إلى أبين ومن البيضاء إلى ذمار ومن تعز إلى إب وريمة ومن المحويت إلى الحديدة وحجّـة ومن صعدة إلى عمران فصنعاء.

والأهم من ذلك أن يكونَ هذا المنطلقُ قد راعى عدمَ المساس بمعيار الكفاءة لصالح التنوع، هذا أمرٌ، وآخرُ هو تصعيدٌ شخصيات مغمورة ودماء جديدة، وَمثلُ هذا الدفع لا يمكن أن تكون له رافعة سوى النزاهة وهو ما أثرى التشكيلة الحكومية. أمر ثالث هو إعادة الهيكلة الوزارية أَو دمج بعض الوزارات، وَهذه الخطوة بحد ذاتها تحول وبداية نحو صناعة بناء هيكلي إداري يتبنى فلسفة جديدة وَيقضي على البيروقراطية وَالفساد الإداري، وهذا التحول لم يكن ليحصل لولا أن الأهداف المرسومة ترتبط بتحقيق الجودة في الأداء الحكومي وترشيد الإنفاق ورفع كفاءة الوزارات وَمغادرة مربع حقائب ووزراء الترضية والتوفية والكثير من الأسباب التي كانت وراء صناعة حكومة من واحد وثلاثين وزارة وعدد آخر من وزراء الدولة وصلوا مع آخر حكومة إلى ثمانية ولم يقلوا أَيْـضاً عن أربعة في الحكومة السابقة، واللافت أن النظام السياسي ظل يتجاهل هذه الكارثة، بل صنعها مع سبق إصرار مع ما مثَّلته من فضيحة في وقتٍ تبرز الكثير من دول العالم الكبيرة بحكومات لا تتعدَّى حقائبُها الوزارية في بعض الدول 20 مثل اليابان و22 مثل تركيا.

وَيبقى المأمول أن نكونَ أمام حقائبَ وزاريةٍ أقلَّ وَأداءٍ حكومي أكثرَ جودةً، وهذا لا يعني أننا نغفلُ الظروفَ الاقتصادية ومجملَ التحديات الداخلية والخارجية التي تمر بها بلادنا؛ فجزءٌ كبيرٌ من البلاد وثرواته السيادية تحت الاحتلال، والوضع المزري لمؤسّسات الدولة والتحديات كثيرة.

والاختبار الحقيقي لهذه الحكومة هو تحويل التحدي إلى فُرَصٍ، وهذا ما نجد أن تغييرَ تسميات الوزارات بعد الدمج قد وضعه بعين الاعتبار؛ فلدينا على سبيل المثال وزارة الاقتصاد والصناعة وَالاستثمار، والإدارة وَوزارة التنمية المحلية والريفية، وَالمسموعُ عن الوزيرَيِن المُعيَّنَين لتولِّي الوزارتَينِ أمرٌ محمودٌ ولافتٌ على مستوى النجاحات السابقة والخبرة والكفاءة وَأَيْـضاً العمل بروحية المقاتل.

وهما اليومَ وجميعُ أعضاء الحكومة أمام مسؤولية كبيرة، وَالعيونُ ترقُبُ القادِمَ، وتطمَحُ بالتغيير والبناءِ، ونحن عليهم عيونٌ تُرَاقِبُ وتُقَيِّمُ على قاعدة “شراكة الإعلام في معركة التغيير وَالبناء”.

* المصدر : صحيفة المسيرة
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه