بساطة العرب تتغلب على التعقيد الصهيوني
السياسية || محمد محسن الجوهري*
في مقابلة للسيد حسن نصر الله عام 2012 مع جوليان أسانج مؤسس موقع التسريبات الأشهر في العالم "ويكيليكس"، طرح الأخير سؤالاً عن كيفية تعامل حزب الله مع التكنولوجيا الإسرائيلية والتي تُعد الأكثر تعقيداً في العالم لما تحظى به من تكنولوجيا عالية جداً، سواءً في أسلحتها أو في اتصالاتها.
كان رد السيد حسن دبلوماسي وهادئ كعادته، مشيراً إلى أن البساطة التي يملكها مقاتلو حزب الله استطاعت أن تتغلب على التعقيد الإسرائيلي، سيما في عالم الاتصالات، حيث فشلت "إسرائيل" منذ يومها الأول في اختراق منظومة التواصل الخاصة بالحزب، مؤكداً أن الصهاينة ينفقون أموالاً وجهوداً مضنية لفك شفرات المجاهدين اللبنانيين بلا جدوى.
وبالفعل فإن التعقيد والتطور التكنولوجي قد يخسر أمام البساطة والسطحية، رغم أن العدو قد يبذل جهداً كبيراً لفهم وإدراك الأشياء البسيطة أو التعامل معها أو الحصول عليها أو القيام بها.
وهنا نتذكر خطاب السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي حفظه الله الذي ألقاه في رمضان 1439، بخصوص تصعيد العدوان في الساحل الغربي، والذي قلب الموازين هناك رأساً على عقب، بعد أن وجه المجاهدين باستخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة لإعطاب المدرعات الإسرائيلية "النمر"، والتي كانت معدَّة إعداداً متطوراً لصد الضربات الثقيلة، كالصواريخ الموجهة وقذائف التاندوم، إلا أن مطوروها أغفلوا خطر الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وهو الأمر الذي تنبه له السيد القائد يحفظه الله وفعّلَه المجاهدون في الميدان أيَّما تفعيل، فكانت النتيجة الهزيمة الكبرى للتحالف الصهيوني في معركة الحديدة.
ومما لا شك فيه، فإن الأمر لن يقتصر على الوضع الميداني في اليمن أو لبنان، بل سيتعداه إلى ما هو أبعد، فأنظمة الاعتراض الصاروخية المتطورة بيد العدو الإسرائيلي، قد تكون أوهى مما نتصور في مواجهة هجمات غير معقدة، قد تنطلق من بلدان محور المقاومة والجهاد، بدليل نجاح عملية يافا الأولى، وضربها للعدو في عمقه الاستراتيجي.
ومن المحتمل أيضاً أن تتحول التكنولوجيا الإسرائيلية، ومعها الأمريكية إلى عبءٍ إضافي على العدو، وهي نقطة أخرى كشفها السيد القائد عندما تحدث في إحدى خطاباته بأن الأمريكان يعترضون مسيرة كلفتها ألفا دولار، بصاروخٍ كلفته مليونا دولار، وهذه في حد ذاتها استنزاف للعدو، ما جعله يتراجع مؤخراً عن عملياته الاعتراضية، وترك الصواريخ والمسيرات اليمنية تصيب أهدافها في البحر الأحمر دونما رادع.
ولا نستبعد أن تكون تعقيدات العدو الإسرائيلي التقنية سبباً رئيساً في هزيمته العسكرية، ومن ثمَّ هلاكه وتلاشيه، خاصةَ وأن الهجمات اليمنية لا تلتزم بالتقاليد العسكرية المعروفة، ونجحت في ابتداع طرق غير متوقعة لمباغتة العدو، مثل تفعيل الصواريخ البالستية لقصف أهدافاً بحرية متحركة، أو تفعيل المدفعية الساحلية من على متن زوارق صغيرة وسط البحر، وقد أثبتت تلك الاستراتيجيات فعالية كبيرة في ضرب العدو وتحركاته في البحر الأحمر وخليج عدن، وجعلت الأمريكي يراجع حساباته العسكرية من الصفر، بعد أن خسر تفوقه البحري لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية.
وبما أننا على أعتابٍ حربٍ عالمية ثالثة وأخيرة، فإن البساطة في التكتيك والهجوم، ستضرب العدو الصهيوني في مقتل، وستسبب في فشلٍ كامل في مختلف منظوماته الدفاعية والهجومية، وعندها سيدرك اليهود أن النهاية قد اقتربت، سيما إذا رافق فشلهم التكنولوجي فشلاً آخر، يتعلق بصد الهجمات الميدانية، كما حدث في أكتوبر الماضي، والتي أسست أحداثه لمشروع زوال الكيان الصهيوني.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب