ترقُّــبُ ردِّ المحور: حبسُ أنفاس
عبدُالحميد الغُرباني*
مع ساعاتِ الصباح الأولى ليومنا هذا [الاثنين] وكالاتُ الإعلام تتداولُ بيانًا لدول القارَّةِ العجوز (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) يدعو الجمهوريةَ الإسلامية في إيرانَ وحلفاءها للإحجام عن شن هجمات على “إسرائيلَ من شأنها أن تصعِّــدَ التوترَ وتعرِّضَ فُرَصَ التوصل لوقف لإطلاق النار وتحرير الرهائن للخطر”، يأتي ذلك عقبَ توجيه وزير الحرب الأمريكي، بإرسالِ غَوَّاصة الصواريخ يو إس إس جورجيا إلى منطقة الشرق الأوسط وتوجيه الأسطول الذي تقودُه يو إس إس أبراهام لينكولن، ويضم مقاتلاتٍ من طراز إف-35 سي، بـ “تسريع وصولها إلى المنطقة نفسها، هذه الجبهةُ أَو المعسكرُ يتنقلُ بين السُّعارِ السياسي وتعزيزِ الوجود العسكري في المنطقة، في سياق محاولات احتواء ردود الفعل المرتقَبة من محور المقاومة؛ ما يعني أن مسارَ الصراع والمواجهة يُراوِحُ بين التزام محور المقاومة بالرد وضغوط جبهة الكفر بشأن احتوائه؛ ما يُثيرُ السخريةَ هو التركيزُ الأمريكي على عزل محور المقاومة من طهرانَ إلى غزةَ وتحميلُه مسؤوليةَ التصعيد؛ فيما واشنطن نفسُها وربيبتُها في الأراضي الفلسطينية المحتلّة مَن وضعت المنطقةَ والعالَـــمَ على حافة اشتباكٍ ستتطاير شظاياه في غير اتّجاه.
وهذا وزيرُ الحرب الإسرائيلي نفسُه في يومنا هذا [الاثنين] وقبيل أن تغرُبَ شمسُه يُصرِّحُ أنَّ “إسرائيل هي سببُ تأخير إبرام الصفقة” وبالتالي ما يُفسِّـرُ الاستنفارَ الأمريكي الأُورُوبي القلِقَ والمضطرِبَ والمتوتِّرَ هو النتائجُ المرتقَبةُ لعملية رَدٍّ موجعةٍ على جريمة اغتيال هنية واستهداف شُكر والحديدة، والردُّ المُرتقَبُ يكتسبُ أهميتَه الكبيرة، ليس على مستوى المكاسِبِ والنتائج فقط إنما بتأثيرِه الاستراتيجي في الخارطة الجيوسياسية للمنطقة، وهذا مرهونٌ بموازين القوى بعد الرد، وهي اليومَ تعتمدُ على حسابات محور المقاومة ويجبُ أن يحقّقَها المحورُ لحساب الأُمَّــة ويُثبِتُ أنه صاحبُ اليد العُليا في منطقتنا أَو قُــلْ في جُغرافيا المشروع الأمريكي المعروف بـ«الشرق الأوسط الجديد».
ومن هذا المنطلق يجبُ أن نفهمَ «السُّعارَ» الغربيَّ والاستعراضَ العسكري غيرَ المسبوق في تاريخ البلطجة الغربية واستعجالَ الرد والتهديد بتدحرجِ الأمور إلى حافة الهاوية؛ ذلك أن العالَمَ يُغيِّرُ خارطتَه انتصارٌ واحدٌ في أي جانبٍ منه، كما تغيِّرُه هزيمةٌ واحدة.
ولا بأسَ أن يفهمَ العدوُّ بالحديد والنار إلى أيةِ درجةٍ تتشابَهُ المعركةُ الراهنةُ مع سباق رقعة شطرنج بلاعبِين عديدِينَ يفوزُ فيها مَن يبقِي لا من يخسر أكبرَ عدد من الجنود، ولا بأسَ أن يسْتمرَّ حبسُ الأنفاس إقليميًّا ودوليًّا إلى ما شاء الله.
* المصدر : صحيفة المسيرة
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه