السياسية || محمد محسن الجوهري*


تكرَّرت خلال العشر السنوات الماضية، دروسٌ وعبر يجب أن نستوعبها وأن نقيس من خلالها الواقع المستقبلي في بلادنا، خاصة وأن التاريخ يعيد نفسه والأغبياء يكررون أخطاءهم في كل مرة.

ومن أهم تلك الدروس أن غباء حزب الإصلاح لا ينتهي، بينما العفافيش دهاة في صناعة الإنجازات الوهمية والترويج لها حتى تبدو وكأنها حقيقة، كما أنهم أيضاً مبدعون في سرقة إنجازات الآخرين ونسبها لأنفسهم.

ما يؤكد ذلك هو الواقع الذي تشهده مناطق سيطرة العدوان في محافظة مأرب، فالسعودية تقدم اليوم المحافظة هديةً مجانية للعفافيش، رغم أن حزب الإصلاح قد قدم بحراً من دماء شبابه للحفاظ على سيطرة التحالف هناك وبقاء المحافظة تحت راية الرياض وأبوظبي، لتأتي الأخيرة وبتنسيق مع شريكتها، لتقوض سيطرة الإخوان لصالح بقايا نظام عفاش، متجاهلين أن دماء الإصلاح هي التي أمنت وجودهم في مأرب، وليس للعفافيش إلا الانتصارات الفيسبوكية، لا أكثر.

والكارثة أن ما يجري في مأرب من مخطط ليس الأول من نوعه، فمحافظة عدن تشهد بأن حزب الإصلاح كان يدعو شبابه عبر مكبرات المساجد للقتال مع السعودية والإمارات ضد الجيش واللجان الشعبية عام 2015، وبمجرد أن استقر التحالف، حتى أزاح الإصلاح وسلم المحافظة للميليشيات الانفصالية التي سبق وفشلت عسكرياً في مارس 2015، والكارثة أن الإمارات بدأت عقبها بحملة تصفية واسعة لقيادات الإصلاح التي ساندتها في ذلك، واستأجرت لتصفيتهم مرتزقة أجانب.

وتكرَّر المخطط في الساحل الغربي، حيث سلمت الإمارات المخا وغيرها من المناطق المحتلة لطارق عفاش، بعد أن أنفق الإصلاح كل جهده في احتلال تلك المناطق، وكانت قياداته يتقدمون الصفوف للقتال نيابةً عن الإمارات، والتي بدورها سلمت المخا والخوخة للعفافيش، المعروفين في المعارك باحتلالهم آخر الصفوف.

وجرى الأمر نفسه في شبوة، حيث استقدمت الإمارات العفاشي المعتق عوض ابن الوزير، وأحلته بالقوة بدلاً عن محمد صالح بن عديو، ليبدأ بعدها مشروع عفشنة المحافظة، وتصفية الكوادر الإصلاحية التي حالت دون تحرير المحافظة من الاحتلال الخارجي، رغم علمنا بأن ضحايا الإصلاح في المحافظة بألالاف وأن أنصار عفاش في حينها، قدموا الدعم للجيش واللجان الشعبية بدوافع حزبية بحتة وحسب.

ولأن الإصلاح لا يتعظ ولا يتعلم من الدروس، فالمخطط اليوم يجري تنفيذه حرفياً في محافظة مأرب، رغم أنف الحزب وقيادته وكوادره منذ تعيين المرتزق صغير بن عزيز لقيادة ما يسمى بالقوات المشتركة عام 2020، وسيستمر المخطط حتى إحكام قبضتهم على المحافظة بالكامل.

وهذا كله يؤكد أن حزب الإصلاح رضي لنفسه أن يكون وقوداً للاحتلال السعودي – الإماراتي للبلاد، وأن قيادته لا تبالي بدماء الأرقام الكبيرة من جنود الحزب، وستتخلى عن مأرب كما تخلت عن غيرها من قبل، وأن العفافيش نجحوا بخبثهم المعهود في كسب ثقة الرياض وأبوظبي، رغم علم الشارع اليمني بأنهم يكثرون عند الطمع ويقلون عند الفزع، وفي ذلك كله تهيئة إلهية لرجال الرجال حتى يتسنى لهم تحرير اليمن من أذناب الصهاينة، واستعادة كامل الأراضي اليمنية من الاحتلال والوصاية الخارجية، وقادم الأيام شهيد على ذلك.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب