متى الرد الحوثي؟ .. سؤال يكشف ضعف كيان إسرائيل
السياسية || هاشم أحمد شرف الدين*
- يا للسخرية. الإعلام الإسرائيلي يهزأ بقدرات الحوثيين وعزيمتهم، ويشكّك في مقدرتهم على تنفيذ وعدهم بالرد على قصف مدينة الحديدة واغتيال قادة في محور الجهاد والمقاومة. إنه منذ أيام، يسأل باستمرار "متى الرد الحوثي؟".
- هل نسي هذا الإعلام أن الحوثيين:
• يقصفون باستمرار أهدافاً في مدينة أم الرشراش المسمّاة إسرائيلياً إيلات؟
• شلّوا حركة الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن والمحيط الهندي، وبدأوا شلّها في البحر الأبيض المتوسط؟
• أضروا كثيراً باقتصاد كيان إسرائيل المؤقت، بتعطيل ميناء أم الرشراش المسمّاة " إيلات " إسرائيلياً؟
• اخترقوا أنظمة جيش الكيان المؤقت، وقصفوا مدينة " يافا " المسمّاة إسرائيلياً " تل أبيب " بطائرة مسيّرة يمنية الصنع؟
- ويا لها من مفارقة، فالحوثيون، بنوا قدراتهم العسكرية وحققوا صمودهم العسكري ذاتياً.
فما رأي الإعلام الإسرائيلي أن يسأل: "متى سنتوقف عن الاعتماد على المساعدات الأمريكية لدعم جيشنا واقتصادنا؟ ومتى سنتوقف عن الاستهانة بالحوثيين؟".
- إن سؤال الإعلام الإسرائيلي "متى سيرد الحوثي؟" لا يُخفي حالة الخوف التي تسود كيان إسرائيل المؤقت من قوة الحوثيين وتأثيرهم على أمنه القومي. فهو انعكاسٌ لقلقٍ حقيقي يسود المجتمع والحكومة والجيش من قدرة الحوثيين على إحداث ضررٍ كبير.
إنه يُظهر حالةَ التوتر السائدة خلال الترقب والانتظار. فالجميع يدرك أن الحوثيين قادرون على إحداث ضربةٍ قوية، وأن ردَّهم قريب.
- ولأن قدرةَ الحوثيين على إحداث ضررٍ أصبحت واقعاً مرعباً، لم يعد يقتصر السؤال "متى سيرد الحوثي؟" على الإعلام، بل صار يطرحه كل إسرائيلي يعيش في أراضي فلسطين المحتلة. إذ لم يعد يشعر بالأمان كلٌ منهم وسط هذه الأجواء من التوتر والقلق الشديد، التي أظهرت مدى ضعف النفسية الإسرائيلية.
- لذا، فقد سارع الإعلام الإسرائيلي لتغيير اتجاه السؤال "متى سيرد الحوثي؟" ليكون ساخراً، يهدف إلى التقليل من قدرات الحوثيين. إنه يحاول ـ بالسخرية ـ تخفيفَ مشاعر الخوف والرعب لدى المجتمع، لتصبحَ مشاعرَ ترقبٍ وتوترٍ أقلَ حِدَّة، ولكن كما هو واضح، لم تنجح محاولته. فحالة التوتر والقلق المتزايدة أظهرت مدى تأثير الحوثيين على نفسية الإسرائيليين، وأظهرت أن هوسَ الإعلام الإسرائيلي بالسؤال "متى الرد الحوثي؟" يكشف عن سؤالٍ أعمق: "هل نحن حقاً نسيطر على أمننا؟".
- يبدو واضحاً إذن، أن قدرات الحوثيين العسكرية تفوق قدرات الإعلام الإسرائيلي على الاعتراف بها. لذا، يحاول أن يُظهر الحوثيين "ضعفاء"، بخلاف الحقيقة التي تؤكد أنهم أقوياء.
فبينما ينشغل هذا الإعلام بسؤال "متى يرد الحوثيون؟"، فإن الحوثيين يضرون الاقتصاد الإسرائيلي بالفعل. إنها حقيقة لا يمكن إنكارها: كيان إسرائيل المؤقت يخسر تجارته يوماً بعد يوم.
- عليه ـ بدلاً من طرح سؤالٍ تافه عن "موعد الرد الحوثي" ـ أن يسأل:
• ما حجم الخسائر الاقتصادية التي لحقت وستلحق بنا الناجمة عن عمليات الحوثيين؟
• كيف يمكننا التخفيف من الأضرار الاقتصادية الناجمة عن هجمات الحوثيين؟
• متى سنتعافى من الضرر الذي ألحقه وسيلحقه الحوثيون باقتصادنا؟
• لماذا لم نتمكن من حماية اقتصادنا من هجمات الحوثيين؟
• كيف يمكننا منع الحوثيين من الاستمرار في تدمير اقتصادنا؟
- يجب على الإعلام الإسرائيلي، أن يدرك أن تأثير الحوثيين على الاقتصاد والأمن الإسرائيلييّن والوجود الإسرائيلي برمته، ليس مجرد "حملة إعلامية"، بل هو واقع ملموس، يحثه على الاعتراف بقوتهم وإرادتهم، والتركيز على إخفاقات جيشه وحكومته والواقع الصعب بالنسبة لكيانه المؤقت.
- عليه أن يعلم، أن قدرات الحوثيين الصاروخية والجوية المسيّرة تتخطى توقعات كيان إسرائيل المؤقت.
- عليه أن يعلم، أن الحوثيين لا يهتمون بسؤاله التافه "متى سيرد الحوثي؟"، ولكنهم يهتمون بالسؤال: "متى سيمكنهم إجباركم على إيقاف عدوانكم على غزة وإنهاء حصاركم لشعبها؟".
- وختاماً..
ليكن الجميع في هذا العالم على ثقة، بأنه حين يأتي الرد الحوثي، ستكون لغة الهزيمة في الإعلام الإسرائيلي واضحة، والنغمة ستكون نغمةَ يأسٍ لا سخرية.
وحينها، لن يَطرَحَ سوى سؤالٍ واحد:
"لماذا محكومٌ علينا بالفشل دائماً أمام الحوثيين؟".
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع