السياسية – وكالات :

تختتم دول مجموعة السبع اليوم الاثنين في بياريتس قمة هيمنت عليها زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف المفاجئة والمخاوف الناجمة عن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.

ويتوقع أن يعقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي استضاف القمة مؤتمرا صحافيا مشتركا مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أشدّ معارضي النهج التعددي، الذي يستضيف القمة المقبلة للمجموعة.

وأظهر الرئيسان ، خلال الاجتماعات في نهاية الأسبوع الماضي تصوّرين مختلفين تماما لما ينبغي أن تكون عليه قمة لمجموعة السبع.

فعقد ترامب اجتماعات ثنائية وتركزت محادثاته على الاقتصاد والتجارة، فيما  حقق ماكرون ضربة دبلوماسية شديدة الوقع باستقدامه وزير الخارجية الإيراني إلى بياريتس لبحث الأزمة الإيرانية.

والتقى ظريف ماكرون ونظيره الفرنسي جان إيف لودريان وممثلين عن ألمانيا وبريطانيا، الدولتان الأوروبيتان المشاركتان في الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه عام 2015 وانسحبت منه الولايات المتحدة.

وتمارس واشنطن أقصى الضغوط على القادة الإيرانيين منذ انسحابها من الاتفاق وإعادة فرضها عقوبات على طهران التي ردت بوقف الالتزام ببعض تعهداتها بموجب الاتفاق واستئناف أنشطتها النووية تدريجيا.

ومن المواضيع التي جرى بحثها بشكل مطول الحرب التجارية الأميركية الصينية التي تثير قلق القادة المجتمعين خشية أن تدفع الاقتصاد العالمي المتباطئ إلى الانكماش.

لكن ترامب بقي على موقفه المتصلب مستمرا في نهج المواجهة مع بكين، وأكد أنه إن كان نادما على أمر، فعلى عدم فرض رسوم جمركية أعلى على البضائع الصينية المستوردة.

وبالنسبة لمسألة فرض ضرائب على شركات الإنترنت العملاقة الأمريكية لم يتم إحراز أي تقدم حول الموضوع ، وهو موضوع خلاف حاد بين فرنسا التي أقرت ضريبة على إيرادات هذه الشركات على أراضيها، والولايات المتحدة التي تهدد بالرد بفرض رسوم جمركية على سلع فرنسية أخرى.

وعلى صعيد آخر، شكلت القمة التي ضمّ ماكرون إليها عددا من الدول من خارج نادي السبع سعيا لتوسيع آفاقها، أكبر جولة أفق بالنسبة لرئيس الوزراء البريطاني الجديد بوريس جونسون في وسط المفاوضات الجارية بين بلاده والاتحاد الأوروبي حول شروط بريكست.

ولم يتم تحقيق أي تقدم في بياريتس حول مسألة الحدود الإيرلندية التي تصطدم بها مفاوضات بريكست، فيما يقترب استحقاق 31 أكتوبر الذي ستخرج فيه المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.

واغتنم جونسون القمة للتقرب من ترامب على أمل إقامة علاقات تجارية مميزة تمكن بلاده من امتصاص صدمة بريكست.

لكن كان الأبرز فيما حدث في قمة مجموعة السبع هو زيارة وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف ، المفاجئة والخاطفة الأحد إلى جنوب غربي فرنسا، حيث تعقد قمة مجموعة السبع.

وقال ظريف على تويتر إنه أجرى محادثات “بناءة” مع نظيره الفرنسي جان إيف لو دريان والرئيس الفرنسي.

وكتب مساء الأثنين “لقد كان الطريق صعبًا، لكن الأمر يستحق المحاولة”، مضيفًا أنه عقد جلسة مشتركة مع المسؤولين الألمان والبريطانيين.

وقال دبلوماسيون فرنسيون إن كبير الدبلوماسيين الإيرانيين لم يعقد محادثات، مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال زيارته، لكن وجود الرجلين في نفس المكان أنعش آمالا في انفراج الأزمة.

وتضاربت التقارير حول ملابسات زيارة ظريف إذ قال مسؤولون فرنسيون للصحفيين إن وزير الخارجية تمت دعوته بالاتفاق مع الوفد الأمريكي، لكن مسؤولي البيت الأبيض أشاروا إلى أنهم فوجئوا بحضوره.

وقال دبلوماسي فرنسي للصحفيين شريطة عدم الكشف عن هويته: “نعمل بشفافية كاملة مع الامريكيين”.

وقالت وفود أخرى أيضا أنها أبلغت في اللحظة الأخيرة، بينما قال قصر الإليزيه إنه تم إبلاغ الوفود، لكن كل شيء حدث على عجل.

ولا يبدو أن ترامب قد تزحزح عن موقفه، باتجاه تخفيف العقوبات النفطية على طهران كما سعى ماكرون.

وفي وقت سابق من يوم أمس الأحد، بدا ترامب وكأنه يتجاهل الجهود الفرنسية للتوسط مع إيران، قائلا إنه بينما كان سعيدا لأن ماكرون يمد يده إلى طهران لنزع فتيل التوترات، إلا أن الولايات المتحدة ستستمر في مبادراتها الخاصة.

لكن روبرت مالي، رئيس المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات، وهي مؤسسة بحثية، يرى أن زيارة ظريف علامة على أن ترامب قد أعطى “إشارات إيجابية”، على مقترحات ماكرون للتوصل إلى اتفاق.

وفي تصريحات في بياريتس، قال وزير الخزانة الأمريكي، ستيفن منوشين، إن ترامب قال في الماضي إنه إذا كانت إيران “ترغب في الجلوس والتفاوض، فلن يضع شروطًا مسبقة”.

وقال مسؤول فرنسي إن “المناقشات بين الرئيس ماكرون وظريف كانت إيجابية، وسوف تستمر”، مشيرا إلى أن ظريف غادر مكان انعقاد القمة في المساء، لكنه رفض الإجابة على أسئلة تفصيلية.

وقال مسؤول ايراني رفيع المستوى، لوكالة رويترز للأنباء، إن “ظريف سينقل رد القيادة الإيرانية على اقتراح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يهدف إلى إنقاذ الاتفاق النووي لعام 2015”.

ويهدف الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى، الذي يعد جواد ظريف أحد مهندسيه، إلى كبح الأنشطة النووية لطهران، مقابل رفع العديد من العقوبات الدولية المفروضة عليها.

وتنتقد القوى الأوروبية سياسة ترامب، المتمثلة في ممارسة “أقصى قدر من الضغط” على طهران، من خلال فرض عقوبات خانقة، وينظر إليها على أنها تزيد من خطر نشوب صراع في الشرق الأوسط.

وفي نهاية يوليو الماضي، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على جواد ظريف، قائلة إنه “يروج لدعاية النظام الإيراني وتضليله”.

وحث ماكرون الإدارة الأمريكية على تقديم نوع من التعويض لإيران، مثل رفع العقوبات عن مبيعات النفط إلى الصين والهند، أو حد ائتمان جديد لتمكين الصادرات.

وفي المقابل، ستعود إيران إلى الالتزام بالاتفاق التاريخي لعام 2015 الذي يكبح برنامجها النووي، الذي انسحبه ترامب من جانب واحد العام الماضي، وذلك حسبما يرى روبرت مالي.