السياسية || محمد محسن الجوهري*

الصراع بين الحق والباطل أبدي وليس له حدود، وإذا توقف أهل الحق عن نصرة حقهم، كما فعل أغلب العرب اليوم، فإن أهل الباطل لا يتوقفون أبداً عن محاربة الحق وأهل الحق، وعناوينهم في ذلك كثيرة، كمحاربة الإرهاب وغيرها من المسوغات العبثية، إلا أن كل ذلك لا يثني ثلة من الرجال عن نصرة الحق، ولو كان الثمن أن يقدموا في سبيل ذلك أغلى ما يملكون من مالٍ ونفسٍ وولد، كما حال القائد الشهيد إسماعيل هنية، الذي قضى بعملية غادرة لليهود بعد أن أمضى مسيرة حياته مجاهداً في سبيل الله، والمستضعفين من أهلنا في أرض فلسطين المحتلة.

وليست صدفة أن يلقى الشهيد هنية ربه في اليوم نفسه الذي لقي فيه الإمام الأعظم زيد بن علي ربه سنة 122 هجرية، فمسيرة الإسلام واحدة، والدرب الجهادي هو نفسه، كما أن العدو اليوم لا يختلف كثيراً عن عدو الأمس، فثورة زيد كانت ضد الإفساد اليهودي الذي يرعاه بنو أمية في ذلك العصر، ويرعاه اليوم آل سعود وغيرهم من طواغيت العصر، من أتباع بني أمية وأشياعهم.

وإذا كان زيد قد رحل بجسده في 25 محرم قبل 1300 عام، إلا أنه تحول إلى ثورة متوقدة ضد الطغاة والطغيان منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم، وكذلك حال العظماء كافة، ومنهم الشهيد القائد إسماعيل هنية، الذي استشهد في مرحلة مفصلية في تاريخ الأمية، ستكون -بلا شك- سبباً في زوال الكيان الصهيوني من الوجود، كما كانت دماء الإمام زيد العامل الرئيسي في انهيار دولة بني أمية.

ولا ضير على جيل الجهاد والمقاومة بعد رحيل هنية، بل أن دماءه ومسيرته ستخلق جيلاً من الرجال سيذيقون العدو الصهيوني الموت ألف مرة، ويتمنى عندها بنو صهيون لو أنهم تجنبوا تصفيته، كما هم اليوم يتمنون لو أنهم تجنبوا اغتيال الشهيد أحمد ياسين، الذي أثمرت تضحيته جيل طوفان الأقصى، ودشن مشروع الزوال الكبير للإفساد اليهودي.

ومهما يكن الألم وشماتة الأعداء والمنافقين، فإننا نرجو من الله ما لا يرجون، ونعلم علم اليقين، أنهم يألمون كما نألم، وليس في ألمهم أي صبر محتسب، أو معاناة مثمرة، بل هي مقدمة للهلاك الدنيوي، وما يعقبه من خسارة في الدارين، حسب الوعد الإلهي الذي لا يتبدل.

ولا ننسى أن نستذكر بعض العبر من التاريخ القريب، فالشماتة من قبل معسكر التطبيع على اغتيال القائد هنية، سيتلوها خسائر فادحة في صفوفهم عما قريب، فالعام الذي استشهد فيه القائد أحمد ياسين، ورحل فيه رحيل الرجال، كان العام نفسه الذي نفق فيه عددٌ من زعماء العرب الخونة، وكان رحيلهم أشبه بحجر عثرة، أُميطت من طريق المسلمين، وسنرى الشواهد على ذلك عما قريب بإذن الله.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب