علي عبد الرحمن الموشكي*

الروح والمدى والنجم والسناء، الأرض الذي تعودت موج زحفنا لا تُلام، والشمس الذي استعرت لهباً من حربنا لا تضام، والموقع الذي سجد أمام رجالنا بهيبة وانسجام، والجبل الذي صعدت منه صرخاتنا لا ينام، والساحل المزروع في دنيا انتصاراتنا وعلى امتداد هضابنا وجنبات ودياننا لن يقترب منه مارد عميل، وعلى أشفار صحوته أسود النوم في ساحاتهم حرام، منذ أن بدأ المشروع القرآني المضي من خلال التثقيف والتعبئة القرآنية من خلال الدروس والمحاضرات العملية التي تؤسس لبناء راسخ وعظيم والتي اجتثت عروش الضلال والطغيان في مكامن النفوس وفي الواقع كمرحلة تأسيسية في أرضية خصبة وذات فطرة إيمانية سليمة ترسخت في عقول ثلة من المؤمنين الطاهرين الذين صدقوا مع الله منبع الإيمان “يمن الإيمان والحكمة”، بالقول والعمل والتي امتدت هذه الثقافة الإيمانية التعبوية الجهادية، أسّست بنياناً متماسكاً كالبنيان المرصوص ضمن أُمَّـة تتحَرّك ضمن منهجية ثابتة، الصراع مع أعداء الله والمستمد أركانها من المنهجية الإلهية.

من خلال تسارع الأحداث وتتابع الانتصارات التي منّ الله بها على الشعب اليمني وقيادته القرآنية وذلك للوقوف الجاد ضمن صفوف محور المقاومة والتي تفوق اليمن ضمن جبهات الإسناد بالعديد من العمليات النوعية والتي كانت حسب مراحل خمس رافقها التطور في التقنية الصناعية التي أوقفت العالم مذهولاً من قوة عزية وإصرار القوات المسلحة اليمنية بمختلف وحداتها، وبقيادة علم الهدى تشرب المشروع القرآني وجسده بالقول والعمل لم تبرد عزيمته ولم يتراجع خطوة واحدة ولم يرضخ لأية ضغوطات داخلية أَو خارجية، ينشر النور المشروع القرآني بثبوت مبدئية العداء لقوى الشر والطغيان العالمي ثلاثي الشر، استجابة لتوجيهات الله سبحانه وتعالى، والذي يرافق ذلك نصر وتأييد الله ورعاية من الله في جميع مراحل تحَرّك المشروع القرآني لإزهاق الباطل والطغيان في واقع الحياة.

إن العالم بأسره أصبح يرى بعيون تزداد حدقاتها انفتاحاً، لدرجة اللهفة والرهبة، والخضوع لأعلى درجات القلق والتوتر، من الدروس القاسية والتي لم يسبق لها في تاريخ الأُمَّــة العربية إلَّا في عهد رسول الله (ص)؛ لأَنَّ سر الانتصارات هو الثقة بالله والتوكل والاعتماد على الله الذي يعز من يعزه وينصر من نصره، والذي يؤكّـدها قائد المسيرة القرآنية مراراً وتكراراً، وأن العملية الأخيرة التي استهدفت عمق العدوّ الإسرائيلي التي تعتبر انتصارَينِ:

أولاً: تصنيع طائرة “يافا” التي تميزت بالكثير من المميزات في حجمها وقوة التفجير التي تحملها وتقنية الوصول إلى عُمق العدوّ الإسرائيلي ومخدعه الذي يستندُ عليه في مواجهة محور المقامة.

ثانياً: الاستهداف لأهم مركز تجاري في “إسرائيل” والذي أرعب كُـلّ من يسكن أرض فلسطين من الاحتلال الصهيوني، والرسالة قوية جِـدًّا وكانت وسائل إعلام العالم وقيادة العدوّ تتحدث بذهول عن هذه العملية العظيمة كما أخبرنا قائد الثورة -حفظه الله- الذي يطلع على عمق العدوّ وما يملك من تقنيات وأسلحة وعتاد بشري وحربي، وَيقرأ ردود أفعال العدوّ ويقيس مدى ألم العدوّ ويختار الجانب الذي ما زال يرى فيه حالة من استحالة الوصول إليه، وذلك لكي يرى الكافرون بأس الله وقوته التي تزيدهم رعباً وخوفاً وتجعلهم يولون الأدبار تدريجيًّا، بعد مرحلة من الصفعات المتتالية والدروس القاسية التي جعلت قوى الاستكبار مشلولة حركتها وتفقد قدراتها على تجميع قواها واستحالة التفكير نظراً؛ لأَنَّ جرائم الإبادة الجماعية والمجازر التي لا سابق لها في التاريخ كشفت وجه الكيان الصهيوني المتغطرس والمستكبر والذي يفتقر إلى الإنسانية والقيم والمبادئ الدولية، أيقظت ثورات عالمية في عمق أم الشر والشيطان الأكبر أمريكا، والذي لم يسلم من ينادون باسم الإنسانية بإيقاف العدوان والحصار على غزة.

بنك الأهداف لا يزال مليئًا وكلّ هدف جاهز له آلية وأبعاد استراتيجية، منحة من الله وتأييده، والتي يستلزم على الأُمَّــة العربية الخروج الجماهيري الواسع، وكسر جماح طغيان أنظمة الشعوب العربية؛ لأَنَّ هذه الصفعات لـ “إسرائيل” وأمريكا وأعوانهم استحقاق على أنظمة الشعوب العربية وسيسارع في الوفاء بها من لديهم النخوة والعزة والشرف والكرامة والإباء، من خلال الاصطفاف الشعبي من العالم العربي وشعوب العالم، فنطمئن المتعجلين والذين يتساءلون: أين الرد?!، الرد مُستمرّ ولن يتوقف فخروج الشعب اليمني إلى الساحات بمليونية رد يزلزل قوى الطغيان والاستكبار، واستمرار حالة الحصار على السفن الإسرائيلية والأمريكية وغيرها المرتبطة بالكيان الإسرائيلي، رد واستهداف حاملات الطائرات وغيرها من السفن والقطع الحربية التي هرولت بالهروب رداً قاسياً، وصول التأمين على السفن التجارية وغيرها من سفن النقل إلى 370 % في الـ100 %، ومقدماً والذي لا يوجد حتى آلية في هذه الدول العظمى والذي توقف تسارع عداد شركات التأمين التي تفرض هذه الرسوم على جميع السفن ولا عذر عليها فانشغال كونجرسها بإمدَاد “إسرائيل” وتأييد جرائم رئيس وزرائها في الكونجرس الذي هرب مذعوراً من انقضاض مسيّرة “يافا” وَجعلها في عمى عن الإنسانية وتفقد وضعها من الداخل، هذا ما عطّل وشل حركة عجلة الاقتصاد الأمريكي والأُورُوبي، وأن العمليات مُستمرّة وستكون هنالك عمليات نوعية تشفي صدورنا وتجعل العدوّ يتراجع ويهرب كحاملات الطائرات الأمريكية آيزنهاور، ولدى قيادتنا القرآنية استراتيجية وقضية واضحة وعادلة وقواتنا المسلحة هي من تبادر وهي من تختار الزمان والمكان والطريقة المناسبة لتأديب الكيان الصهيوني.

إن حجم المأساة كبيرة جِـدًّا والذي يريد مزيداً من الاطلاع عليه قراءة تحديثًا لأهم إحصائيات حرب الإبادة الجماعية التي يشنها العدوّ الصهيوني على قطاع غزة، وَالموجودة على الإنترنت الكثير من الكوارث في كافة المجالات والتي يندهش منها العالم ويقف مذهولاً أمام أكبر حرب إبادة في تاريخ العالم البشري وفي تاريخ الإنسانية منذ أن خلق الله آدم -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ.

إن الشعب الفلسطيني المظلوم يتألم كَثيراً، أمام مرأى العالم وأمام صمت وخِذلان من أنظمة الدول العربية، الذين أصبحوا كالحيوانات التي تحرس قطيعاً من الأغنام والراعي هو الذي يحرّك ويدير ويبيع ويشتري ويذبح متى يريد، وهذا هو أقل توصيف لحالة الصمت أمام الجرائم والتي حركت من لا إنسانية لهم في كُـلّ دول العالم.

وللانتقام للدماء الفلسطينية التي امتزجت بالدماء اليمنية والتي لا بُـدَّ من استمراريتها ومضاعفتها والتحَرّك بفعالية وقوة، نترك ذلك لعلم الهدى -حفظه الله- والقوات المسلحة بكافة وحداتها، والتي تذهل وستدهش وتوقف قلوبَ أعداء الله بقوة الله وتأييده ونصره وعونه، ولينصرن الله من ينصره.

* المصدر : صحيفة المسيرة
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه