مراحل.. وتحديات
إيناس عبد الوهاب*
كل الحياة مراحل نعيشها، ولكل مرحلة طريق وباب، ومن بين مراحل الحياة، هناك مراحل الطفولة ومراحل الشباب وهكذا..
ومن بين هذه وتلك لابد أن تمر عليك مرحلة فريدة من نوعها والتي قد تبدأ معك مُنذ نعومة أظفارك، وقد تشعر بوجودها أو لا تشعر لكنها حتمًا ستجدك هي إن لم تجدها أنت فهي تراقب كل تفاصيل حياتك.
يا ترى ماهي؟
إنها مراحل الصراع والتحديات.
بطبيعة المرء يكره دوامة من هذا النوع ولا يريد فتح بوابتها ولا إقحام نفسه في متاعبها ويحب أن يعيش بسلام دون أن يعكر أحد أو شيء صفو حياته، وبذلك يظن أنه قد أنقذ نفسه، لكن هناك ما يسمى بالشر الذي وجد منذ خُلق أبونا آدم عليه السلام، وبهذا واجه الإنسان الصراع مع أول مراحل الحياة البشرية.
إنه الشيطان الذي حاك مؤامراته ودخل الحلبة دون منافس لينال مُبتغاه... وأولها إخراج سيدنا آدم من الجنة.
ومن هنا نجد أنه لا بد أن يخوض المرء الصراع مع الشر فلو كان أبونا آدم عرف بوجود الشر وأساليبه وطرقه الخبيثة لكان قد أعد نفسه للمواجهة وخاض معه التحدي والصراع ليسلم من شره ويظفر بالنصر في نهاية المطاف.
وها هو التاريخ على مر العصور يعيد نفسه، فبدون إرادتك يُدخلك الطرف الآخر رغمًا عنك لتواجه الصراعات بكل أنواعها، شئت أم أبيت، فمن الأفضل أن تعد نفسك للمواجهة والتحدي لتنتصر أو لتسقط في وحل الصراعات لتكن أنت الضحية الخاسرة وبكل المقاييس.
فلماذا أراك واقفًا هناك بين الزحام وكلك حيرة، أي طريق تسلك؟ أما رأت عينيك كل الأبواب التي فُتحت لأجلك، ألم تحس بنسيمها وتشعر برونقها، ألم تداعب وجنتيك الريح المُرسلة منها والمُحمّلة بأزكى العطور المنتشرة في أرجاء المكان، ألم تجذبك صدق النوايا وتهزك عزائم الفضائل وتحرك مشاعرك العزة والعنفوان، ألم ترى البراكين الثائرة والحمم الملتهبة المتدفقة من كل باب وفي كل مرحلة يزيد توهجها لتَصب غضبها على من حملوا لك العداء.
ألم تسمع في كل جمعة الأصوات المليونية المجلجلة التي خرجت لتملأ الكون بصداها لتُعلن موقفها واستعدادها التام للوقوف والتضحية مع المظلومين ضد البغاة المجرمين، التي تَصنم العالم لعظمتها واحتار المحللين في وصفها .
ألم تهزك الانتصارات المتتالية للبيانات المُعلنة ضد السفن المتحركة لخدمة العدوان، فها هي أمواج البحار تعلن دخولها في مرحلة الصراع لتكون هي السيف الضارب في يد كل متحدٍ ومحارب ضد العدوان الغاصب، لتنفذ التوجيهات.. فهي تعرف لمن تسمح بالمرور، ومن يستحق أن تغرقه في أعماق ظُلماتها.
ألم تُبهرك عبارات الشموخ التي أطلقتها حناجر صِغارنا قبل الكبار.
واليوم نوجه لك الدعوة من جديد متى ستدخل ومن أي باب، ألا يكفيك بأن المظلومية التي ندعوك لنصرتها فاقت أي مظلومية على وجه المعمورة، ألم تحركك صرخات الثكالى وأنين الجرحى، ألم تَزر منامك يوما أرواح الأطفال، أو دقت هاجسك الأطراف الممزقة أو نادتك الرؤوس المقطعة.
ها هي المراحل تمر وتُغلق ورائها الأبواب، ولا زال في كل مرحلة يعلن فيها السيد القائد تصعيدًا ومرحلة جديدة؛ يفتح بيده الشريفة بابا تلو باب لينبهك ويشدك بكل ما أتاه الله من فصاحة ورجاحة عقل وقوة حجة وصدق منطق، ففي كل محاضرة له كان مصدقًا لما جاء في القرآن ومتحدثا بلسان الصادقين والأولياء، ليقول لك أن ادخل الباب واصعد مركبي، ليرفعك الله مقامًا عاليًا وعليٍّا مع الأتقياء، ولك الخيار وبيدك تستطيع قفله أو فتحه، والدخول منه أو التراجع والتقهقر للوراء.
نسمات وتبشيرات تدعوك أن ادخل من الباب، ففي كل مرحلة كان الستار مفتوحا والأمور واضحة وجلية والانتصارات بفضل من الله متتالية وعظيمة، ومن قبل وإلى الآن يقول لك السيد القائد صدري لك مفتوح ويدي لك ممدودة .
وكل مرحلة هي أهم من التي سبقتها، وقد بدأت مرحلة هي من أهم المراحل، والبشارة فيها كبيرة والتحديات فيها عظيمة، لأن مواجهتنا أصبحت مع الشيطان الأكبر ومع العدو الأقبح.
ولحرصنا عليك ندعوك للمشاركة فهي معركة الحق أمام الباطل والخير ضد الشر والإيمان ضد الشرك، وها هي أهم المراحل قد بدأت وأعز باب فُتح أمامك، فهل ستتركه يُغلق.
أم ستلحق بالركاب!
وتعلو مع طائرة "يافا" التي دشنت المرحلة الجديدة، فقد أرعبت وزمجرت بل وانفجرت ودمرت في عمق دار العدوان البغيض، لتقول لقارون العصر، كل الذي بنيته عبر التاريخ بأن جيشك الجيش الذي لا يُقهر، وبأن كابوسك على الضعفاء لن ينتهي لا مع شروق الشمس ولا عند حلول الظلام، إلى أن جاء الوعد الحق وعد انهيار الظالمين ليعلنوا توترهم وقلقهم بل ورعبهم، لتُعيد أيها الظالم اليوم حساباتك ولتستعد لطي سجل بطولاتك الوهمية، ولتحزم أمتعتك المتهاوية ولترحل من على أرضنا لينتهي الظلام ويشع الصباح ليُظهر الله نوره ولو كره المشركون، لتكن اعترافات العدو فيها بضعفه وانهياره وبداية تلاشيه قد ظهرت للعيان، بأن "يافا" أصبحت معجزة العصر وحجة الله على أرضه، مباركة ... يمانية، تعز من أعزه الله وتذل من أذله الله.
وفي الأخير لن يعلوا خطاب على خطاب الله ولا دعوة هي أقوى من دعوة الله لك (قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ). صدق الله العظيم
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه