السياسية || صباح العواضي*

تتميز ثورات أئمة أهل بيت رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله بدءً بسيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين -عليه السلام- وما تبعه من ثورات أعلام الهدى المجاهدين وحتى يومنا، حيث كانت ومازالت بمثابة الغيرة على الاسلام الحق بعد أن انحرفت بوصلته نحو استبدال دين الله، من خلال تضليل العامة وجرها نحو الهلاك وظلمهم وافسادهم.

لم تمضي أيام على ذكرى استشهاد الإمام الحسين – عليه السلام- لتحل علينا ذكرى استشهاد الإمام زيد بن علي -عليهم السلام- أمام المجاهدين وقائد الثورات الإسلامية الأصيلة في الشهر المحرم نفسه.
ومن خلال الأحداث التي عاصرها أئمة بيت رسول الله لم يكن في وسعهم السكوت عن انحراف الأمة وضياع الإسلام على يد ملوك عصرهم ممن ينتسبون للدولة الاموية.

فانطلقت ثوراتهم ضد طغاة بني أميه بتحريك عجلة فريضتا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحث على الجهاد في سبيل الله والخروج على الحاكم الظالم ومقارعة المستكبرين والظالمين، ليس حبا في السلطة أو طمعا بالجاه والمال، بل من أجل دين الله ونصرة المستضعفين واحقاق الحق، من أجل هذا قدَّموا قوافل كبيرة من التضحيات، فكانوا رمزا من رموز المجاهدين لما لا وهم ينتسبون لأطهر بيت في المعمورة ولهم تساق المحبة الإلهية وتشع في قلوب المؤمنين عشقا ابديا حتى قيام الساعة.
وبالعودة لثورة الإمام زيد بن علي على الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك، مثلت هذه الثورة منارة عالية في تاريخ الاسلام وهدية قدمها الإمام زيد لتضيء الكون بأنوار الرحمة والبصيرة والوعي ومحاربة الطغاة وتطهير المجتمع من الفساد.

نجد أن ثورة الإمام زيد – عليه السلام- في سياق هدي الرسالة المحمدية وتعتبر ثورة نهضوية اجتماعية دينية رسمت الأهداف بوضوح في إعادة الأمة إلى المسار الصحيح الذي انحرف عنها طغاة بني أمية، وهنا للحديث دلالة تاريخية وصفت تلك الحقبة بعصر الحروب والثارات ونموذج لانحراف الدولة عن تعاليم الدين المحمدي، وكما نعلم التاريخ لا يرحم فكل الكتب تحدثت عن عصر الدولة الاموية النموذج المغاير لأهداف الرسالة المحمدية واستعباد الشعوب، كما وصل بهم الحال إلى انتهاك الحرمات والتعدي على المقدسات وعاثوا في الأرض فسادا بشهادة كتب التاريخ وليست وليدة فكر عنصريا أو تحامل على أحد، فما كان لأهل بيت رسول الله الاطهار تجاوز هذه الحقبة بدون ثورة طاهرة ومحاولة تبصير الأمة وارشادها نحو الطريق الحق بعد أن عمدت خلافة بني اميه على تغيير فكرها وثقافتها وقناعتها وتصوراتها للدين الإسلامي عن المبادئ التي يترتب عليها إقامة العدل والحق وإصلاح الأمة.

استشهد الإمام زيد بن علي -عليهما السلام- في ساحة المعركة بعد أن مهد لزوال الدولة الاموية وخلالها تم مقارعة الطاغية هشام بن عبد الملك الاموي، وارتقى الإمام زيد شهيداً فكانت شهادته رمز للظلم لرجل دين، واطهر إنسان عرفته البشرية من أجل أن تصلنا القيم الإسلامية الأصيلة بعيداً عن التزييف والتحريف، في عصرنا الذي يشهد على جريمة بني صهيون، مما يعني الوفاء للإمام زيد وثورته من خلال مقارعة قوى الاستكبار والمطبعين عبر العودة إلى ينابيع الإسلام والعمل بعوامل القوة والنصر، وفي يمن الإيمان والحكمة الذي يحيي هذه الذكرى وهو يقدم الشهداء والتضحيات في سبيل الحرية والعزة والكرامة بقيادة قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي -حفظه الله- مستبصرا بهدي القران الكريم ومقتديا برسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم، وأئمة اهل بيته ملبيا هتافات العزة رافضا للذلة والمهانة.

في الختام سلام الله على حليف القرآن يوم وولد ويوم استشهد، ونبش قبره ويوم صلب، ويوم أُحرق وذره رماده الطاهر في نهر الفرات سلام الله على آل بيت رسول الله وعلى أرواحهم التي جددت للأمة روحها وعزتها وكرامتها.

* المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب