اليمن وغزة.. واحديةُ الدم وَالمصير
دينا الرميمة*
مع بداية تنفيذ القرار اليمني بمساندة غزة في حربها مع الكيان الصهيوني من باب الواجب الديني والأخلاقي والإنساني سواء بقصف المدن المحتلّة بداية بأم الرشراش بالصواريخ والطائرات المُسّيرة اليمنية أَو بالحصار الذي أطبقته اليمن على السفن الصهيونية أَو التي لها ارتباط بالكيان الصهيوني في باب المندب.
وعلى الرغم من نجاح هذه العمليات وفعاليتها وجدنا من يحاول النيل منها تكذيبا أَو انتقاصا وتوصيفا لها بالمسرحيات!!
وغير أن آثار هذه العمليات بدا واضحًا وبالذات على الاقتصاد الصهيوني نتيجة تعطيل ميناء إيلات وجعله خاويا على عروشه ما جعل أمريكا تأتي بقضها وقضيضها إلى عرض البحر لإنقاذ ربيبتها مما اصابها من الضر وتحت دعوى حماية الملاحة البحرية العالمية التي لم يمسها اليمنيون بأذى أنشأت تحالفا لتبرير عسكرتها للبحر الأحمر لم يكن إلا دليلا أكبر على فعالية العمليات اليمنية التي حرمت المياه اليمنية على الصهاينة كمرحلة أولى!!
وحاولت أمريكا ومن تحالف معها إرهاب اليمن بعودة الحرب عليها بأسلحة كان صوت صداها أكبر مما سبق واسقط عليها إلا انها فشلت في الوصول للمخزون العسكري اليمني فتضاريس اليمن وجغرافيتها كانت أكبر قدرة على اخفائه عن أعين تكنولوجياتهم الحديثة وتسقطه حاملات طائراتهم، وكان عاقبة أمرها خسرا كون اليمنيون لم يعتبروا تلك الغارات التي ارتقى على إثرها عددٌ من الشهداء إلا امتدادًا لحرب سنوات عشر لا تزال قائمة ولم توهنهم بل زادتهم قوة إلى قوتهم اضف إلى اعتبارها امتداد لحرب غزة ووسام شرف على صدورهم انهم لأجل غزة وفلسطين يقصفون وعلى إثرها زادوا من تطويرهم للصناعات العسكرية.
ومع تزايد الجراح في غزة تصاعدت العمليات المساندة لها في مراحل أربعة لملاحقة السفن الصهيونية والأمريكية والتي تخترق قرار الحظر من البحر الأحمر إلى العربي والخليج الهندي فالأبيض المتوسط، وُصُـولاً إلى ميناء حيفا بمشاركة المقاومة العراقية، وَعجزت حاملات الطائرات "آيزنهاور" الأمريكية و"دياموند" البريطانية أن توقف الغضب اليمني على الصهاينة نالهما منه نصيب واسقط هيبتهما التي لطالما ارعبت دول المنطقة والعالم حال تحَرّكها في البحار وأصبح العاملون عليها مذهولون من حجم التطور الكبير للصناعات العسكرية اليمنية التي لا تمهلهم ثواني لتحديدها أَو التصدي لها؛ ما جعلها تفر هاربة بما تبقى بهما من حياة وسمعة مسطرة أكبر هزيمة طالت أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية.
وردًّا على هذا الفشل والهزيمة التي ألحقتها أمريكا بنفسها حاولت تضييق الخناق على اليمن في حرب البنوك التي أعلنها المرتزِقة على بعض البنوك في صنعاء بإيعاز من السعوديّة التي تحَرّكها أمريكا كيف شاءت امتدادًا للحرب الاقتصادية القائمة منذ بداية العدوان والتي كان لها إثرها الكبير على الشعب اليمني بشكل عام وعلى المناطق المحتلّة بشكل خاص، حيثُ إن تأثيرَها كان عليهم أكبرَ بانهيار العملة في مناطقهم، أضف إلى إغلاق مطار صنعاء أمام الرحلات المتفق عليها في الهدنة القائمة بين اليمن ودول العدوان في محاولة لثني اليمن عن مساندة غزة، إلا أن الرد اليمني جاء على لسان السيد القائد بأن استهداف الاقتصاد اليمني ستكون عاقبته وخيمةً وأن الرد سيكون بالمثل وإن حدثت ألفُ ألفِ مشكلة. وبلغة الواثق المنتصر أعلنها المطار بالمطار والميناء بالميناء، الأمر الذي سُرَّت به قلوب اليمنيين وخرجوا مفوِّضين للسيد القائد بتنفيذه سيما وقد ملوا من الهدنة التي لم تقدم لهم شيئاً؛ فعدوهم المنفذ للحرب لا يفهم لغة القوة التي ذاقها يوماً ما بذات صواريخ ومسيرات عطلت اقتصاده وجعلت أربابه يأتون لصنعاء وهم صاغرون يطلبون وُدَّها وسلامًا لا يزالون يترنحون في تنفيذه؛ كون الأمر به لم يأتِهم من ربهم الأمريكي الذي عجز عن ثني اليمن عن مواقفها المساندة لغزة ولا تزال عملياته ترهق الصهاينة سواء في البحر والمعلن عنها بشكل يومي أَو في العمق المحتلّ في مرحلته الخامسة أولاها عمليةُ المسيّرة اليمنية التي أطلقت عليها المقاومة الفلسطينية اسم "يافا" الاسم الأصلي لمركز كيان الاحتلال وعلى يافا حطت رحالها بعد أن قطعت مسافة ٢٠٠٠ كيلو متر ولم يمهلهم قوة انفجارها وقتا لإنكارها كما لم تمهلهم وقتا لرصدها وصدها في أكبر عملية اختراق أمني للكيان وفشل ذريع لأنظمة دفاعاتهم الجوية جعلتهم يأتون محملين غضبا أسقطوه على مخازن النفط في ميناء الحديدة ومحطة الكهرباء لم تنل من قوة اليمن ولم تشفي غليل صدورهم فأرسلوا بدخانها المتصاعد رسائل تخويف للشرق الأوسط وهم الخانعون أصلًا، كما صرح بذلك وزير الحرب الصهيوني، بينما لم يعتبره اليمنيون إلَّا دخانا متصاعدا من قلوبهم المحروقة على سمائهم التي لم تعد نظيفة كما وصفوها وعلى حريق هيبتهم التي أسقطتها اليمن كما سقطت يوم السابع من أُكتوبر، مؤكّـدين استمرارهم في مواقفهم الثابتة وإعداد العدة لمواجهة عدوهم الأول مساندة لغزة وللأُمَّـة بشكل عام؛ فالدم واحد والمصير واحد مهما كانت التداعيات والنتائج فاليمنيون لا يمزحون حين يصرخون بالموت لـ "إسرائيل" إنما بالفعل أماتوهم خوفا ورعبا جعلهم يرون الموتَ اليمني حتى على أجنحة الطير في أكبر هزيمة نفسية عاشها الكيان المنكسر.
* المصدر : ملتقى الكتاب اليمنيين
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع