السياسية || محمد محسن الجوهري*

لو أن المسألة تقتصر على الإمكانيات لكانت السعودية أقوى دولة في العالم لما تمتلكه من ثروات وترسانة عسكرية هائلة، لكن العقائد الباطلة جعلت ذلك كله مسلطاً على المسلمين وحسب، أما إذا تعلق الأمر بحماية المسلمين والمقدسات الإسلامية، فإنه مجرد "سيف بيد عجوز"، والخلل منذ البداية كان عقائدي محض، وحال دون أن تكون بلاد الحرمين دولة إسلامية، تدافع عن أبناء الأمة وتحمي ثوابتهم، وهو ما كان يتمناه منها كل مسلم في أرجاء المعمورة.

وبدلاً عن تلك الدولة الإسلامية تحولت السعودية إلى كيان يخدم الصهاينة والمشاريع الغربية، بعد أن تبنت منهجاً يبيح التطبيع مع أعداء الإسلام، وفي الوقت نفسه يكفِّر المسلمين جميعاً، ويسعى لمنع تحقيق الوحدة الإسلامية التي يخشاها الغرب، ويرى فيها نهايةً لكل أطماعه، وحروب الإبادة التي يشنها ضد المسلمين في فلسطين، وسائر العالم.

ولذلك كان من السهل كسر السعودية وابتزازها من قبل حكام الغرب، بعد أن تخلت عن محيطها الإسلامي من أجل أن يرضى عنها أعداء الأمة، فلا هي سلمت ولا الغرب رضي عنها وتحولت بكل طاقاتها الهائلة إلى مطية طيعة لأسيادها في البيت الأبيض، وهذا في حد ذاته، تناقضٌ كبير مع العقائد الإسلامية التي توجب الوحدة وتعادي أعداء الإسلام، وتحرم موالاتهم.

بالمقابل، استطاع اليمن اليوم أن يكون قوة إقليمية عظمى يحسب لها الغرب ألف حساب، ويخشى قادة الغرب الدخول معه في حربٍ مباشرة، والسبب هنا عقائدي محض، فاليمن يلتزم بالمنهج الإسلامي الذي لا يقبل الهزيمة ويرى بأن أعداء الإسلام مجرد نمور من ورق، ولا ترقى أن تكون تهديداً وجودياً للعرب، وهذه هي المفارقة التي يجب التركيز عليها عند الحديث عن أسرار النصر اليماني، ومقارنته بخنوع السعودية وسائر العرب.

فالقوة تبدأ من النفوس والإسلام قد ضمن لأنصاره كافة وسائل القوة التي ترهب أعدائهم وتكسر شوكتهم، فالعقائد الصحيحة هنا تتجلى على شكل مسيرة قرآنية ملتزمة بالنص الإلهي، وتنظر من خلاله إلى الواقع، وعليه تبني قراراتها السياسية والميدانية والتي تكللت في جميعها بالنصر والغلبة على كل من يصارعها في الداخل والخارج.

وعندما تكون العقائد سليمة، عندها يصبح للسلاح قيمته في الميدان وتتغير بذلك الموازين العسكرية، ويسعى الغرب إلى التكيف معها بدلاً عن مواجهتها، وما نراه في معركة البحر الأحمر شاهداً جلياً على قوة اليمن رغم فارق الإمكانيات بينه وبيد جارته السعودية التي تبقى فريسة سهلة للغرب، رغم ما لديها من إمكانيات مادية.

وبما أن المنطقة برمتها مقبلة على مرحلة جهادية طولية المدى، تتعطش فيها الأمة لتحقيق الانتصارات العظيمة على العدو الصهيوني، فإن نموذج المسيرة القرآنية سيتعمم على كل عشاق الكرامة في البلاد العربية والإسلامية، وسيصبح اليمني نموذج النصر الذي يقتدي به الشرفاء كافة بطول البلاد وعرضها.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب