السياسية || محمد محسن الجوهري*


يُطلق الإعلام السعودي، وسائر إعلام العمالة والتطبيع على حزب الله اسم "ميليشيا" في محاولة لاستصغار مكانته، والتقليل من دوره المحوري كقوة عظمى في الشرق الأوسط، نجحت لأول مرة في هزيمة الكيان الصهيوني، وهو الأمر الذي عجزت عنه الدول العربية مجتمعة في حربي 48 و67، وما بعدهما من نكسات وهزائم.

ولأنها اعتادت الانكسار والهزيمة، ودت تلك الأنظمة العميلة أن تصل بحزب الله إلى قعر الخزي الذي تعيش فيه، وتسخِّر كل وسائل المادية والإعلامية لإجباره على الخنوع للكيان الصهيوني، بعد أن كَبُرَ عليها شرف الوقوف بندية للصهاينة، عملاً بمبدأ "الهزيمة للجميع خيرٌ من أن ينتصر البعض"، إلا أن رجال الرجال من حزب الله الأشاوس لم يخضعوا لتلك الابتزازات، وتجاوزوها بكل حنكة وثبات، وبمناورات مذهلة على الأصعدة العسكرية والسياسية.

ولنتذكر هنا أن عملاء إسرائيل قبل مايو – أيار 2000، كانوا يتجاهلون الحديث عن حزب الله، خاصة الإعلام السعودي الذي خصص -حينها- كل طاقته لتلميع التظيمات الإرهابية -الشبيهة بالقاعدة وداعش اليوم- للهروب من الحديث عن انتصارات المقاومة الإسلامية سواءً في لبنان وفلسطين.

إلا أن الانتصار الكبير لحزب الله والصدى الذي حظي به بعد فرار الجيش الصهيوني من جنوب لبنان عام 2000، أجبر السعودية أن تدخل المعركة لأول مرة في العلن إلى جانب إسرائيل، بعد أن أمضت قبلها عقوداً وهي تناصرها في الخفاء ضد الشعوب العربية المسلمة، وليبدأ بعدها الإعلام السعودي وشيوخ الفتنة في المملكة بخلق الشائعات والحروب الإعلامية للتشنيع برجال حزب الله، لدرجة أنها نجحت في خلق تيارات وهابية معادية لحزب الله داخل العديد من الطوائف الدينية في لبنان، بما في ذلك المسيحية، عنوانها المشترك الإطاحة بأعداء إسرائيل.

لصب الزيت على النار، كانت حادثة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في فبراير 2005، لضرب الحاضنة الشعبية لحزب الله، والدفع بسائر الطوائف الدينية والسياسية بالدخول معه في حرب أهلية، يتحمل الحزب مسؤوليتها بالكامل، إلا أن الدهاء السياسي للسيد حسن نصر الله فوَّت على الرياض، ومن وراءها تل أبيب، الفرصة في إشعال الجبهة الداخلية، ولم تنجح تلك الحملات حتى في إضعاف الروح القتالية لرجاله المجاهدين، بدليل خروجهم منتصرين من حرب تموز 2006، رغم التآمر الدنيء من قبل النظام السعودي وحلفائه داخل لبنان وخارجه.

وعندما امتدت نار الفتنة الطائفية إلى سورية بأموال السعودية وتحريضها، نجح حزب الله في إخمادها هناك، وكسر شوكة إسرائيل والسعودية وحلفائهم مجتمعين، بعد أن شن تدخلاً عسكرياً غير مسبوق، نجح من خلاله بإتقان الحروب النظامية وحرب العصابات بأساليب متنوعة، ضد الجماعات المتطرفة التابعة للرياض وتل أبيب.

واليوم، وعندما سكت أغلب العرب، كان حزب الله حاضراً منذ اليوم الثاني لطوفان الأقصى لمناصرة الشعب الفلسطيني المظلوم في غزة، وتحولت المستوطنات اليهودية في شمال فلسطين إلى مساكن للأشباح على وقع الضربات الموجعة للمجاهد اللبناني، وبات معها مستقبل الكيان في خطرٍ وجودي، سيما إذا اتجه لتنفيذ غزواً برياً في جنوب لبنان.

ويبقى لحزب الله، رغم كل المؤامرات اليد الطولى في رسم مستقبل المنطقة، وسيسجل التاريخ ذلك الشرف بأحرف من نور، في وقتٍ تكون فيه أنظمة العمالة والتطبيع قد تلاشت وذهبت إلى مزبلة التاريخ، إلا أن يتدارك البعض من أبنائها الشرفاء أهمية المرحلة الراهنة، وينتفضوا من أجل تغيير واقعهم المخزي وإعادة بلدانهم إلى معسكر الأمة الإسلامية في معركتها المصيرية مع الكيان الصهيوني.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب