تقرير / محمد شوعي ناجي ..

تنطلق اليوم السبت أعمال قمة مجموعة الدول الصناعية السبع في مدينة بياريتز جنوب فرنسا، وسط خلافات عميقة بين قادة دول المجموعة حول عدد من الملفات العالمية الكبرى، ابرزها الاتفاق حول البرنامج النووي الايراني والحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين وعودة روسيا الى المجموعة.

ويجتمع قادة هذه الدول في إطار قمة تعقد مرة كل سنة، وتستضيفها الدولة التي تتولى الرئاسة الدورية في مدينة بياريتز على المحيط الاطلسي جنوب فرنسا، فيما تنعقد هذا العام بمشاركة مصر بصفتها رئيس الاتحاد الافريقي .

وبهدف تأمين اعمال القمة، أغلقت السلطات الفرنسية قبل يومين محطات القطار والمطار المحيطة بمنطقة بياريتز، وأعلنت قوات الأمن الفرنسية حالة تأهب قصوى، ونشرت أكثر من 13 ألف شرطي في المنطقة، حيث يخشى أن يؤدي تجمع كبير للمعارضين للقمة إلى أعمال عنف .

وستناقش القمة الى جانب القضايا الكبرى، القضايا المتعلقة بتغيير المناخ، والأمن والسلم ومكافحة الارهاب ومواجهة ظاهرة المقاتلين الأجانب، الإعلام والشائعات وتنشيط الشراكة العالمية من أجل التعليم والتكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي، والتنمية البشرية والمساواة والتحديات الاقتصادية والتعاون الدولي والتعددية واقامة علاقات قوية مع أفريقيا.

وستكون قضايا الاقتصاد العالمي والحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وملف (بريكست) حاضرة بقوة على طاولة الزعماء، في الوقت الذي استبق الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون القمة بالتقليل من أهمية البيان الختامي، تحسباً من خطوة قد يقوم بها ترامب تشبه ما فعله خلال القمة السابقة في كندا عندما رفض توقيع بيانها الختامي بعد أن وافق قبل ذلك على نتائجها.

وسيشكل الاتفاق النووي الايراني ابرز نقاط الخلاف بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء البريطاني الجديد بوريس جونسون والخمسة الزعماء الآخرين، خاصة الرئيس الفرنسي ماكرون.

ويتوقع المراقبون ان تكون اجواء القمة من بدء افتتاحها وحتى بيانها الختامي بعد ظهر الاثنين، متشنجة ومشحونة، خاصة مع محاولة الرئيس الفرنسي التوصل الى تفاهم مع نظيره الامريكي بشأن إخراج أزمة الاتفاق النووي من عنق الزجاجة والتوصل الى حلول .

وفي هذا السياق، يُنتظر لقاء ماكرون مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد سلسلة المواقف المتشنجة بين الرجلين، خاصة بعدما انتقد ترامب نظيره الفرنسي بشدة وحذره من أنه “لا أحد سوى الولايات المتحدة يتحدث باسمها” .. متحدثاً عن ما اسماه “حماقة ماكرون” بعد قرار فرنسا فرض ضرائب على الشركات الرقمية الأمريكية الكبرى.

كما ستشكل الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين ابرز القضايا المطروحة في القمة، خاصة وان الخلاف بين الجانبين يظهر بجلاء بعد تبادل فرض الرسوم على صادرات كل منهما للآخر، اضافة الى الخلاف المماثل بين الولايات المتحدة أيضاً وفرنسا بسبب فرض فرنسا ضرائب على شركات التواصل الأمريكية.

وكانت الولايات المتحدة قد بدأت هذه الحرب عبر فرضها رسوماً كبيرة على واردات الحديد من الصين وضمها سلعاً أخرى كثيرة تخطت قيمتها 350 مليار دولار وهو ما أضر بالصادرات الصينية بشكل كبير، ما دفعها للرد على ذلك بفرض رسوم مقابلة وتخفيض قيمة عملتها (اليوان) فى محاولة لدعم صادراتها بتقليل سعرها وزيادة منافستها مع المنتجات الأخرى الأمريكية.

ولم تقتصر الرسوم الأمريكية على الصين فقط بل أضرت أيضاً بمعظم الدول الصناعية الكبرى، خصوصاً وأن السوق الأمريكي هو الأكبر في العالم ويتلقى صناعات من كل الدول الصناعية الكبرى، مثل روسيا والهند واليابان وألمانيا، وفرنسا، والمملكة المتحدة، وهو ما بدأ يقود الاقتصاد العالمي لحالة من الركود، وجعل مناقشتها تصبح لزاماً في اجتماعات المجموعة لهذا العام.

كما سيمثل عودة روسيا الى المجموعة احد اهم ما سيطرح خلال القمة وسط معارضة اوروبية على خلفية مسألة جزيرة القرم والحرب في شرق اوكرانيا، حيث انضمت روسيا الى المجموعة عام 1998م وتحولت إلى مجموعة الثماني، ولكن عام 2014 عادت إلى تسميتها السابقة أي مجموعة السبع بعد استبعاد روسيا.

وقد استبقت الولايات المتحدة مسألة مناقشة عودة روسيا إلى مجموعة السبع بالتسائل عن رغبة روسيا في العودة الى الانضمام الى المجموعة، خاصة وان روسيا نفسها لم تطلب العودة .

وقال متحدث باسم إدارة الرئيس ترامب ان “المسألة، كما فهمت، طرحتها فرنسا وهي تتعلق بموعد عودة روسيا إلى هناك (مجموعة الثماني)، إذا حدث ذلك على الإطلاق لذلك قد يتم طرحها، لكنهم يواصلون سماع أن روسيا نفسها لم تطلب العودة. لذلك أتوقع أن يحدث هذا أولاً” .. مشيراً إلى أن التصويت على هذه المسألة غير متوقع.

وأضاف أن “مجموعة السبع تعمل بالإجماع… نتوقع أن يناقش القادة مسألة مشاركة روسيا أو عدم مشاركتها”.

هذا وكانت الاجتماعات التحضيرية للقمة الـ 45 قد انطلقت اوائل العام الجاري تحت عنوان (من أجل المساواة وأحقية الجميع في الحصول على نفس الفرص في الحياة).

وتضم مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى والتي كانت تعرف سابقاً بمجموعة الثماني قبل أن يتم استبعاد روسيا عام 2014م، الولايات المتحدة، اليابان، ألمانيا، إيطاليا، بريطانيا وفرنسا إلى جانب كندا.

وتمثل البلدان السبع مجتمعة 40٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و10٪ من سكان العالم، ويتم تداول رئاسة المجموعة سنوياً، بين الدول الأعضاء على أن تتولى الدولة التي ترأس أعمال القمة تقديم الموارد اللازمة لعمل المجموعة وتحديد أولوياتها.

وتشارك مصر (رئيس الاتحاد الأفريقي) لأول مرة في الاجتماعات التحضيرية للقمة بعد دعوة رسمية تلقاها الرئيس عبدالفتاح السيسي من نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون الشهر الماضي.