السياسية || محمد محسن الجوهري*

"لكل فعل ردة فعل، تساويه في المقدار وتعاكسه في الاتجاه"، من هنا نستطيع أن نقيس مدى تأثير الصرخة على واقع اليوم، بعد أن تحولت إلى حدثٍ عالمي واسع الانتشار، والخبر الأول في وسائل الإعلام منذ العام 2004، إضافة إلى كونها حديث الناس الأول والأهمّ في الداخل والخارج.

ومنذ يومها الأول، نجحت الصرخة في فرز الأمة إلى فريقين لا ثالث لهما، وهذه علامة فارقة في تاريخ الحق ودعاته، حيث يميز الخبيث من الطيب، وهذه سُنة إلهية تتجلى في حاضرنا على يد المشروع القرآني وقيادته وأنصاره، بل وحتى في أعدائه، فكل تحرك مناهض للصرخة كان بمثابة شهادة تثبت أحقيتها ومصداقيتها أمام العالم أجمع.

ولو أننا أجرينا عملية جرد صغيرة لتاريخ الصرخة، لوجدنا أنها تعرضت لأكبر حرب كونية في العصر الحديث، وخرجت منها منتصرة، بينما انكسرت شوكة الآخرين مع أول موجة من المعارضة لمشاريعهم، وفي أحيان كثيرة بتوقف الدعم الخارجي، كما هو حال الأنظمة العميلة التي حكمت اليمن قبل تاريخ 21 سبتمبر 2014.

والسبب في ذلك أن السيد حسين بدرالدين الحوثي -رضي الله عنه- لم يعتمد منهج "المناورة السياسية" الشائع في زمنه، بل حصر الناس في زاوية ضيقة جداً بشعار قرآني لا يقبل المساومة، فإما أن نقبل به، وبذلك يصدق انتماؤنا للإسلام، أو أن نعرض عنه وننحاز علانيةً لأعداء الإسلام.

ولنا أن نتأمل عبارات الشعار الخمس، فكل واحدة منها تعبر عن توجه فطري لدى كل مسلم، وليس لمن يقر بالدين الإسلامي أن يعارض أياً منها، لأنه بمعارضته تلك يقف في صراعٍ علني مع القرآن الكريم ومن أنزله.

والغريب في الأمر، أن الرافضين للصرخة يقرون بأن أكثر ما يستفزهم منها هو اللعن لليهود، ولو أننا غيرنا عبارات الشعار واستبدلنا "اللعنة على اليهود" باللعنة على غيرهم، لما اعترضوا على ذلك، ولك أن تلعن أمامه المجوس والهندوس، بل والمسلمين أيضاً، ولن يرى في ذلك أي خللٍ مادام واليهود بمأمن عن اللعن والبراءة.

والأغرب من ذلك أن الرافض للصرخة لا يغضب منك إذا ما لعنته هو شخصياً، وقد تراه يتبادل اللعن والعبارات البذيئة مع الآخرين، حتى إذا سمع الصرخة واللعن لليهود أعرض ونئا بجانبه، وبدت عليه علامات الغيظ والغضب، وفي هذا مؤشرٍ خطير على صدق علاقته بالله وبالدين الإسلامي.

وأذكر حادثة لأحد الزملاء كان يلعن السعودية والإمارات وفصائل المرتزقة في مناطق سيطرتهم، ولم يتعرض خلالها لأي أذى من أي طرف منهم، حتى إذا تعرض لليهود، وأقدم على لعنهم، فوجئ بحملة أمنية تطارده بتهم مختلفة، منها: الرفض والردة وسب الصحابة، ولك أن تجري تجربة مماثلة لتتأكد من صدق ادعائه.

وهذا يثبت أن الحرب على اليمن يهودية في المقام الأول، وأن كل أعداء اليمن، من سعوديين وإماراتيين ومرتزقة، ليسوا سوى جُدُر يتحصن بها بنو إسرائيل في حربهم معنا، وفي ذلك عبرة كبيرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب