السياسية || نصر القريطي ||

لا يمكن إحصاء جرائم الحرب التي ارتكبتها واشنطن بحق أهل غزة خلال هذه الحرب لوحدها فكيف هو الحال بالجرائم الأميركية بحق القضية الفلسطينية منذ بدايتها..

أوقح تلك الجرائم على الإطلاق هي الادعاءات الامريكية بقطع واشنطن شحنات أسلحةٍ كانت متجهةً الى إسرائيل وتعليق أخرى..

نقول أن هذه أبشع الجرائم الأميركية بحق شعب فلسطين العظيم وأنها أكثرها وحشيةً ليس لأنها يمكن ان تنطلي على أحد بل لأن فيها الكثير من اللا إنسانية والتصهين والخبث الذي يتجاوز لؤم الصهاينة انفسهم..

نقلت الصحافة الامريكية خلال اليومين المنصرمين أخباراً عن البيت الأبيض ومسئولين أمريكيين كبار تحدثت عن معارضة واشنطن لاجتياح جيش الاحتلال لمدينة رفح الغزّاوية آخر الملاجئ "غير الآمنة" لأكثر من مليون ونصف فلسطيني أعزل جُلّهم من النساء والأطفال..

بدوره قال ثعلب البيت الأبيض "العجوز بايدن" أنه سيعمل على منع ارسال أسلحة وصواريخ وذخائر دقيقة التوجيه لإسرائيل للضغط عليها كي لا تذهب الى رفح..

مناورةٌ خبيثةٌ ملطخةٌ بدم كل شهيدٍ فلسطيني ملخصها ان واشنطن غير موافقةٌ على اجتياح جيش العدو الصهيوني لمدينة رفح وهذا كذبٌ معلن وتكالبٌ اجراميٌّ خبيث..
لكن الأمريكي حتى عندما يبدي رفضه الكاذب لتفاصيل معينة في حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها الصهاينة في حق الفلسطينيين العزل يستمر في إعلان شراكته الصريحة في جرائم هذه الحرب..

في ذات الخطاب الذي قال فيه ثعلب البيت الأبيض انه سيعلّق تسليم شحنات أسلحةٍ الى تل ابيب شدد على ان إسرائيل لم تتجاوز الخطوط الحمراء بعد..

هذه العبارة لا تقل اجراماً عن ما قاله بعد شهرٍ من هذه الحرب بأنه لا يرى ما يشير الى ان الجيش الإسرائيلي يرتكب جرائم حرب في غزة..

الأمر ليس مجرد عبارات ترضية يطلقها هذه الصهيوني المتجذر..

بالنسبة لبايدن وكل الساسة والعسكر في الولايات المتحدة فإن حرب الإبادة التي تقوم بها إسرائيل بحق الفلسطينيين ليست تجاوزاً للخطوط المرسومة سلفاً..

لقد اثبتت حرب غزة الأخيرة أن الامريكان ليسوا مجرد داعمين للصهاينة في كل ما يقومون به من جرائم في فلسطين بل هم شركاء في كل مراحل هذا الاجرام بما في ذلك التخطيط له ورسم خطوطه العريضة..

المخزي حقاً واللا انساني أن الإعلام العربي والدولي يتناقل التصريحات الامريكية بخصوص رفح وكأنها موقفٌ مغايرٌ لواشنطن فيه شيءٌ جديد..

ما يقوله الامريكان اليوم بشأن عدم تأييدهم لاجتياح الجيش الإسرائيلي لمدينة رفح هو محاولةٌ خبيثةٌ لفتح صفحة اجرامٍ جديدةٍ لجيش الاحتلال الصهيوني وطي كل ما مضى في حرب الإبادة الجماعية بحق غزة وأهلها طيلة الشهور الماضية..

انه استراتيجيةٌ خبيثةٌ تلعب على الذاكرة المؤقتة عبر إلهائها بما هو طارئ لمنح جيش الاحتلال الإسرائيلي المساحة الكافية للمضي قدماً في المخطط الإبادة الخبيث المرسوم بالشراكة مع واشنطن في كل مراحله..

يجب ان لا تلهينا الأكاذيب الامريكية بشأن عدم تأييد اجتياح رفح وتعليق شحنات أسلحة كانت متجهةٍ الى إسرائيل عن تصريحات أمريكية لم يجف حبرها بعد..

وفقاً للتصريحات المتكررة لقادة البنتاجون والتي لا تزال مستمرة حتى اللحظة فإن إسرائيل لم تعرض على واشنطن حتى الآن خطةً مناسبةً لاجتياح رفح ومطاردة مليون ونصف فلسطيني في آخر مربعٍ غير آمن لهم في غزة..

كلامٌ لا يحتمل اكثر من تفسيرين وليس له سوى مدلولٍ واحد.. ان واشنطن يحتاج فقط لخطةٍ مناسبةٍ لمنح الضوء الأخضر لربيبتها إسرائيل لتوجه الضربة القاضية لنازحي غزة الذين هم كل سكانها..

ما يقوم به الامريكيون من مناورات إعلاميةٍ وسياسيةٍ وفي الأروقة الدبلوماسية والأممية ليس اكثر من أداء دورهم في هذه الحرب العنصرية المجرمة وهم يؤدونه بإخلاص..

كل ما تفعله واشنطن ولندن وكل صهاينة العالم يصب في خانةٍ واحدة خرجت من "مشكاة الصهيونية" وتتشارك معها كل جرائمها وتدين لها بالولاء المطلق والطاعة الماسونية العمياء.

- المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع