عبد القوي السباعي

إلى كُـلِّ عربي يعتصرُهُ الألمُ ويسكُنُه الوجع، وتهزُّهُ المشاعرُ الإنسانية النبيلة، وعروقُه ما تزال تنضحُ بالدماء العروبية الأصيلة، وقلبُهُ ينبضُ إيماناً بالتعاليم المحمدية، أَمَا آن لك اليوم، أخي؛ أيها العربي، أن تتحَرّك، وأنت تقفُ: إما موقف الصامت المتفرج المصدوم، أَو موقف المتخاذل اللئيم المذموم، أَو موقف العاجز المعدوم، أمام كُـلّ ما يجري من مظلوميةٍ كونية، وحربٍ عدوانيةٍ خرافية ضد إخوانٍ لك في الدين والقومية والإنسانية، على الأرض الفلسطينية.

نقول لك؛ من هُنا من يمن الإيمان، كُـلَّ يوم؛ كُـلَّ ساعةٍ ولحظة: إذَا لم يتحَرّكْ ضميرُك الإنساني وتنهضُ بمسؤوليتك الدينية والأخلاقية والقومية، أمام مشاهد الخراب والدمار والمجازر.. مشاهد الإبادة والقتل الهيستيري.. مشاهد الإذلال والإجرام والتوحش الصهيوني الممارَس على أهلك في غزة.. فمتى تتحَرّك؟.. وعلامَ ستنهض؟

إذا لم تستفز نخوتَك وحميتَك مشاهدُ الأشلاء والدماء.. مشاهد النحيب والأنين والبكاء.. مشاهد البؤس والجوع وانعدام الدواء، إذَا لم يستثر رجولتَك وأنت تسمع وترى ما يمارسُه جنودُ الاحتلال الصهيوني من قتلٍ للأطفال والنساء.. من اغتصابٍ للفتيات وامتهان لكرامة الرجال، ومِن نبشٍ للقبور وسرقة للأعضاء من أجساد الشهداء؛ إذَا لم تفزع فزعَةَ الرجال أمام كُـلّ هذا.. فمتى تستنفر وتثور وتفزع؟

أيها العربي الأبي لك أن تتأمَّـلَ من حولك، وفي أرجاء العالم، ثَمَّةَ دولٌ أنظمتُها صهيونية، دولٌ علمانية وأُخرى لا دينية، غير أن شعوبَها حية وتنبِضُ بالإنسانية، برغم محاولات إسكاتها وإخماد حراكها بكل وسائل السلطات القمعية والترهيبية، إلا أنها تعبر عن تضامنها مع غزة، وتزمجر أصواتُها؛ نصرةً لمظلومية أهلها، وتناضل وتضغط على حكوماتها بكل وسائل التعبير لوقف هذه الحرب العدوانية العبثية.

وتأمل كيف أن النُّظُمَ العربية، تقفُ اليوم هكذا -أمام أكبر منكر في البشرية وأبشع حربٍ إجرامية- خانعةً ذليلة، أَو متواطئةً في مُمَالَأَةٍ وكيدية، أَو عاجزةً مسلوبة الإرادَة والحرية، غير أن هذا لا يعفي شعوبَها من التحَرّك بكل قوةٍ واندفاع، في كُـلّ ميدان وعبر كُـلّ اتّجاه وفي مختلف الساحات، وبكافة وسائل التعبير والتغيير، بالفعل والقول؛ باليد واللسان؛ إذ لا مجال اليوم للتغيير القلبي “فذلك أضعف الإيمان”!

فإما أن تكونَ في الخندق العربي المؤمن القوي السائر على منهاج الرسالة المحمدية والسنة الإلهية، أو في خندق التخاذل والتطبيع والتدجين والاستسلام لتعاليم الصهيونية والمسالك الشيطانية.

لا مجالَ اليوم لكل من يحاولُ صرفَ الانتباه ولفتَ الأنظارِ عن قضية الأُمَّــة المركَزية “فلسطين” الحرة ومظلومية غزة العزة.

لا مجالَ لكل من يوجِّهُ بُوصلةَ العِداء لغير من أمَرَ الله بمعاداتِه، لكل من يهدف إلى تفريق الأُمَّــة وتمزيقها وإضعافها.. والله سبحانه يقول: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أولياء بَعْضٍ، يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ، إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).

- المصدر: صحيفة المسيرة
- المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع