"في ذمتي بيعة للخميني"
السياسية || محمد محسن الجوهري*
قالها الشيخ عبدالمجيد الزنداني عقب انتصار الثورة الإسلامية في إيران، أواخر عقد السبعينيات من القرن الماضي، وقد اضطر لاحقاً للتراجع عنها بسبب الضغوط التي مارستها السعودية عليه، مثله مثل الكثير من المواقف المبدئية المشرفة التي أعلنها في مراحل مختلفة من حياته، قبل أن ينقلب عليها في حال تعارضت مع مصالحه الخاصة.
ونذكر من جملة مواقفه المبدئية تلك، رفضه في يوم من الأيام أي عدوان خارجي على اليمن، وبمجرد أن أعلنت الرياض عدوانها على بلاده، هُرع إلى تأييده بفتوى رخيصة أباح بها دماء شعبه، من أجل مصلحته الخاصة.
وقد كافأته السعودية على ذلك الجميل بأن وضعته قيد الإقامة الجبرية، ومن ثم ترحيله من أراضيها منتصف العام ٢٠٢٠، ومثَّل ذلك صفعة للزنداني، وطعنة في الظهر، له ولكل أنصاره بعد أن جندوا أنفسهم لخدمة الرياض وحكامها.
وقد أثمرت تناقضات الزنداني في خلق جيلٍ مهزوز من مؤيديه، لا يفرق كبيرهم بين الحق والباطل، وباتوا يرون الحياة بأنها صراع من أجل المصالح وحسب، وصار الكذب صفة متأصلة فيهم، بعد أن اختفى مفهوم الحق والدين في نفوسهم.
ولنا في الحزمي شاهد على ذلك، فالرجل لا يستحي أن يكذب وأن يظهر متناقضاً من أجل تبرير مصلحة معينة، وكان آخر سقطاته الأخلاقية نشرُه مؤخراً صوراً قديمة لجموع غفيرة من الناس في تركيا على أنها لتشييع شيخه الزنداني.
وهنا نتساءل: كيف لو أن الزنداني لم يخف في الله لومة لائم؟!
بالتأكيد كان أسهم في بناء أمة لا تخشى الصهاينة ولا عملاءهم في المنطقة، ولما تأخر اليمن ليحظى بما هو عليه اليوم من القوة والمنعة.
ولكن المواقف الكبيرة تحتاج إلى رجال كبار لا تكتفي بإطلاق المواقف وحسب، بل تدافع عنها بالغالي والنفيس حتى الرمق الأخير، ومن هنا، وبالمقارنة مع الزنداني، نعرف عظمة السيد حسين بدرالدين الحوثي، رضوان الله عليه، والذي قدم حياته ثمناً للحق ولم يتراجع عنه قيد أنملة، وكذلك من بعده السيد عبدالملك بدرالدين، حفظه الله.
وقد برهنا أن الإسلام يحتاج إلى رجال القول والفعل، لا رجال القول فقط، ولو كانت على التصريحات وحدها، لكان عفاش سيد العرب، لكنها أفعاله التي حطت من قدره، وجعلت منه ومنا أضحوكة العرب في حينه.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب