السياسية || محمد محسن الجوهري*

حقيقة يدركها اليمنيون جيداً، فهم أكثر من يعي سياسة جارة السوء، وعلى سائر الشعوب العربية أن تتعظ بمصير حلفاء السعودية في اليمن، وكيف أضحوا مشردين في دول العالم بعد أن تبخرت كل وعود الرياض لهم، وصارت أثراً بعد عين.

فخلال حقبة الستينيات تحالفت أسرة آل حميد الدين مع السعودية لاستعادة شرعيتهم في اليمن فانتهوا إلى هزيمة.

وفي السبعينيات دعمت السعودية اليمن الشمالي في حرب المناطق الوسطى ضد الشطر الجنوبي، فكانت الغلبة للجنوب.

وفي الثمانينيات دعمت الرياض جناح علي ناصر محمد في الحزب الإشتراكي ضد خصومه المتشددين، فكانت كارثة 13 يناير وهزيمة علي ناصر وفراره من عدن، بعد أن خسر منصبه كرئيس للدولة.

وفي حرب عام 1994، ساندت الرياض الحزب الإشتراكي في مساعيه الانفصالية فكانت الكارثة الكبرى للحزب، ولجميع قياداته.

وفي عام 2011، وقفت الرياض إلى جانب حليفها عفاش، فسقط والأسر حكمه، ولم يعد للسلطة بعد ذلك كما وعدته قبل توقيعه على مبادرتها سيئة الذكر.

ليس فقط على الصعيد اليمني، فالساحة العربية تشهد بخذلان السعودية لكل حلفائها الإقليمين، وأهمهم الرئيس العراقي صدام حسين، الذي تحالف مع الرياض في حربه مع إيران، فكان ذلك التحالف وبالاً عليه، ودفعت السعودية لإسقاط حكمه أضعاف ما دفعته له ليستمر في عدوانه على الجمهورية الإسلامية.

وقد أدرك صدام غدر آل سعود بعد فوات الأوان، ولم يتسن له أن يأخذ بثأره منهم بعد استقدامهم لتحالف دولي على رأسه واشنطن، بهدف تحجيم قدراته ومن ثم القضاء عليه.

الخذلان ذاته تكرر مع الرئيس السوداني الأسبق عمر البشير، فقد ظل حاكماً لسنوات طويلة للسودان، ولم يسقط نظامه إلا بعد تحالفه مع الرياض، ومساندته لها في عدوانها على اليمن، والمشاركة بإرسال الآلاف من المرتزقة لغزو صنعاء.

ولم يتعظ البشير من مصير سلفه الرئيس جعفر النميري، فقد كان من أبرز حلفاء السعودية في السودان، والذي سقط نظامه بانقلاب دبره حليف آخر للرياض، هو وزير الدفاع الفريق عبدالرحمن سوار الذهب.

وفي مصر العبر كثيرة، وأبرزها مصيبة الإخوان في يوليو 2013، ولم يمنع الرياض من دعم انقلاب السيسي الشهير رغم أن محمد مرسي دشن رئاسته بزيارة للملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز، وأبدى حرصه في أكثر من مناسبة على كسب ود آل سعود، ولكن بلا جدوى.

العبرة من ذلك كله، أن تحالف السعودية مع "إسرائيل" ضد الشعب الفلسطيني ليس إلا نذير شؤم بحق الصهاينة، ومؤشر على قرب زوالهم.

أما القضية الفلسطينية فلا يضيرها مثل ذلك التحالف، والشعب الفلسطيني أقوى بدون الرياض وأقرب إلى تحقيق النصر الموعود، واستعادة كامل أراضيه، والمستقبل سيشهد على ذلك عما قريب.

* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع