السياسية || نصر القريطي

عقدٌ ينقصه عامٌ واحدٌ انقضى من عمر هذا العدوان الكوني.. فما الذي تغيّر اليوم بين تاريخين..!
تسعةُ اعوامٍ من هذه الحرب التي استهدفت اليمن بقيادة الشقيّة "الكوبرى" السعودية و"الحية الرقطاء" الامارات لم تغادر في اجرامها بشراً أو حيواناً أو حجراً في البر او البحر... إلا وطالته بأياديها الاجرامية الحاقدة السوداء..
لكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم "ما هو الفرق بين السادس والعشرين من مارس الفين وخمسة عشر وبين ذات التاريخ من هذا العام"..!
برغم كل الألم الذي خلّفه العدوان والذي لم تطوى صفحة نيران آثاره الاجرامية حتى اليوم إلاّ أن اليمنيين تناسوا ـ ولو الى حين ـ كل الآثار الكارثية لهذا العدوان.. وكل آلامهم واوجاعهم التي لم تبرأ بعد..
أقحم اليمنيون أنفسهم في أتون حربٍ يعتبرها العالم كله تطاولاً على الكبار وقفزاً فوق الواقع والامكانات..
انخرطوا في مواجهةٍ يرى العدو قبل الصديق ان اليمن في غنىً عنها لا سيما في هذا التوقيت الحرج الذي يفترض ان يبحث اليمنيون فيه عن الخروج من عنق زجاجة العدوان الذي دمّر بلادهم وأعادها لقرون..
نعم.. فعل اليمنيون ذلك من أجل فلسطين.. قاموا بذلك فعلاً لا قولاً.. ومنهجاً لا شعاراً يتردد في مواجهة "ثالوث الشر" الصهيوني الأمريكي البريطاني الذي يتودد اليه اليوم كل من حولهم..
لقد لعق اليمنيون جراحهم التي لا تزال مفتوحةً عن آخرها وقفزوا فوق معاناتهم وتجاهلوا آثار العدوان الذي لا يزال قائماً ومستمراً بل وعلى اشدّه..
هذه المرة وضعت صنعاء قواعد الاشتباك لحربٍ مفتوحةٍ مع "ثالوث الاجرام" الذي يشن حرب إبادةٍ جماعيةٍ مدروسةٍ وممنهجة ضد قطاع غزة وكل أهله..
لم تطالب القيادة اليمنية للعدول عن هذا الموقف الإنساني والديني والعروبي العظيم بأي ثمنٍ يمكن ان يعود على اليمن واليمنيين بصورةٍ مباشرة..
لكنها جعلت من رفع الحصار عن غزة وإيقاف حرب الإبادة بحق أهلها الشرط اليمني الوحيد لإيقاف عمليات جيشنا العظيم في البحرين الاحمر والعربي وامتداداتهما..
بالعودة لمحور هذه القراءة فإننا نسأل ونجيب على العالم كلّه "ما الذي تغير بين تاريخ الـ"26 من مارس" عام 2015 وبين ذات التاريخ من هذا العام 2024..!
الذي تغيّر هو ان اليمن الذي كان هدفاً لأكبر حربٍ كونيةٍ صار اليوم هو من يستهدف رؤوس الشر الذين قادوا العدوان عليه وخططوا له واداروه..
الذي تغيّر هو ان بحورنا اليوم صارت محرمةً على من كان بالأمس يستخدمها ليحرمنا من حقنا في كل أسباب الحياة..

الذي تغيّر هو اننا اليوم نحاصر من حاصرنا بالأمس وظن انه سيخضعنا فإذا به اليوم يفاجئ بأنه صار هدفاً ممكناً لنا..

الذي تغيّر اننا اليوم نعلّم العالم كلّه معنى نصرة المظلوم مهما كانت الإمكانيات والظروف.. ومعنى الايثار مهما كانت الاضرار..
أن اليمن يقدم للعالم كله اليوم درساً في القدرة على التعالي فوق الذات والضغط على الآلام والجراح مهما كانت عميقةً انتصاراً لمظلومية أكبر وقضية لا تقبل المتناقض من الخيارات..
قد يكون العدوان على اليمن أهم حدثٍ في تاريخنا الحديث لكن الذي تغيّر اليوم هو أن الـ"سابع من أكتوبر" بنسخته "الغزّاوية" لا يقل أهمية في استراتيجيته عن الـ"سادس والعشرين من مارس" في نفوس اليمنيين.

- المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع