حرب نجوم على الأرض!
السياسية:
أعلن الرئيس الأمريكي رونالد ريغان قبل 41 عاما عن بدء برنامج مكثف و”طويل الأمد” يكون هدفه في النهاية جعل صواريخ الخصوم النووية عديمة الفائدة. هذا البرنامج اشتهر باسم “حرب النجوم”.
رونالد ريغان كان أعلن عن “مبادرة الدفاع الاستراتيجي”، في 23 مارس 1983 قائلا: “لقد أمرت بجهد شامل ومكثف لمتابعة برنامج بحث وتطوير طويل الأجل لتحقيق هدفنا النهائي المتمثل في القضاء على التهديد الذي تشكله الصواريخ الاستراتيجية ذات الرؤوس الحربية النووية”.
برنامج ريغان لـ “حرب النجوم” افترض إقامة منظومة واسعة النطاق تدمج فيها الأقمار الصناعية المسلحة بالليزر، والصواريخ المضادة للصواريخ الجوية والأرضية، وكذلك المدافع الكهرومغناطيسية، تصمم لاعتراض الصواريخ الباليستية العابرة للقارات للسوفييت ولأي خصوم محتملين آخرين.
فيلم “حرب النجوم” كان ظهر على شاشات دور السينما في جميع أنحاء العالم قبل ست سنوات من خطاب ريغان. الأسلحة الخيالية الفائقة في ذلك الفيلم دفعت وسائل الإعلام إلى أطلاق اسم “حرب النجوم” على “مبادرة الدفاع الاستراتيجي” لريغان.
القصة بدأت مطلع الثمانينيات حين دفع البنتاغون بفكرة للرئيس رونالد ريغان حول إقامة “مظلة” واقية بمفاهيم جديدة وغير مسبوقة، نتيجة للقلق من معلومات تحدثت عن ظهور صواريخ باليستية جديدة في الاتحاد السوفيتي.
ريغان أعجبته الفكرة واقترح تنفيذها وفق خطة عمل بتقنيات بدت في ذلك الوقت غارقة في الخيال، فلم يظهر بعد حينها الليزر القتالي ولا المدافع كهرومغناطيسية. حماية الأراضي الأمريكية بطريقة مثالية من الصواريخ السوفيتية كان يتطلب حينها إطلاق آلاف الأقمار الصناعية في المدار وبناء مئات الرادارات.
كانت تلك المبادرة تهدد بإطلاق سباق تسلح عالمي جديد وخطير للغاية، وهو أمر لم تعره الولايات المتحدة أي اهتمام، وكانت تعتقد باختصار وحسب الرواية الرسمية أنها ستتمكن من امتلاك قدرة استثنائية على تدمير أي صواريخ نووية معادية، وبالتالي دفع خصمها الرئيس الاتحاد السوفيتي إلى حالة من “اليأس” بجعل أسلحته النووية عديمة الفائدة.
برنامج “حرب النجوم” كان يحتاج إلى عدة عقود للتنفيذ، علاوة على أن تكلفته تصل إلى مئات المليارات من الدولارات، ولم تكن هناك ضمانات بأن مثل هذه المنظومة المكلفة للغاية، ستعمل بطريقة مثالية في تلك اللحظة المفترضة والحاسمة والوحيدة التي يقرر فيها الاتحاد السوفيتي توجيه ضربة نووية إلى الأراضي الأمريكية. على الرغم من كل ذلك، خصص الكونغرس بانتظام وحتى عام 1987 أكثر من 3 مليارات دولار سنويا لتطوير تقنيات “حرب النجوم”.
حتى وقت انهيار الاتحاد السوفيتي بقيت التقنيات التي وعد بها القائمون على “حرب النجوم” حلما مستحيلا، ولم تقترب واشنطن من إنجاز أي من مكونات تلك “المظلة” الأسطورية التي كانوا يحلمون بأنها ستحمي الولايات المتحدة بشكل تام تقريبا من أي هجوم نووي محتمل.
بعد نهاية الحرب الباردة، تم التخلص بشكل تدريجي من برنامج “مبادرة الدفاع الاستراتيجي”، وتبين حينها أن مثل هذه المنظومة الدفاعية لا يمكن أن تكون فعالة بنسبة مائة بالمائة ضد عدد كبير من صواريخ خصم استعد جيدا للحرب النووية.
تقنيات برنامج “حرب النجوم” الأمريكي حتى لو تمكنت من اعتراض 90 بالمئة من الصواريخ النووية السوفيتي، فالنسبة المتبقة قادرة على تحويل الولايات المتحدة في أي حرب محتملة في ذلك الوقت إلى رماد.
على الرغم من أن الولايات المتحدة تخلت عمليا عن برنامجها لـ “”حرب النجوم” إلا أنها واصلت تطوير بعض أنواع الأسلحة المنصوص عليها تلك المبادرة حتى نهاية التسعينيات.
بحلول عام 2002، أنفقت الولايات المتحدة أكثر من 100 مليار دولار على هذا البرنامج الخيالي، ولم تنجح في الحصول على أي تقنيات يمكن ان تحميها بشكل فعال من أي هجوم صاروخي نووي محتمل. النتيجة الوحيدة تمثلت في زيادة رعب العالم بـ “حرب نجوم” على الأرض وضياع مئات المليارات هباء.
* المصدر: موقع روسيا اليوم
* المادة نقلت حرفيا من المصدر