السياسية || محمد محسن الجوهري*

قدر الشعب اليمني أن ينصر قضايا الأمة الكبيرة، وفي مقدمتها قضية فلسطين وما يتعرض له شعبها المسلم في قطاع غزة من إبادة جماعية على يد أحفاد القردة والخنازير.

ونصرةُ الحق سمةُ تخص الشعب اليمني منذ القِدم، وقد تنبه لها اليهود في حينها، وعملوا على مسخ هويتنا الإيمانية حتى قبل مبعث الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، وما حدث في قصة أصحاب الأخدود إلا عينة على الخبث اليهودي تجاه الشعب اليمني مسلم بفطرته.

وكان همَّ اليهود إبان ذلك العهد هو منع اليمانيين من نصرة رسول آخر الزمان الذي يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، وقد علموا بأن للشعب اليمني شأن مع ذلك الرسول، وأن البعض منهم قد انتقل حتى إلى مهاجره في يثرب، استعداداً لمساندته حينما يبعث الله، ويأذن له بالهجرة إلى ديارهم.

كان ذلك في مرحلة ‘الإفساد الأول’ لبني إسرائيل، وقد انتهى على يد النبي (ص) ومعه الأنصار اليمنيين، وكان فتح خيبر آخر عهد اليهود في مرحلة الإفساد الأولى.

اليوم، نحن نعيش مرحلة الإفساد الآخر لبني إسرائيل، ويتجسد ذلك في جرائم الإبادة الجماعية في فلسطين، وفي الحروب التي تعصف بالعرب والمسلمين وسائر شعوب العالم، وقد تنبه اليهود مرة أخرى لخطورة الشعب اليمني على مشاريعهم التدميرية، فاتجهوا لحربه بمختلف الطرق، بما فيها الإفساد الديني والثقافي، وحتى الأخلاقي، قبل أن يشنوا عليه عدوانهم العسكري بأذرعهم العميلة من الأعراب والمرتزقة.

وقد نجحوا، عبر القنوات الدبلوماسية في المضي، في إنشاء أحزاب وأبواق سياسية وإعلامية، همها فقط نشر الصراعات اليمنية – اليمنية، وتشويه كل ما هو شريف في موروث اليمن الإسلامي، واستبداله بثقافات تضليلة سواءً باسم الدين أو الوطنية.

وقد تصدر حزب الإصلاح المسار الديني، وورث بذلك الدور الذي كان يمارسه يهود اليمن من قبل، واتجه إلى شق الصف ونشر الفتن وتحريف المفاهيم الدينية عن مسارها، والترحيب بكل عدوانٍ خارجي على بلدنا، ومناصرته بالمرتزقة والاغتيالات من الداخل.

وقد دفع الحزب ثمن خيانته تلك، مثله مثل أي عميل، حيث ينتهي بهم الأمر إلى الهلاك على يد أسيادهم، وما رأيناه في عدن كان كافياً لردعهم لو كانوا أصحاب فكر وعقيدة.

وليس هناك من أملٍ بأن يصدر منهم موقف مشرف، حتى في سبيل نصرة فلسطين، فقد اعتادوا العمالة والخنوع للخارج، وكل دورهم يقتصر على إثارة الفتن والنعرات الداخلية ما استطاعوا، ولا سبيل لمثلهم أن ينصر حق أو أن يخذل باطل.

أما بالنسبة للتيارات الأخرى، فهي تعيش في كنف حزب الإصلاح، وتعتمد عليه حتى في الدعاية والحرب الإعلامية، وطالما انهارت بانهياره، كما شاهدنا من قبل في صنعاء ومناطق أخرى.

وبحسب ما أفادنا شيخ سابق في جامعة الإيمان، فإن أسلوب حزب الإصلاح يعتمد على إثارة العقد المجتمعية والمناطقية بين الناس، وتحريض الأخ على أخيه، وخلق الفوارق والعدوات في المجتمع الواحد، وما الدين إلا وسيلة لجذب الناس ومسخ هويتهم بذريعته.

ولأن الله لا يصلح عمل المفسدين، فقد كان سقوطهم مدوياً عشية ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر، وزهق كلُ باطلهم مع أول معركةٍ لهم مع طلائع الحق، وفي ذلك عبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع