السياسية:
إسماعيل المحاقري*

 

 

لا زالت المخاطر الأمنية في البحر الأحمر عند مستوى مرتفع للغاية، هكذا تقول شركات الملاحة الدولية في تبريرها لتعليق المرور من باب المندب والذهاب في اتجاه طريق الرجاء الصالح.

الاعتداءات الأمريكية البريطانية على اليمن التي صنعت وعمقت الأزمة، لم تؤد أي نتيجة أو تقلل من قدرة القوات المسلحة اليمنية على ضرب السفن المتجهة إلى كيان العدو الصهيوني وكذلك سفن الدول التي تدخلت للدفاع عن الامدادات التجارية الإسرائيلية.

بهذه النتيجة وتحت الضغط الأمريكي المستمر يزداد عدد شركات الشحن الدولية التي تعدل مسارها عبر طريق الرجاء الصالح بينما تبحث واشنطن ومعها لندن عن خيارات عسكرية أخرى لتحقيق الردع المفقود.

خيار تكثيف الحملة العسكرية ضد الأهداف في اليمن لا يزال قائما تشير الصحف الغربية لكن المخاوف من توسع الحرب، يقلل من أولوية هذا الخيار، لتذهب بريطانيا في اتجاه تعزيز وتقوية دفاعاتها الجوية في البحر الأحمر.

وفي بيان قالت وزارة الدفاع البريطانية، إنها ستنفق 405 ملايين جنيه إسترليني (514 مليون دولار) لتحديث نظام الدفاع الجوي sea viper المستخدم لإسقاط المسيرات في البحر الأحمر بصواريخ مزودة برؤوس حربية جديدة، وبرمجيات تمكنه من مواجهة تهديدات الصواريخ الباليستية أيضاً.

وزير الدفاع البريطاني “جرانت شابس” يضيف أنه مع تدهور الوضع في الشرق الأوسط من الضروري التكيف من أجل الحفاظ على أمن المملكة المتحدة ومن أسماهم الحلفاء والشركاء، في إشارة إلى أمريكا وإسرائيل غير أن حديثه عن تقوية النظام الصاروخي المفضل لبلاده من ثلاثة عقود يؤكد الفشل في منع القدرات اليمنية من فرض معادلة منع الملاحة البحرية من وإلى موانئ فلسطين المحتلة في البحرين الأحمر والعربي.

في الجانب الآخر يتوهم الأمريكان بأن تشديد الإجراءات البحرية ومنع وصول “الأسلحة الإيرانية” إلى اليمن والعمل العسكري الأكثر عدوانية سيخمد مصادر التهديد اليمنية ويعيد الردع المفقود غير أن اليمن يمتلك من المفاجآت على صعيد القدرات البحرية ما تبدد هذه الأوهام وتعمق أزمة الكيان وهو ما كشف عنه السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في خطاب له بشأن التطورات في فلسطين والمنطقة.

المواجهة في البحر الأحمر تأخذ أبعادا متعددة عسكرية وأمنية واقتصادية، وحرب أدمغة، لكسر التفوق الأمريكي البريطاني وضرب هيمنتهم في مقتل.

الهيمنة التي أضرت بالاقتصاد الأوروبي وفق صحيفة وول ستريت جورنال لتوسع بذلك الفجوة بين القارة العجوز والولايات المتحدة على المستوى الاقتصادي.

وفي هذا السياق قالت مجموعة “سي ام ايه سي جي ام” الفرنسية للشحن انها ستغير مسار خدمتها الأسبوعية “نيمو” التي تربط بين أوروبا وأستراليا لتجنب الهجمات في البحر الأحمر متوقعة أن تستمر الاضطرابات بضعة أشهر.

وفي مؤشر على ازدياد الاضطرابات أعلنت المجموعة الفرنسية هذا الأسبوع فرض رسوم على حمل الحاويات الفارغة من تركيا إلى أوروبا والبحر المتوسط وشمال افريقيا.

في المقلب الصهيوني تُظهر البيانات الاقتصادية الإسرائيلية أن مدينة ام الرشراش المحتلة المسماة “إيلات” تعاني من أزمة اقتصادية كبيرة بعد إلغاء معظم الفعاليات السياحية التي كانت مقررة في شتاء 2024، ورغم أن أغلب النازحين قد انتقلوا إليها إلا أنهم لا ينفقون فيها لأنهم ليسوا هناك للسياحة.

كل الخيارات الأمريكية البريطانية بما فيها العسكرية لن تغير من حقيقة دعم هاتين الدولتين لكيان العدو ولن تؤثر في موقف اليمن المساند لغزة، فالمواجهة خرجت من بعدها المحلي إلى البعد الدولي المرتبط شكلا ومضمونا ونتيجة مع أحداث وتطورات غزة.

* المصدر: رأي اليوم

* المادة نقلت حرفيا من المصدر