السياسية: عبدالعزيز الحزي

ألقى العدوان الصهيوني الأمريكي على قطاع غزة الضوء على “مخزون الاحتياطي الحربي” الأمريكي الموجود في كيان العدو الصهيوني والشكوك حول استخدامه بالفعل في العدوان الحالي الذي يشنه العدو على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي.

وفي هذا السياق، أثيرت الكثير من علامات الاستفهام حول استخدام هذا المخزون في العدوان الذي يشنه هذا العدو الغاشم على الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر الماضي، والتداعيات المحتملة لهذا الاستخدام.

و”مخزون الاحتياطي الحربي” الأمريكي هو مجموعة من الأسلحة والذخيرة والمعدات الحربية وغيرها من المواد الخام التي يتم تخزينها مسبقا لاستخدامها عند الحاجة، وتختار الولايات المتحدة أماكن تخزين استراتيجية حيث تعتقد أنه سيكون هناك حاجة إليها في المستقبل.

وتحتفظ وزارة الحرب الأمريكية (البنتاغون) بمخزون احتياطي حربي في مختلف أنحاء العالم، ولا سيما في الدول الأعضاء بحلف شمال الأطلسي (الناتو)، وكذلك بعض حلفاء واشنطن الرئيسيين من خارج الناتو، ككيان العدو الصهيوني بموجب برنامج “مخزون الاحتياطي الحربي للحلفاء- كيان العدو (إسرائيل)” المعروف اختصارا بـ”WRSA-I”)، وكوريا الجنوبية (بموجب برنامج “مخزون الاحتياطي الحربي للحلفاء-كوريا المعروف اختصارا بـ “WRSA-K”).

وقد بدأ إنشاء المخزون الأمريكي في كيان العدو الصهيوني في ثمانينيات القرن الماضي بغرض تزويد القوات الأمريكية بالإمدادات على وجه السرعة حال الحاجة إليها في أي صراع قد يتفجر مستقبلا في منطقة الشرق الأوسط.. ولطالما أحيط ذلك المخزون بغطاء من السرية، حيث لا تعرف المواقع المحددة للمخازن ولا يعرف الكثير عن نوعية وأعداد ما يوجد بها من أسلحة وذخيرة ومعدات.

ويعتقد مراقبون أنه أحد أكبر مخزونات الاحتياطي الحربي الأمريكية في العالم وهو وسيلة سهلة للحصول عليه من قبل الكيان الصهيوني وقت الحاجة.

وفي يناير من العام الماضي، أعلن الجيش الأمريكي أنه سينقل مئات الآلاف من قذائف المدفعية عيار 155مم من المخزون الموجود في كيان العدو الصهيوني وذلك الكائن في كوريا الجنوبية إلى الجيش الأوكراني.

وفي مقال نشرته وكالة “بلومبرغ” الإخبارية في نفس الشهر بعنوان “إرسال أسلحة غبية من كيان العدو الصهيوني إلى أوكرانيا خطوة ذكية”.

ويعتبر أي مخزون للاحتياطي الحربي ملكية تابعة للحكومة الأمريكية ولكن الولايات المتحدة سمحت لكيان العدو الصهيوني باستخدام أسلحة من المخزون الأمريكي الموجود على أراضيها خلال حرب لبنان الثانية التي نشبت بين هذا الكيان وحزب الله في صيف عام 2006، وكذلك خلال العملية العسكرية التي نفذها العدو الصهيوني في قطاع غزة عام 2014.

وقد أقرت حكومة الرئيس الأمريكي جو بايدن مبيعات أسلحة طارئة لكيان العدو مرتين خلال شهر ديسمبر الماضي، بما في ذلك قذائف المدفعية عيار 155 مم ومعدات وعربات حربية، بدون الانتظار للحصول على موافقة الكونغرس.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان أصدرته في أواخر الشهر الماضي: إنه “نظرا لاحتياجات (إسرائيل) الدفاعية العاجلة، فإن الوزير (أنتوني بلينكن) أخبر الكونغرس بأنه مارس حقه التفويضي وقرر أنه توجد حالة طارئة تستوجب موافقة فورية على نقل الأسلحة”.

وذكرت وكالة “بلومبرغ” أنها اطلعت على تقرير داخلي لوزارة الحرب الأمريكية وأن الوزارة بدأت بالفعل في شحن الأسلحة والمعدات الحربية إلى كيان العدو الصهيوني، أو تعمل على ضمان نقلها من مخازنها في الولايات المتحدة وأوروبا.

وأضافت الوكالة نقلا عن مسؤولين أمريكيين: إن شحنات السلاح تتضمن “رحلة عكسية” لقذائف “155مم” الـ57 ألف قذيفة التي كانت الولايات المتحدة قد أرسلتها من مخزونها الاحتياطي في كيان العدو الصهيون إلى مواقع عسكرية أمريكية في أوروبا لإعادة تزويدها بالقذائف التي أُرسلت إلى أوكرانيا لمساعدتها في معركتها مع روسيا، أعيد إرسالها إلى الكيان الغاصب لاستخدامها في “صراعها ضد حركة حماس”.

وربما توقعاً لانتقادات محتملة لتلك المبيعات لدواع إنسانية، أكدت وزارة الخارجية الأمريكية مرارا على أن كيان العدو غير مستثناه من السياسة الأمريكية التي تنص على أن أي دولة تتلقى أسلحة أمريكية يجب أن تلتزم بقوانين الحرب الدولية.. إنها “تواصل تأكيدها للحكومة الصهيونية على أنها لا يجب أن تلتزم بالقانون الإنساني الدولي فحسب، بل أن تتخذ أيضا كل خطوة ممكنة للحيلولة دون الإضرار بالمدنيين”.

وكانت أكثر من 30 منظمة إغاثية قد أرسلت خطابا إلى وزير الحرب الأمريكي لويد أوستن تحثه بوجه خاص على عدم إرسال قذائف عيار 155 مم إلى كيان العدو الصهيوني.. مشيرة إلى الخطورة الكبيرة التي تمثلها تلك القذائف لأنها “غير موجهة وهامش خطأها كبير”، و”عادة ما تسقط على بعد 25 مترا من الهدف المقصود”، وهو ما يجعلها في غاية الخطورة في قطاع غزة الذي يعتبر واحدا من أكثر مناطق العالم اكتظاظا بالسكان.

وكتبت صحيفة الغارديان نقلا عن مسؤولين أمريكان سابقين مطلعين على المساعدات الأمنية التي تقدمها الولايات المتحدة لكيان العدو الصهيوني: إن مخزون الاحتياطي الحربي الأمريكي الموجود في الكيان الغاصب يُمكّن واشنطن من نقل الأسلحة بطريقة سريعة إلى قوات الحرب الصهيونية، كما أنه “يقي تحركات الأسلحة الأمريكية من الرقابة الشعبية ورقابة الكونغرس”.

وكان البيت الأبيض قد طالب الكونغرس في أكتوبر الماضي بالسماح له بأن يمنح كيان العدو الصهيوني أنواعا من الأسلحة كان محظوراً نقلها في السابق، وكذلك برفع مؤقت للقيود المفروضة على القيمة الكلية لاحتياطي الأسلحة الموجود في ذلك الكيان، وإعطاء البنتاغون المزيد من المرونة لنقل أسلحة وذخيرة إلى الكيان الغاصب.

وسمحت واشنطن لكيان العدو الصهيوني بسحب بعض الأسلحة من المخزون وشرائها بأسعار مخفضة.

وقد أعرب بعض المُشرعين الأمريكيين بهذا الخصوص عن مخاوفهم إزاء مقترحات البيت الأبيض.

وجاء في خطاب أرسله خمسة أعضاء بمجلس الشيوخ، من بينهم السيناتور إليزابيث وارين، أن تلك المقترحات “سوف تضع قيودا إضافية على رقابة الكونغرس وتقوض من قدرتنا على مراقبة وتحديد ما إذا كانت المساعدات الأمريكية تسهم في أضرار مدنية غير متكافئة”.

وطالب الخطاب بالحصول على “معلومات بشأن إجراءات المحاسبة والمراقبة لضمان أن أي استخدام للأسلحة الأمريكية يتم وفقا للسياسة الأمريكية والقانون الدولي”.

كما قدم مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية يدُعى جوش بول استقالته اعتراضا على تزويد واشنطن كيان العدو الصهيوني بالأسلحة.. قائلا: إن العدوان الصهيوني الذي نفذه في السابع من أكتوبر الماضي والدعم الأمريكي “لذلك الرد وللاحتلال بوضعه الحالي لن يؤديا سوى إلى معاناة أكبر وأعمق للفلسطينيين والصهاينة”.

وفي حصيلة غير نهائية، ارتفع عدد الشهداء الفلسطينيين منذ بدء العدوان الصهيو-أمريكي على قطاع غزة في السابع من شهر أكتوبر الماضي إلى نحو أكثر من 25 ألف شهيد، و62,388 مصاباً، غالبيتهم من النساء والأطفال.

فيما أعلن جيش العدو الصهيوني اليوم الأحد عن ارتفاع حصيلة قتلاه إلى 531 عسكرياً، والجرحى إلى 2665 منذ السابع من أكتوبر الماضي.