السياسية:

 

يمتلك أنصار الله أسلحة ومعدات متطورة ويستطيعون سد مضيق باب المندب، ولذلك يفضل الأمريكيون استخدام الخطاب والمفاوضات لإثناء أنصار الله عن الاستمرار في مهاجمة السفن التجارية ولا يهتمون بتصعيد التوتر. وردًا على تصرفات أنصار الله، أعلن البنتاغون مؤخرًا أنه يخطط لإرسال حاملة الطائرات أيزنهاور إلى البحر الأحمر. ويأتي هذا الإجراء الذي اتخذته وزارة الدفاع الأمريكية في أعقاب الهجمات الأخيرة التي شنتها القوات اليمنية على بعض السفن التابعة لإسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، أثارت الحكومة الأمريكية المخاوف من إمكانية مهاجمة بعض المواقع في اليمن في الأيام الأخيرة. كما زعمت بعض المنشورات الغربية أنه في حالة وقوع هجوم على السفن المارة عبر مضيق باب المندب، فإن قوات التدخل الأمريكية بقيادة السفينة المذكورة ستدعم السفن المهاجمة.

وردا على الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني، نفذ اليمن حتى الآن هجمات صاروخية على عدة سفن تجارية متجهة إلى الأراضي المحتلة، وسبق أن استولى على عدة سفن.

وأكد العميد يحيى سريع – المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية – يوم الجمعة الماضي، وبعد إعلانه خبر الهجوم الصاروخي على سفينتين تجاريتين إسرائيليتين: نطمئن جميع السفن التي تذهب من وإلى موانئ العالم غير موانئ العالم. في موانئ الكيان الصهيوني بأنهم لن يتعرضوا للأذى عند استلامهم، يجب عليهم إبقاء أجهزة الملاحة وتحديد الهوية الخاصة بهم قيد التشغيل.

ورغم التهديدات التي أثارتها وزارة الدفاع الأمريكية، أكد هذا المسؤول اليمني أن القوات اليمنية ستستهدف جميع السفن التجارية التي تأتي وتذهب من موانئ إسرائيل بناء على وعدها السابق، وليس لديهم أي شك في ذلك. وأثارت هذه القضية القلق من تزايد التوتر في المنطقة وبدء حرب أخرى. ورغم أن أنصار الله، بحسب مجموعة من الخبراء، لا يخافون من التهديدات الأميركية؛ لأنه خلال السنوات التسع من الحرب مع السعودية، كانوا في نوع من المعركة غير المباشرة مع أمريكا، والآن ليس لديهم ما يخسرونه.

وتعتقد هذه المجموعة من الخبراء أن أنصار الله يمتلكون حاليا أسلحة ومعدات متطورة يمكن أن تلحق بهم خسائر فادحة إذا تحقق التهديد الأمريكي. ولهذا السبب، لم ترد الولايات المتحدة والكيان الصهيوني على هجمات أنصار الله. لأن فتح جبهة جديدة يجعل من الصعب عليهم إدارة الحرب، وهناك أيضاً احتمال أنه في حالة وقوع هجوم أمريكي على اليمن، فإن أنصار الله سيغلقون مضيق باب المندب بالكامل، وهذا سيجلب تكاليف اقتصادية لا يمكن تعويضها الى الغرب.

وبما أن التجارة البحرية للكيان الصهيوني تعتمد بشكل كبير على البحر الأحمر، بعد تنفيذ تهديدات القوات المسلحة اليمنية ضد هذا الكيان في ظل عدوان المحتلين على غزة، فإن الإسرائيليين قلقون للغاية من العواقب الاقتصادية. الحصار البحري الذي فرضته اليمن على إسرائيل. وبحسب جدعون غلبار المدير التنفيذي لميناء إيلات، فإنه عقب تهديدات اليمنيين ومنع مرور السفن المتجهة إلى إسرائيل (فلسطين المحتلة)، أصيب ميناء أم الرشراش المحتل المسمى حاليا “إيلات” بالشلل على المستوى التجاري، ولم تعد السفن تدخل هذا القطاع. ميناء.

وأكد هذا المسؤول الصهيوني أن الميناء يعتبر من أهم المصالح الحيوية لإسرائيل ولا يجوز السماح لليمنيين بمنع دخول السفن إلى هذا الميناء.

ويعاني المستوردون من الكثير من المخاوف وارتفاع تكاليف النقل، وهذا الوضع الأمني ​​الجديد في البحر الأحمر يمكن أن يشل تماما حركة السفن إلى إسرائيل (الأراضي المحتلة). وتدخل المركبات المستوردة إلى إسرائيل عبر ميناء إيلات، و44% من المركبات المستوردة عبر هذا الميناء تصل إلى مناطق مختلفة من إسرائيل (فلسطين المحتلة).

تلقى اقتصاد الكيان الصهيوني المنكوب بالأزمة، والذي دخل مرحلة جديدة من الفوضى والارتباك في ظل حرب غزة، ضربة استراتيجية كبرى قبل عدة أيام بعد تنفيذ تهديدات القوات المسلحة اليمنية ضد هذا الكيان في البحر الأحمر. وتدخل السفن التجارية المتجهة نحو فلسطين المحتلة إلى البحر الأحمر عبر مضيق باب المندب، ومن هناك يتم نقلها إلى ميناء إيلات أو قناة السويس في مصر، ومن ثم إلى ميناء أشدود أو حيفا. لكن اليوم، وفي ظل حرب غزة والمعادلة البحرية الجديدة التي رسمها اليمن ضد الكيان الصهيوني وهدد بأنه حتى يتم رفع الحصار عن غزة ووصول الغذاء والدواء وغيرها من الضروريات الأساسية إلى هذه المنطقة، لا لسفن إسرائيل ولا السفن الدولية يمكنها أن تتحرك نحو فلسطين المحتلة، ولكي يأخذ هذا الكيان البضائع والأغذية وغيرها، فإن السفن التي تذهب إلى الأراضي المحتلة لم تعد قادرة على المرور عبر مضيق باب المندب والبحر الأحمر، وبالتالي يتعين عليها أن تجوب أفريقيا للوصول إلى فلسطين المحتلة عبر مضيق جبل طارق. وحول هذا السياق، أعلن “أسامة ربيع” رئيس هيئة قناة السويس، قبل عدة أيام، في بيان له، أنه منذ 19 نوفمبر الجاري، غيرت 55 سفينة طريقها إلى رأس الرجاء الصالح.

ولذلك، يبدو أن الغرب يفضل حاليا استخدام الخطاب لإثناء أنصار الله عن الاستمرار في مهاجمة السفن التجارية وليس مهتما بتصعيد التوتر. ويعلم المسؤولون الغربيون جيداً أن أنصار الله لا يعتزمون مهاجمة سفن الدول الأخرى في الوقت الحالي، وكما أعلن اللواء يحيى سريع فإن البحرية اليمنية تمنع حالياً فقط حركة السفن التي تتجه إلى موانئ الأراضي المحتلة. وأكد هذا القائد العسكري اليمني أن هذه العملية تأتي من أجل نصرة الشعب الفلسطيني المظلوم وتنفيذاً لأوامر قائد الثورة اليمنية ورغبات أحرار العالم والأمة اليمنية والإسلامية، وحتى تلبية مطالب واحتياجات سكان غزة الطبية والغذائية، ومنع حركة جميع السفن التي تحمل المحاصيل إلى موانئ الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ويقال إن المفاوضات تجري عبر عدة دول، من بينها عمان، لوقف الهجمات اليمنية، كما تفضل الولايات المتحدة أن يتم حل هذه القضية من خلال المفاوضات؛ لأن الإغلاق الكامل لمضيق باب المندب سيخلق تحديات خطيرة للغاية في مجال الطاقة عشية الشتاء، والغرب لا يريد أن يبدأ عام 2024 بمثل هذه المشكلة.

* المصدر: موقع الوقت التحليلي

* المادة نقلت حرفيا من المصدر