السياسية:

تعتبر منظومات الدفاع الجوي في الجيوش العسكرية ركيزة أساسية في مجال الأمان والدفاع الوطني، وتقوم بحماية الأمن القومي من التحديات المتنوعة في الفضاء الجوي. مع تزايد التقنيات وتطور الأساليب الهجومية، أصبح تطوير وتحديث منظومات الدفاع الجوي ضرورة حتمية.

في سياق الأمان والدفاع الوطني، تلعب منظومات الدفاع الجوي دوراً حيوياً في الحفاظ على سيادة الأجواء الوطنية وتوفير حماية فعّالة ضد التهديدات الجوية المحتملة.

ويشمل نطاق عمل هذه المنظومات التصدي للطائرات الحربية، والصواريخ البالستية، والطائرات بدون طيار، ما يتطلب تكنولوجيا متقدمة واستراتيجيات دفاعية فعّالة.

في هذا السياق، ومع النظر إلى كيان “إسرائيل” ككيان احتلالي يحاول التأهب دائماً للحروب والمخاطر، تعد القبة الحديدية (Iron Dome) واحدة من التكنولوجيات العسكرية التي طورتها كيان “إسرائيل” لمواجهة التهديدات الجوية.

مكوّنات القبة الحديدية
تتكون القبة الحديدية من عدة مكونات رئيسية تعمل بتكامل لكشف وتدمير التهديدات القادمة من الجو:

-رادارات متقدمة: يستخدم النظام رادارات متطورة لرصد وتحديد مسار الصواريخ القادمة بدقة عالية وفي وقت قصير.

-نظام للتحكم والتوجيه: يتميز القبة الحديدية بنظام تحكم يتيح للمشغلين التدخل السريع واتخاذ القرارات الفورية بناءً على المعلومات المستمدة من الرادارات.

-صواريخ اعتراض: يعتمد النظام على صواريخ اعتراض تطلق باتجاه الصاروخ المعتدى عليه، وتستخدم تقنيات متطورة لضمان دقة التدمير.

-كيفية عمل القبة الحديدية: عندما يُرصد الرادار الصاروخ المعتدى عليه، يتم تحديد مساره وتوجيه صاروخ اعتراض نحوه. يتم إطلاق الصاروخ بسرعة فائقة للتحليق في اتجاه الهدف، حيث يتم تدمير الصاروخ المعتدى عليه في الجو. يعتمد هذا العمل على تكنولوجيا تشمل التحكم بالدقة واستخدام أنظمة الاستشعار لتحديد موقع الصاروخ المعتدى.

ثغرات في منظومة القبة الحديدية
يُلاحَظ أن بناء وتشغيل هذا النظام يتطلب تكاليف مالية هائلة، وقد يواجه التحديات في التعامل مع هجمات ذات كثافة عالية. وقد كانت معركة “سيف القدس” تجربة قاسية لهذا النظام، لحقت بها طوفان الأقصى.

قد تؤثر الظروف الجوية والعوامل البيئية على فعاليته، وتبقى التحديات المستمرة في مجال تنوع التهديدات تحدياً إضافياً يتعين مواجهته.

يُعَدُّ التعامل مع عدة تهديدات في وقت واحد تحدًّياً إضافياً يواجه منظومات الدفاع الجوي العسكرية، حيث يتعين على القبة الحديدية أو أي نظام آخر التصدي لتحديات متعددة بشكل فعّال. يمكن أن تشمل هذه التحديات محاولات هجوم متزامنة من مصادر متعددة أو تنوع في أنواع التهديدات، مثل الصواريخ ذات السرعة العالية والطائرات بدون طيار والطائرات البالستية. هذا التنوع في مواصفات الأجسام المهاجمة تشكل امتحاناً كبيراً لنظام القبة الحديدية.

إمكانية تهديد القبة الحديدية بالهجوم السيبراني
خلال تصاعد التوترات الأمنية في جبهة غزة، أثار فشل القبة الحديدية في اعتراض عدد من القذائف الصاروخية التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية تساؤلات حول فعاليتها في توفير الأمان للمستوطنات الصهيونية.

وفي سياق حالة الارتباك والهلع التي عاشها سكان المستوطنات في غلاف غزة ، قبل اجلائهم،بعد فشل القبة الحديدية في اعتراض صواريخ المقاومة، وفي واحدة من الوقائع الكثيرة للهجومات السيبرانية التي تستهدف القبة الحديدية، أعلنت مجموعة قراصنة عبر الإنترنت تدعى “أنونيموس سودان” أنها قامت بـ اختراق أنظمة الإنذار في كيان إسرائيل ونظام القبة الحديدية، وقامت بتشويش وتعطيل عملها قبل إطلاق الصواريخ من غزة.

وقد اتخذت مجموعة “أنونيموس سودان” مسؤولية الهجمات السيبرانية التي استهدفت العديد من المواقع الإلكترونية الصهيونية مؤخراً، مؤكدة عبر حسابها على تطبيق تليغرام أنها نجحت في تنفيذ جميع الهجمات السابقة وبدأت في شن هجمات جديدة على كيان “إسرائيل”.

من ناحية أخرى، كشفت وسائل إعلام صهيونية عن العديد من الحوادث لهجومات سيبرانية على منظومات القبة الحديدية الصهيونية أدت تارة إلى تعطيلها وأخرى إلى تشتيتها، ومرات إلى تفعيل إنذارات خاطئة وما ينتج عليه أحياناً من إطلاق صواريخ باتريوت الاعتراضية على أهداف وهمية في الجو.

وهنا أيضاً ، برز مؤخراً تطور ملفت، يحاول الإعلام الصهيوني التعتيم عليه وهو عمليات وأحداث لهجومات سيبرانية بالتوازي مع قصف المستوطنات، أودت إلى تضليل مسار صواريخ “الباتريوت” وتحويل مسارها إلى المستوطنات نفسها.

لذلك كله، قد يعتبر عامل الهجوم السيبراني، عاملاً مهماً في تحييد القبة الحديدية أو دفعها باتجاه عمل مضاد للاحتلال.

القبة الحديدية و فعاليتها مع المسيرات الهجومية
تُعد المسيرات وسائل فعالة للمقاومة إذ لهذه المسيرات تقنيات دقيقة لتحديد المسار والتحكم في تحركها. في حين أن القبة الحديدية تعتبر فعالة في اعتراض الصواريخ الباليستية القصيرة المدى وقذائف الهاون، إلا أن قدرتها على التعامل مع المسيّرات قد تكون أقل، تحديداً بسبب طبيعة حركتها المنخفضة وصغر حجمها مما يجعل كشفها عبر الرادارات صعباً جداً.

ورغم وجود أنظمة كيان “إسرائيل” المخصصة لمواجهة المسيرات، إلا أنها غير قادرة على توفير حماية فعّالة لمناطق واسعة، كما أنها لم تصل إلى مستويات دقيقة. وبحسب “هآرتس”، فإن الطريقة الوحيدة لإسقاط المسيرات تتمثل في تشويشها وتعطيل الاتصالات بينها وبين المشغلين وهذا محال جداً.

وفي نفس السياق ونفس الفعالية، أعلنت المقاومة اللبنانية مراراً وتكراراً عن عمليات عسكرية واستطلاعية كثيرة باستخدام مسيراتها دون تفعيل منظومة القبة الحديدة الصهيونية ، وقد رأينا مؤخراً استخدام ما اسمته المقاومة مسيرات انقضاضيه في هجوم على موقع صهيونية على حدودنا الجنوبية.

ونذكر في هذا السياق ما أعلنه السيد حسن نصرالله مؤخراً في كلمته الأخيرة، ان المقاومة ترسل يومياً مسيرات استطلاعية منها ما ترجع سالمة غانمة بالصور التي أرادتها المقاومة من داخل الكيان، ومنها ما تتعمّد المقاومة في كشفها فوق الكيان من أجل استنزاف القبة الحديدية.

في الخلاصة، في حين يبلغ ثمن كل صاروخ من صواريخ باتريوت أكثر من 3 ملايين دولار، استطاعت قوى المقاومة بمسيرات صغيرة وصواريخ محلية الصنع لا يتجاوز ثمنها عدة مئات من الدولارات أن تضلل تلك الصواريخ التي أسميت بأنها الفتاكة جواً.

* المصدر: موقع الميادين نت
* المادة نقلت حرفيا من المصدر