السياسية:

يشير سياق التعامل الأمريكي والغربي في دعم الكيان المؤقّت ما بعد عملية “طوفان الأقصى” إلى درجة التهديد المرتفعة التي أحاطت بالكيان إلى درجة تصريح رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، أن ما يجري “مسألة حياة أو موت”، وتؤكد مجموعة من المؤشرات على أن حماس نجحت في ملامسة مستوى التهديد الوجودي للكيان فضلًا عن التهديد النفسي والمعنوي للمؤسسات والشارع.

وهذه المؤشرات هي من قبيل:

– الدعم الأمريكي الأوروبي المفتوح وغير المسبوق.

– مسارعة رؤساء الدول العدوانية (أمريكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا) إلى الكيان.

– الآلة العسكرية الإسرائيلية الهمجية في الإبادة الجماعية والانتقام من المدنيين.

– الإدارة الأمريكية السياسية والميدانية المباشرة للمعركة.

– إعادة الانتشار العسكري الأمريكي وبعض دول البحر المتوسط.

– حجم المخاطر الكبير في هذه المواجهة والتكلفة المرتفعة المترتبة على جميع الأطراف؛ 7) مكتسبات المحور من العملية وفي مقدمها سقوط نظرية الردع الإسرائيلي وانهيار مفهوم “الكيان المستقل” في مقابل تفوق العقل الاستراتيجي الأمني والعسكري العربي الفلسطيني.

لقد فرض هذا المستوى من التهديد على الإسرائيلي الرد والاستجابة انطلاقًا من هذا المستوى؛ وحدّدت المؤشرات نفسها أعلاه هوية المعركة الجارية في غزة، فالمدى ليس غزة فقط، وإنّما فلسطين بأكملها وباقي دول المنطقة الممانعة؛ وعملية الطوفان، وبمعزل عن سير الأحداث والنتائج، نجحت في تحقيق خطوات متقدمة في الصراع الوجودي وقطع مسافات في مسار زوال الكيان المؤقّت. وانطلاقًا من هذه الرؤية، تحاول هذه الورقة قراءة تأثير انتصار الكيان المؤقت في غزة؛ قراءة كليّة للمشهد الاستراتيجي والميداني.

التأثيرات على محور المقاومة

أشار الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله خلال الاحتفال التكريمي للشهداء الذين ارتقوا على طريق القدس، لتداعيات التخلي عن غزة اليوم في مقاربة مماثلة لما جرى على الشعب الفلسطيني في العام 1948. فأكّد سماحته على ضرورة تحمل المسؤولية لأن التبعات السلبية التي عاشتها كل شعوب والمنطقة ودولها عندما تخلّى العالم عن الشعب الفلسطيني في العام 1948، ستتجدد خاصة وأنّ “اليوم ما يجري في غزة ليس حربًا كبقية ‏الحروب السابقة، وليس حادثًا كبقية الحوادث، ليست معركة كبقية المعارك، هي معركة فاصلة، ‏حاسمة تاريخية ما بعدها ليس كما قبلها على الإطلاق”.

ولفت في كلمته إلى أنّ “انتصار غزة يعني انتصار الشعب الفلسطيني.. وهو أيضًا انتصار لدول وشعوب المنطقة وخصوصًا دول الجوار”، مشيرًا إلى أن “انتصار غزة اليوم هو مصلحة وطنية مصرية.. مصلحة وطنية أردنية.. مصلحة وطنية سورية، وأولًا وقبل كل ‏الدول.. مصلحة وطنية لبنانية“.

وتسائل “ماذا يعني أن تنتصر إسرائيل في غزة؟ ماذا يعني أن تُهزم المقاومة في غزة؟ ما هي تداعيات ‏هذا على دول المنطقة؟ على فلسطين، على قضية فلسطين؟ وخصوصًا على لبنان؟ في البعد الأمني ‏والسياسي والبعد الشعبي والبعد الديمغرافي“.

سقوط غزة له تداعيات عديدة على المنطقة عمومًا ومحور المقاومة خصوصًا، والعنوان الجامع لها هو سقوط القضية الفلسطينية والقضم التدريجي لنفوذ دول محور المقاومة.

هناك نتائج سلبية كثيرة ستنعكس على مختلف دول المنطقة أيضًا، وستتأثر بها على مختلف المستويات والأبعاد. وهذه التأثيرات تعزز فرضية أن المعركة واحدة وأن الأطماع الصهيونية الأميركية لن تقف عند حدود فلسطين وفق عقل الهيمنة وفرض السيطرة ونهب الثروات وإبادة الشعوب الأخرى. ولا دليل على سياسة واشنطن في الإلغاء والاستضعاف أكثر من منع حريات التعبير ضد المقصلة الإسرائيلية للبعد الإنساني في غزة في زمن الهيمنة التكنولوجية التي يتسارع معها انهيار النظام الليبرالي يومًا بعد يوم؛ لما يكشفه التطور من تآكل ركائز النظام في مدّعى الديمقراطية.

أولًا، التأثيرات الاستراتيجية

– تحقيق خطوات متقدمة في تقويض القضية الفلسطينية ومحاصرة ارتداداتها في هيكلة الصراع الفلسطيني العربي.

– تهجير الشعب الفلسطيني من غزة والضفة إلى الأردن ومصر.

– الهزيمة المعنوية للنبض المناضل في الشارع العربي والأجنبي.

– إحياء التطبيع وفرضه على كل دول المنطقة.

– الإحباط المعنوي النسبي في جبهات المقاومة من العراق إلى اليمن.

– إضعاف محور المقاومة بالقضاء على إحدى ساحاته مع ما يترافق ذلك من تقويض لأهداف وحدة الساحات.

– فقدان المحور ساحة الهامش الأكبر في المناورة ضد العدو.

– إعادة إحياء العدو لمفهوم الردع.

– تعويض حالة “تفكك” النظام الصهيوني الحالية نتيجة الدفع الذي سيقدمه الانتصار على حماس، وتاليًّا خسارة المحور فرصة هذا التفكك والضعف باتجاه المزيد من الخطوات التقدمية في مسار زوال الكيان.

– إغراق مصر والأردن بمشكلات اللجوء وتحدياته المستجدة.

– تشجيع اليهود للوفود إلى الكيان من باب عودة الشعور بالأمن بدل الهجرة المعاكسة ورحيل المستثمرين منها.

– طمس النصر النموذجي لعملية الطوفان وتشويهه.

– تصاعد النفوذ الأمريكي مجددًا في المنطقة لنجاحه في إدارة المعركة والقدرة على حسمها.

– تثبيت الحضور العسكري الأمريكي والأوروبي في المنطقة.

– توغّل المشروع الأمريكي الإسرائيلي في تغيير خارطة المنطقة تبعًا لأطماع الكيان المؤقت الحدودية.

ثانيًا، التأثيرات الميدانية

– السعي الإسرائيلي لإسقاط الضفة الغربية بسيناريو مشابه لما حصل في غزة وتهجير أهلها.

– إطلاق يد المستوطنين المتطرفين بارتكاب المجازر بحق المدنيين الفلسطينيين قبل تهجيرهم من باب الانتقام والتشفّي.

– استعادة جيش الاحتلال صورة التفوق العسكري في نهاية المعركة، وتشكيل الثقة لديه تبعًا لنوع العمليات، فإذا استطاع الدخول في العملية البرية وتحقيق الأهداف الحاسمة، فسيكون لذلك تداعيات على فعاليته في مناطق أخرى.

– فتح باب الاغتيالات الأمنية الموسّعة للقيادات الفلسطينية داخل فلسطين وخارجها.

– استهداف وإعدام كل من شارك في عملية الطوفان.

– التوجه العسكري الإسرائيلي نحو الجبهة الشمالية ضد حزب الله أما الوقت فهو رهن الميدان؛ إما مباشرة في حال استمرارية مستوى الدعم الأمريكي والغربي الحالي، أو لاحقًا في حال الحاجة إلى ضرورة استعادة عنصر المباغتة وتنظيم الجبهة.

– زيادة الضغط على سوريا عبر توسعة العمليات العسكرية فيها، ويرجح الإسراع في تنفيذ خطوة انفصال الجنوب السوري.

– السعي لمحاسبة كل الجماعات التي شاركت في نصرة غزة، سواء الفلسطينية في لبنان، أو العراقية.

– انعكاس سلبي على العلاقات الإيرانية الخليجية.

– تضييق جديد على اليمن سواء من الداخل (الجنوب) أو عبر السعودي.

* المصدر: موقع الخنادق اللبناني

* المادة نقلت حرفيا من المصدر