السياسية:
رشيد الحداد*

لا تحتاج صنعاء إلى أن تذهب بعيداً لكي تستهدف القوات الأميركية، فهذه الأخيرة موجودة على مقربة منها في البحر الأحمر، لكنّ الهدف العسكري، الذي يُراد من ضربه دعم الشعب الفلسطيني الأعزل الذي يتعرّض للإبادة بمختلف الأسلحة الأميركية المحرّمة دولياً، محدّد، على ما يبدو، بجغرافيا دولة الاحتلال الإسرائيلي، بدقّة وبشكل معلن. وسبق لصنعاء أن صنّفت القوات الأجنبية كافة وخاصة الأميركية المتواجدة في الأراضي والجزر اليمنية، على أنها «معادية»، وتوعّدت باستهدافها، مؤكدةً أنها تستطيع ضربها سواءً في جزيرة ميون المطلّة على مضيق باب المندب، أو في أعالي مرتفعات جزيرة حنيش الكبرى الواقعة في البحر الأحمر، أو في مطارَي الريان والغيضة في محافظتَي حضرموت والمهرة، أو في أرخبيل سقطرى وجزيرة عبد الكوري ومناطق متفرّقة من المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة، وهو ما تدركه واشنطن جيداً.

كذلك، تفهم واشنطن، جيّداً، الرسائل التي بعثت بها صنعاء خلال تنظيمها عرضاً عسكرياً كبيراً في مدينة الحُديدة الواقعة على البحر الأحمر حمل اسم «وعد الآخرة»، في 13 أيلول 2022، حيث أعلنت جاهزيتها الكاملة لردع أيّ عدوان أجنبي على مياه اليمن الإقليمية، وامتلاكها قدرات عسكرية بحرية كفيلة بتحويل البحر الأحمر إلى «أحمر» بالفعل. كما أكد قادتها، قبل اندلاع معركة «طوفان الأقصى» بأشهر، أن أيّ انتهاك محتمل لمياهها الإقليمية والمحلّية في ذلك البحر تحت أيّ ذريعة سيُواجَه بردٍّ حازم ومؤلم، وأنّ أيّ تهديد أميركي مباشر أو غير مباشر لن يثنيها عن تنفيذ هذا التعهّد.

وعلى رغم تصاعد المخاوف الأميركية والإسرائيلية من دخول قوات صنعاء بشكل مباشر على خطّ معركة «طوفان الأقصى»، لم تعلن تلك القوات، حتى الآن، الانخراط مباشرة فيها، لكنها لم تنفِ حديث الولايات المتحدة عن تعرّض بوارجها العسكرية التي دفعت بها لمساندة إسرائيل في حربها البربرية ضدّ الشعب الفلسطيني، لأكثر من هجوم في غضون أيام.

وعلى أيّ حال، تفيد المؤشّرات الآتية من صنعاء، بأن الدخول العلني والمباشر على الخطّ، سيتمّ في الوقت والمكان المناسبَين، وسوف تُستخدم فيه أسلحة تتناسب مع طبيعة المواجهة، وبما يكفل وصولها إلى هدفها المرسوم لها في إطار معركة إقليمية، وبالتنسيق مع «محور المقاومة».

وفي الوقت الذي انشغلت فيه وسائل الإعلام الأميركية والإسرائيلية بالحديث عن قدرات صنعاء الصاروخية وطيرانها المسيّر وقدراتها التدميرية ومدياتها القادرة على الوصول إلى قلب دولة الكيان، أكد عضو «المجلس السياسي الأعلى»، محمد علي الحوثي، جهوزيّة اليمن للدخول في معركة «طوفان الأقصى». وأشار الحوثي إلى أنّ حركة «أنصار الله» على تنسيقٍ تامّ ودائم مع «محور المقاومة»، مضيفاً: «نحن عند وعدنا في هذا الموضوع ويتمّ التحرّك وفق التنسيق».

وفي الإطار نفسه، علمت «الأخبار»، من أكثر من مصدر مطّلع، أن صنعاء تلقّت في الأيام الماضية، ثلاث رسائل غربية مفادها تأكيدُ عدم وجود رغبة في توسيع المعركة، وتشديدٌ على ضرورة حصر ما يحدث في قطاع غزة، في محاولة من القوى التي تقف خلف تلك الرسائل، إلى منع أيّ مشاركة يمنية متوقّعة في الحرب. وفي ما يؤشّر إلى أن بعض هذه التهديدات قد يكون مصدرها الولايات المتحدة، أكد الحوثي أن «التهديدات الأميركية لا نراها شيئاً. فالسلاح الذي قُصف به اليمن في السنوات الماضية من عمر العدوان هو سلاح أميركي، وطائرات أميركية ومن غرف عمليات فيها ضباط أميركيون».

ورأى أنّ «قدوم حاملات طائرات إلى المنطقة لم يضِف شيئاً جديداً إلى المعركة، ولو وُجد سلاح فعّال لمواجهة الطيران الحربي الأميركي لكانت النتائج عكسية تماماً»، مضيفاً أن «العدو لن يستطيع القضاء على المقاومة، بل إنها ستخرج من معركة طوفان الأقصى أقوى وأكبر ممّا هي عليه الآن».

* المصدر: الاخبار اللبنانية

* المادة نقلت حرفيا من المصدر