السياسية:

عندما تُرسل الولايات المتحدة الأمريكية قواتها العسكرية، لتنفيذ مهام تخصّ مصالحها في منطقتنا، في مواجهة محور المقاومة أو إحدى قواه، فهذا يعني شيء واحد لا غير، أنها في مأزق كبير لم يعد ينفع معه الوكيل. هذا التقدير هو ما سبق للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن قاله في مطلع الألفية الثالثة، خلال المرحلة التي أطلق عليها البعض اسم العصر الأمريكي، أي ما بعد الاحتلال الأمريكي لأفغانستان والعراق. يومها أيضاً أضاف السيد نصر الله بأن إرسال أمريكا لقوات عسكرية أو بوارج أو حاملات طائرات، لضعف وكلائها في المنطقة، فهذا دليل أيضاً ليس على أن المنطقة في العصر الأمريكي بل في أخر مراحل العصر الأمريكي.

هذه المقدمة ستساعدنا لفهم أبعاد خطوة الإدارة الأمريكية، في مساندة الكيان المؤقت بكافة الأشكال، ومنها بالمساعدة العسكرية المباشرة، من خلال ارسالها لمجموعة حاملة الطائرات جيرالد فورد، التي انتقلت من إيطاليا إلى بعد 129 كم غرب سواحل فلسطين المحتلة، لحماية إسرائيل عبر منع تدخّل حزب الله الى جانب المقاومة الفلسطينية في معركة طوفان الأقصى (بحسب زعمهم).

وهنا لا بد الإشارة، من أن حاملة الطائرات هذه ومجموعة القطع البحرية المرافقة لها والتي يسميها العسكريون بـ”القوة الضاربة 12″، لن تعمل في مهمتها الجديدة تحت إمرة قيادة المنطقة المركزية الأمريكية (Centcom)، بل ستكون بإمرة القيادة الاستراتيجية (STRATCOM)، التي تأتمر بقيادة الرئيس الأمريكي جو بايدن ومجلس ادارته للأمن القومي، فيما سيكون دور قيادة السنتكوم في هذه المهمة هو تأمين كل الدعم اللازم للحاملة ومجموعتها.

وهو ما ردّ عليه الحزب الأربعاء ببيان، قال فيه: “لم نُفاجأ على الإطلاق بالمواقف السياسية والإجراءات الميدانية التي اتخذتها الإدارة الأميركية لا سيما تصريحات الرئيس الأميركي الأخيرة في الوقوف السافر وإعلان الدعم المفتوح لآلة القتل والعدوان الصهيوني ضدّ الشعب الفلسطيني، فهذا هو الجوهر الحقيقي للسياسة الأميركية الكاملة في دعمها المتواصل للعدوان والإرهاب منذ نشأة هذا الكيان الغاصب المحتل”. معتبراً الولايات المتحدة شريكًا كاملًا في العدوان الصهيوني محملاً إياها المسؤولية التامة عن القتل والإجرام والحصار وتدمير المنازل والبيوت والمجازر المروعة بحق المدنيين العزل من الأطفال والنساء والشيوخ. أمّا بالنسبة لإرسال حاملات الطائرات إلى المنطقة فوضعه الحزب تحت إطار هدف الإدارة الأمريكية في رفع معنويات كيان الاحتلال وجنوده المحبطين. مبيناً بأنها “تكشف عن ضعف الآلة العسكرية الصهيونية رغم ما ترتكبه من جرائم ومجازر، وبالتالي حاجتها إلى الدعم الخارجي المتواصل لمد هذا الكيان الغاصب المؤقت بأسباب الحياة. ومؤكداً بأن “هذه الخطوة لن تخيف شعوب أمتنا ولا فصائل المقاومة المستعدة للمواجهة حتى تحقيق النصر النهائي والتحرير الكامل”.

وهذا ما يشير إلى أن محور المقاومة لن تخيفه مثل هكذا إجراءات أمريكية عسكرية، بل ولديه الكثير من القدرات التي تردع أمريكا من شن أي اعتداء أو الرد عليه بقوة وحزم.

وفي هذا الإطار لا يجب أن ينسى أحد، ما استطاعت المقاومة تحقيقه خلال العام السابق من إنجاز، عندما فرضت على الإدارة الأمريكية وحكومة الاحتلال، من دون إطلاق رصاصة واحدة، بل بمعادلة “كاريش وما بعد كاريش وما بعد ما بعد كاريش”، اتفاقاً لترسيم الحدود البحرية والمنطقة الاقتصادية.

هذا الإنجاز بني على معادلة يعرف الأمريكيون والإسرائيليون، بأنها مستندة على إرادة ووسائل قوة، وتراكم لخبرات وقدرات طوال عمر الحزب. ففي مايو من العام 2010 على سبيل المثال لا الحصر، كشف السيد نصر الله بشكل واضح أن القدرات البحرية للحزب لم تعد كما العام 2006، بل تطورت الى حد كبير لا يمكن تخيله. وقال السيد نصر الله يومها: ” في أي حرب مقبلة إذا حاصرتم ساحلنا وموانئنا فإن كل السفن المدنية والعسكرية التي تتجه الى موانئ فلسطين على امتداد البحر المتوسط ستكون تحت مرمى صواريخ المقاومة الإسلامية”. واضاف: “نحن قادرون على استهدافها وضربها وإصابتها ومصممون على ان ندخل هذا الميدان الجديد في المواجهة إذا حاصروا موانئنا”.

ما هي أبرز المعلومات حول حاملة الطائرات هذه؟ وهل هي عصية على الاستهداف والتدمير؟

– تحمل على متنها حوالي 5 آلاف جندياً في البحرية

– كما تحمل طائرات مقاتلة من طراز F-35 وF-15وF-16 وأسراب أخرى من الطائرات.

– يرافقها طراد “نورماندي” ومدمرات: “توماس هادنر”، و”رامدج”، و”كارني” و”روزفلت”.

– وصلت كلفة إنشاؤها الى 13 مليار دولار.

– مساحة سطحها 18211 متر مربع تقريباً أي ما يوازي مساحة ملعب كرة قدم *2.5

– ما يعني أن أي صاروخ باليستي سيتمكن بسهولة من إصابة حاملة الطائرات هذه، خاصةً إذا كان مخصصاً للأهداف البحرية مثل صاروخ خليج فارسي (نسخة صاروخ فاتح 110 المخصصة للأهداف البحرية).

– كما أن الجمهورية الإسلامية في إيران كانت قد كشفت منذ أشهر عن صاروخ باليستي جديد ضد الأهداف البحرية المتحركة، يصل مداه الى 1500 كم بسرعة 8 ماخ.

وكان السيد نصر الله قد سبق به وأشار الى هذا الصاروخ خلال لقائه بالخبراء ضمن مؤتمر الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين، عندما تحدّث عنه ومبيناً بأن إسرائيل تعتقد بأن كلّ ما تكشف عنه إيران من تطور على صعيد الصناعات العسكرية، سيصل حتماً الى باقي حلفائها في محور المقاومة.

فهل سيخاطر الأمريكيون بدرة تاج حاملات طائراتهم وبأرواح الآلاف من جنودهم؟

* المصدر: موقع الخنادق اللبناني

* المادة الصحفية نقلت حرفيا من المصدر