السياسية:

يبدو أن التركيز على السعودية في أوجه حالياً فبعد الحديث عن برنامجها النووي وقلق كيان “إسرائيل” والولايات المتحدة الأمريكية من امتلاكها أسلحة نووية تهدد أمن كيان “إسرائيل” أُثير اليوم الحديث عن قيام السعودية بقتل مهاجرين أثيوبيين على الحدود السعودية اليمنية.

حيث اتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في تقرير جديد أصدرته الإثنين، حرس الحدود السعودي بقتل عدة مئات من المهاجرين الإثيوبيين الذين حاولوا عبور الحدود بين اليمن والسعودية في الفترة ما بين آذار 2022 وحزيران 2023، وقالت المنظمة غير الحكومية إن هذه التجاوزات ارتُكبت فيما تبنت الرياض منذ خمس سنوات سياسة واسعة النطاق مناهضة للمهاجرين.

وفي مقدمة تقريرها الجديد، أدانت المنظمة غير الحكومية قتل حرس الحدود السعودي المئات، وربما الآلاف من المهاجرين وطالبي اللجوء الإثيوبيين الذين حاولوا عبور الحدود بين اليمن والسعودية، فيما كشفت صور التقطها مهاجرون إثيوبيون على طول الحدود بين اليمن والسعودية، وتم نشرها على منصات التواصل، والتي أظهرت العديد من الجرحى الذين تم حملهم على متن شاحنة وبجانبهم جثة ملقاة على الأرض، عن انتهاكات ارتكبها حرس الحدود السعودي بحق هؤلاء المهاجرين، حسبما قالت «هيومن رايتس ووتش».

وأجرت المنظمة طوال ستة أشهر في الفترة ما بين كانون الثاني وحزيران 2023، مقابلات هاتفية مع 42 إثيوبيًا حاولوا عبور هذه الحدود أو أقارب المهاجرين الذين قتلوا، كما حللت المنظمة العديد من الصور ومقاطع الفيديو المتداولة على الشبكات الاجتماعية، وقامت أيضًا بتمشيط مئات الكيلومترات المربعة من صور الأقمار الصناعية.

أما عن موقف الولايات المتحدة الأمريكيّة حيال هذا الموضوع فقد حاولت التملّص من جريمة قتل المئات من المهاجرين عند الحدود اليمنيّة – السعوديّة محمّلةً حليفتها السعوديّة المسؤوليّة كاملة عن هذه الجرائم، ففي الوقت الذي قامت به الولايات المتحدة الأمريكية بالتغطية على جرائم تحالف العدوان على اليمن طوال تسع سنوات طلبت وزارة الخارجية الأمريكية من السّلطات السعوديّة إجراء تحقيق معمق وشفاف، وبأن تفي بالتزاماتها بموجب القانون الدولي.

وزعمت الوزارة أنّ حرس الحدود البريّة المتورطين بالجرائم لم يتلقوا أي تمويل أو تدريب من الحكومة الأمريكيّة، فالولايات المتحدة تقوم باستمرار بانتقاد سجل المملكة الحقوقي وتحملها مسؤولية أي جرائم تظهر للعلن على الرغم من كون الأخيرة شريك أمني للسعودية.

حيث صرح متحدث باسم الخارجية الأمريكيّة: “أبلغنا الحكومة السعوديّة قلقنا حيال” تقرير لمنظّمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقيّة تتهم فيه حرس الحدود السّعوديين بقتل مئات المهاجرين الإثيوبيين”، لافتا في الوقت نفسه إلى أنه من الصعب “تأكيد” هذه الاتهامات.

بدوره قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك: “إنّ التقرير يتضمن “اتهامات بالغة الخطورة”، مضيفًا: “أعلم بأنّ مكتبنا لحقوق الإنسان على علم بالوضع وأجرى اتصالات، لكن من الصعوبة بمكان بالنسبة إليهم أن يؤكدوا الوضع عند الحدود”، على حدّ زعمه.

وأعلنت المتحدثة باسم المفوضية السّامية لحقوق الإنسان، في الأمم المتّحدة ليز تروسيل، في تصريح صحفي أنّ: “استخدام قوة قد تكون فتاكة بغرض حفظ الأمن هو إجراء مفرط لا يجوز اللّجوء اليه إلّا في حال الضرورة القصوى”، منتقدة بذلك قتل المهاجرين الأثيوبيين عند الحدود اليمنيّة- السعوديّة، وأضافت إنّ: “محاولة عبور حدود ما، حتى لو كانت غير قانونية استنادًا إلى القانون الوطني، لا تفي بهذا الشرط”.

وكان قد تجاهل مسؤولو الأمم المتحدة تقارير وبلاغات وصلتها، خلال سنوات، من منظّمات حقوقيّة محليّة وجهات رسميّة، إضافة إلى تقارير إعلاميّة وثّقت جرائم النظام السّعودي بحقّ المدنيين اليمنيين والمهاجرين في المناطق الحدوديّة.

من جهتها أعلنت فرنسا الثلاثاء أنها أخذت علما بتقرير منظمة «هيومن رايتس ووتش» الذي يتهم حرس الحدود السعوديين بقتل «مئات» من المهاجرين الإثيوبيين، داعية السلطات السعودية إلى إجراء تحقيق شفاف في شأن هذه الاتهامات.

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية إن «فرنسا تتابع عن كثب احترام حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية واليمن»، مضيفة: «نتناول هذه القضايا مع السلطات السعودية، بما في ذلك على أعلى مستوى، وندعوها إلى احترام القانون الدولي وحماية السكان المدنيين».

فيما أعلنت الحكومة الإثيوبية أنها ستجري تحقيقًا مشتركًا مع السعودية بعد نشر “هيومن رايتس” للتقرير، وأعلنت وزارة الخارجية الأثيوبية في بيان نشر على منصة إكس أن «الحكومة الإثيوبية ستحقق سريعًا في الحادث بالتعاون مع السلطات السعودية» داعية إلى «إظهار أقصى درجات ضبط النفس وعدم الإدلاء بتصريحات غير ضرورية إلى أن ينتهي التحقيق». وأضافت إن «البلدين، رغم هذه المأساة المؤسفة، تربطهما علاقات ممتازة وطويلة الأمد».

على ما يبدو أن الضغوط الأمريكية على حليفتها السعودية تتزايد مؤخراً، ولتوسيع دائرة الفهم وإدراك الأسباب لا بد من معرفة جملة العوامل التي تقف خلف ذلك، لعلّ أهمها المصالحة السعودية مع عدد من دول المنطقة أحدها برعاية صينية، فأن يتحول أعداء أمريكا إلى أصدقاء الحليف السعودي وفي منطقة مثل منطقة الشرق الأوسط متوترة وتتجاذبها القوى الكبرى وتتنافس فيها وعليها في سياق صراع النفوذ والبقاء، فالأمر ليس عادياً بالنسبة لواشنطن، إلى جانب اتفاق السعودية مع روسيا في إطار أوبك بلس بشأن إنتاج النفط، هذا عامل إضافي يكمن في العديد من الأسباب خلف التركيز على السعودية، ولا ننسى في السياق احتضان جدة للقمة العربية الأخيرة وبحضور سورية، أي إن فيما معناه أن السعودية تتجه إلى “أعداء” واشنطن و كيان “إسرائيل” معاً، في مقابل عدم الانصياع السعودي لواشنطن راهناً في عدة ملفات، وبالتالي لا بد أن الأخيرة ستخرج أوراق الضغط واحدة تلو الأخرى، ليكون السؤال المطروح، هل تنجح السعودية في إتمام استدارتها بعيداً عن الولايات المتحدة، أم إن أوراق ضغط واشنطن أقوى؟ لننتظر ونرَ.

* المصدر: موقع الوقت التحليلي
* المادة الصحفية نقلت حرفيا من المصدر