السياسية ـ متابعات:

ما يقارب مليون لاجئ فلسطيني ضمن 19 مخيما في الضفة الغربية عانوا على مدى سبعة عقود ونصف عاشوا ويعيشوا مصاعب جمة وتغول مستمر للاحتلال.

اللاجئين راس حربة

يوضح الكاتب سري سمور الذي عاش 28 سنة في مخيم جنين، أن اللاجئين في مخيمات الضفة هم رأس الحربة في حنجرة الاحتلال، حالهم كحال المسلمين الذين طردوا من الأندلس إلى المغرب العربي وتفرقوا بين دوله، وقادوا من هناك معارك الثأر والانتقام من عدوهم، موضحا أن سكان مخيمات الضفة الذين رحلوا قسراً من النقب والخليل، ومناطق حيفا ويافا، وبئر السبع، التحقوا بالمقاومة مبكراً قبل النكسة لأنهم كانوا الأعرف بفلسطين المحتلة، وأن قادة العمل المقاوم اليوم في الضفة معظمهم من اللاجئين، لأن المخيمات تمثل تذكير دائم ومستمر بالنكبة، ومن الطبيعي أن يكون أهلها في طليعة المقاومة.

تهويد التاريخ الفلسطيني.

يصادف الـ15 من مايو، ذكرى واحدة من أبشع الجرائم الإنسانية في التاريخ، وهي ذكرى نكبة فلسطين، والتي تمثلت في التهجير القسري الذي تعرض له الشعب الفلسطيني في عام 1948م، على أيدي العصابات الصهيونية، وتعرض في مثل هذا اليوم لتدمير شبه كامل وتهجير 700 ألف مواطن من بيوتهم، في عملية احتلال ممنهجة للاستيلاء على هذه الأرض المباركة، وتهويد التاريخ الفلسطيني.

ومنذ ذلك التاريخ فقد مرت فلسطين بعدد من المذابح كمجزرة صبرا وشاتيلا، التي تعد من أبشع مجازر الاحتلال في حق الشعب الفلسطيني، والتي نفذت في مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين في 16 سبتمبر 1982م، والتي استمرت لمدة ثلاثة أيام، وتشير التقديرات إلى أن عدد الشهداء في المذبحة بين 750 و3500 شخصا من الرجال والأطفال والنساء والشيوخ المدنيين، وكان أغلبيتهم من الفلسطينيين لكن كان من بينهم لبنانيين أيضًا.

النكبة لم تبدأ في تاريخها المعروف

تحمل ذكرى النكبة مراحل من التهجير التي اقتلعت الفلسطينيين من 20 مدينة ونحو 400 قرية غدت أملاكها ومزارعها مع الاحتلال الصهيوني، كما تعيد ذكرى 10 آلاف فلسطيني على الأقل لقوا مصرعهم في سلسلة مجازر وعمليات قتل ما يزال معظمها مجهولا، فيما أصيب ثلاثة أضعاف هذا الرقم، ولكنها لم تبدأ في سنة 1948، وإنما قبل ذلك بكثير، ففي عام 1799 خلال الحملة الفرنسية على العالم العربي نشر نابليون بونابرت بيانا يدعو فيه إلى إنشاء وطن لليهود على أرض فلسطين تحت حماية فرنسية بهدف تعزيز الوجود الفرنسي في المنطقة، لكن خطته لم تنجح في ذلك الوقت إلا أنها لم تمت أيضا، حيث أعاد البريطانيون إحياء هذه الخطة في أواخر القرن الـ19، وتجسد ذلك بداية من 1897 حين دعا المؤتمر الصهيوني إلى إنشاء وطن للشعب اليهودي في فلسطين، سقوط الإمبراطورية العثمانية في أعقاب الحرب العالمية الأولى 1914-1918وقيام الانتداب البريطاني في فلسطين بدأت قوى الاستعمار البريطانية بتنفيذ مخططها لبناء دولة صهيونية على أرض فلسطين.

الفلسطيني مصمم على استعادة أرضه

فالنكبة، بصفتها تدميرا للوجود والإنسان الفلسطيني، وتهجير قسري لغالبية الشعب ، وسلبا لأراضيهم وممتلكاتهم، ظلت تمثل، منذ عامها الأول، جرحاً لم يندمل، فالصهيونية تحتل اليوم فلسطين الانتدابية بكاملها وتحول دون إحياء دولة فلسطين سيدة ومستقلة ولو على جزء يسير من اراضيها؛ وهي ما زالت تمنع عودة اللاجئين الفلسطينيين الذين هُجروا إلى وطنهم، بل وترفض الإقرار بمسؤوليتها عن تهجيرهم، وهي مستمرة، من خلال إقامة المستوطنات اليهودية وتوسيعها في الضفة الغربية المحتلة، في الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين، وتواصل نهب منازلهم وممتلكاتهم، وخصوصاً في مدينة القدس وضواحيها، ولم تمتنع عن ارتكاب المذابح بحقهم، منذ كفر قاسم ومروراً بصبرا وشاتيلا ووصولاً إلى ضحايا اعتداءاتها المتكررة على مدن الضفة الغربية وحروبها الدورية على قطاع غزة، وفي المقابل، ما زال الشعب الفلسطيني مصمماً ليستعيد أرضه؛ فعلى الرغم من الخلل الكبير في موازين القوى بينه وبين الحركة الصهيونية، وعلى الرغم من أزمة حركته الوطنية وانقسامها، ما زال هذا الشعب يقاوم، بمختلف الأشكال، المخططات الصهيونية ويرفض الاعتراف بالهزيمة، مستنداً في ذلك إلى عدد من الأرصدة الاستراتيجية.

النكبة لن تتكرر

أبرزها بقاء نصف هذا الشعب، أي نحو 7 ملايين و 100 ألف من أصل 14 مليوناً و 300 ألف، بحسب آخر إحصاء للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، في فلسطين التاريخية، وهم يشكّلون 50،1 % من السكان المقيمين فيها في مقابل 9، 49 % من اليهود، وغير مستعدين، مهما حصل، على تكرار تجربة ترك وطنهم كما حدث في سنة النكبة؛ والأمر الأخر، يكمن في تمسك معظم الفلسطينيين بروايتهم التاريخية، التي تقول ليس للفلسطينيين وطن غير فلسطين، وإن معركتهم من أجل الحفاظ على هذا الوطن والعودة إليه لم تبدأ في سنة 1967، ولا حتى في سنة 1948، وإنما بدأت منذ مطلع القرن العشرين عندما شرع الفلاحون الفلسطينيون، قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى، في مقاومة مهاجري الموجة الثانية من الهجرة اليهودية إلى فلسطين 1904-1914 الذين أرادوا اقتلاعهم من أراضيهم ومنعهم من العمل، والثالث هو حيوية الثقافة الفلسطينية التي رسخت معنى النكبة في الوعي الفلسطيني وطوّرته، وشكّلت، على مر تاريخ النضال الوطني الفلسطيني، حاضنة للهوية الفلسطينية وحامية لها من مخاطر التبديد .

لقد أصبح الكيان الصهيوني أمام فلسطيني مختلف عما كان في عام النكبة، ففلسطيني اليوم، قد أعلنها مبكرا لن يهاجر من أرضه أبدا، وسيظل فيها ولن يسمح بتكرار ذلك التاريخ، أبدا لأن الاحتلال هو الذي يريد وأخذ الأرض، حق لا يملكه وأهل الأرض من هذا المنطلق لن يراحوا مكانهم فها هي 75 سنة والفلسطيني يتحدى الاحتلال.

* المصدر: موقع عرب جورنال
* المادة نقلت حرفيا من المصدر ولا تعبر عن رآي الموقع