احتلال العراق أدى إلى زوال القوة العظمى الأمريكية
السياسية:
على الرغم من تراجع مكانة الولايات المتحدة في غرب آسيا، إلا أن واشنطن لا تزال تتمتع بنفوذ هائل. ولا تزال الولايات المتحدة تتمتع بأكبر وجود عسكري في المنطقة. حيث ينتشر ما بين 40 ألفا إلى 60 ألفًا جندي أمريكي هناك، منهم نحو 2500 في العراق. إلى ذلك، تقوم العديد من البلدان إما بربط عملاتها بالدولار الأمريكي أو لديها اقتصادات تعمل على تحويل تلك العملة. لكن ما تغير هو أنه، كما أوضح بايدن، أنه قد انتهى عصر المحاولات التي تقودها الولايات المتحدة لبناء الأمة. معظم الناس في الشرق الأوسط يرحبون بهذا التطور. ومع ذلك، هناك براءة، سذاجة، اختفت إلى الأبد بين أولئك في الشرق الأوسط الذين آمنوا حقا بالولايات المتحدة، كما تعبّر مجلة فورين أفيرز.
في مقال نشرته المجلة في مناسبة الذكرى العشرين لاحتلال العراق، حول التأثير الأمريكي بعد العراق، وعما إذا كانت الولايات المتحدة لا تزال تدفع الثمن، ترى الكاتبة مينا العريبي، أن تصرفات الولايات المتحدة أثناء احتلال العراق هي التي أدّت في النهاية إلى زوالها كقوة عظمى رائدة في العالم. حيث أظهرت الولايات المتحدة مزيجًا من الجهل والغطرسة التي فاجأت العراقيين وغيرهم في المنطقة. وتسببت قرارات مثل حلّ الجيش العراقي والعديد من مؤسسات الدولة في تشكيك العراقيين في نوايا واشنطن. وعلى الرغم من أنه من الواضح أنهم لا يفهمون تعقيدات العراق، إلا أن بعض المسؤولين الأمريكيين ظهروا على أنهم متعجرفون بشكل خاص، ويتصرفون كما لو أنهم وحدهم يعرفون كيفية التعامل مع البلاد.
تشير الكاتبة إلى أنه سرعان ما بدا أن “الحرب على الإرهاب” تستهدف العرب والمسلمين، الذين واجهوا فحصًا إضافيا في المطارات وتحملوا وطأة تراجع الحريات المدنية بموجب قانون باتريوت لعام 2001. وقد استنزف هذا الخزان من النوايا الحسنة أكثر عندما وضعت الولايات المتحدة أنظارها على العراق. وذكرت عندما عرضت قطر قاعدة العديد الجوية كنقطة انطلاق. لم يكن وجود القاعدة معروفًا علنًا حتى قبل بضعة أشهر من الحرب، مما أثار الشكوك بين الجماهير العربية بأن البصمة العسكرية الأمريكية في المنطقة كانت أكبر مما هو معترف به علنًا.
أما بخصوص الحرية والديموقراطية التي كانت من شعارات الحرب، فترى الكاتبة أنه لم يلحق ضرر بقضية الحرية أكبر من الفوضى التي سادت تلك الأشهر الأولى من حرب العراق.
ذلك أنه لو أظهرت القوات الأمريكية إحساسًا بالواجب أو الرعاية، ولو لم يتم تدمير الدولة العراقية، لكان العراقيون قد حصلوا على فرصة قتالية لإعادة بناء بلدهم. أثار الدمار والعنف الذي يحدث تساؤلات في أذهان العراقيين حول ما إذا كانت الولايات المتحدة غير راغبة في حماية أجزاء رئيسية من البلاد أو كانت غير قادرة على القيام بذلك. مع 160،000 جندي وقوة جوية متفوقة، طردت الولايات المتحدة الجيش العراقي لكنها بدت بعد ذلك غير قادرة على الاحتفاظ بالشوارع الفارغة التي خلفتها وراءها.
تورد الكاتبة أنه حتى في مايو/أيار 2003، عندما وقف بوش على حاملة طائرات أمام لافتة كتب عليها “المهمة أنجزت”، لم يكن من الواضح على الإطلاق أي جزء من المهمة قد أنجز بالفعل، مع عدم العثور على أسلحة دمار شامل، وتقول إنه قد تم تجريد الحرب الأمريكية من مهمتها المركزية، ولم تكن الديمقراطية قد وصلت إلى العراق، وكان الناس الذين تآمروا على 9/11 لا يزالون طلقاء. ثمّ كانت إدارة بوش مسؤولة عن إنشاء نظام سياسي مبني على الانقسامات الطائفية والعرقية في العراق.
في المقال أيضًا تورد الكاتبة بأنّ هناك تصور في الدول العربية بأن الولايات المتحدة لا تستطيع الحفاظ على مواقفها في السياسة الخارجية من إدارة إلى أخرى، الأمر الذي تسبب أيضًا في تردد حلفاء الولايات المتحدة قبل دعم أوكرانيا. كما قررت الولايات المتحدة مرارًا وتكرارًا إعادة العلاقات مع القادة الذين اعتبرتهم في السابق معادين، مثل القذافي في ليبيا، والنظام الإيراني خلال المفاوضات النووية، وطالبان في عام 2020 قبل الانسحاب الأمريكي من أفغانستان. وقد دفعت هذه الانتكاسات الكثيرين في العالم العربي إلى التساؤل عما إذا كانت الولايات المتحدة قد تبرم صفقة مع روسيا، على الرغم من كل خطابها العام، وتترك الشرق الأوسط للتعامل مع التداعيات مرة أخرى.
إلى ذلك تضع الكاتبة اتفاق السعودية مع الصين في إطار تآكل الثقة بين الولايات المتحدة والعالم العربي وعندما توسطت الصين في استئناف العلاقات الدبلوماسية بين إيران والمملكة العربية السعودية. حيث يشير هذا الإعلان إلى أن النفوذ الأمريكي تضاءل بالنظر إلى أن السعودية، وهي حليف رئيسي للولايات المتحدة، فلجأت إلى الصين، أكبر منافس للولايات المتحدة، لمساعدتها على إبرام اتفاق.
* المصدر: موقع الخنادق
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع