السياسية: صادق سريع

 

 

تتداول وسائل الاعلام المختلفة والمواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي (سوشيال ميديا) من حين لآخر، اخبار وقصص وأحاديث تدور رحاها في افلاك ما وراء الدور البريطاني في حرب اليمن..؟

إذا.. ما حقيقة الدور البريطاني في حرب اليمن؟ وماذا تريد من اليمن؟ وكيف ومتى تتدخل .. وماذا تستفيد بألاعيبها في ملف اليمن؟

موقع ” السياسية” بدوره يتناول في هذا التقرير حقيقة سياسة الدور البريطاني المشبوه في اليمن.

في الـ 21 يناير 2023، دانت وزارة خارجية حكومة الإنقاذ الوطني تصريحات السفير البريطاني في اليمن ريتشاد اوبنهام، السياسية البريطانية تجاه اليمن وتورطها في زيادة معاناته.

كما اتهمت الموقف الاجرامي الذي تنتهجها سياسة التاج البريطاني تجاه الشعب اليمني وعرقلة جهود السلام .. قائلة :” إنّ “بريطانيا تتورط كل يوم في معاناة الشعب اليمني، وتقف بكل وقاحة في خندق الفاسدين واللصوص والإرهابيين”.
وأشارت خارجية صنعاء إلى أنّ تصريحات السفير البريطاني كشفت علناً الدور الإجرامي الذي تؤديه لندن في مضاعفة معاناة اليمنيين.

وأعلنت الحكومة البريطانية على لسان سفيرها في اليمن دعم الإجراءات الاقتصادية التي اقرتها حكومة عدن، حيث قال أوبنهايم: ” إن الاقتصاد اليمني دُمر بشدة، وإن من الضروري توفير الوظائف وسبل العيش لليمنيين، فضلا عن تقديم الخدمات الأساسية ودفع الرواتب”.

ومؤخرا وتحديدا ، يوم الأربعاء ٢٢ فبراير ٢٠٢٣ ، قال السفير البريطاني لدى اليمن معلقا على وصول الوديعة السعودية للبنك المركزي بعدن: “ترحب بريطانيا‬ بالإيداع السخي للمملكة العربية السعودية لمليار دولار في البنك المركزي اليمني في عدن‬”.
وأضاف: “هذا الدعم يمثل شريان حياة لليمن”.

وفيما وصف عضو المجلس السياسي الأعلى، محمد علي الحوثي، دعم بريطانيا لإجراءات حكومة مرتزقتها في المناطق المحتلة اليمنية، عبر رفع سعر الجمارك، ب”جريمة” أخرى ضد المواطن اليمني، وحصار فوق حصار دول العدوان الأميركي البريطاني السعودي.. نفى رئيس حكومة صنعاء، عبد العزيز بن حبتور، مصداقيه الدور البريطاني في تخفيف معاناة الشعب اليمني اقتصادياً، مؤكدا أنها جزء أساس من العدوان على اليمن.

وقال بن حبتور، في حديث لقناة “المسيرة” إنّ “تصريحات السفير البريطاني الأخيرة غير مسؤولة”، مشيراً إلى أنّ “قرار حكومة المرتزقة رَفْعَ سعر الدولار الجمركي موجَّه لزياده معاناة الشعب اليمني”.

حكومة صنعاء بدورها أكدت ان “تصريحات السفير البريطاني تثبت وقوف لندن خلف الحرب الاقتصادية، بما في ذلك سياسات الحصار والتجويع”.

ووفق بيان خارجية صنعاء، فإنّ “بريطانيا، عبر هذا السلوك الإجرامي، تجلب إلى شعبها العار، وتقر على لسان سفيرها بالتورط في جرائم الحرب المرتكبة ضد الإنسان اليمني”.

في السياق، دافعت حكومة التاج البريطاني، يوم الثلاثاء 31 يناير 2023، أمام القضاء عن قانونية قرارها استئناف بيع الأسلحة للسعودية التي تتّهمها منظّمات غير حكومية عدة بانتهاك القانون الدولي بتدخّلها العسكري في اليمن.

وتجمّع عشرات الأشخاص في اليوم ذاته أمام المحكمة لدى افتتاح جلسات قضية “المراجعة القانونية” للنظر في قانونية قرار الحكومة.
وبينما تنظر المحكمة العليا في قانونية قرار الحكومة الأخير استئناف بيع الأسلحة للسعودية، قالت المتحدثة باسم “الحملة ضد تجارة الأسلحة” إميلي آبل في تصريحات لوكالة فرانس برس إن الحكومة البريطانية “كان عليها ألا تسلّح السعودية. مبيعات الأسلحة هذه غير مشروعة ويجب أن تتوقّف”.

وفي العام 2019 كسبت المنظمة دعوى ضد الحكومة وأجبرت لندن على وقف بيع الأسلحة للسعودية ، وخلصت المحكمة حينها إلى أن الحكومة لم تجر تقييما مسبقا لكشف ما إذا تحالف العدوان الذي تقوده السعودية ارتكب انتهاكات للقانون الدولي الإنساني وطلبت من الحكومة إعادة النظر في قانونية هذه المبيعات.

وبعد عام في صيف 2020، استأنفت الحكومة بيع الأسلحة بحجة أن المراجعة التي أجرتها بيّنت عدم وجود خطر يشير إلى أن المعدات العسكرية المصدّرة إلى السعودية يمكن استخدامها في انتهاكات خطرة للقانون الإنساني الدولي.

وحذّرت وزارة خارجية حكومة صنعاء الحكومة البريطانية “من المضي في هذا التوجه التصعيدي”، داعيةً إلى الامتناع عن الإصغاء إلى بريطانيا وأميركا و”من لف لفهما من أعداء السلام والإنسانية” ، قالت :” “الجرائم البريطانية ستعطي الشعب اليمني كامل الحق في ملاحقة الحكومة البريطانية ومعاقبتها بكل الوسائل المشروعة والممكنة”.

 

فضائح بريطانية

بدورها، هاجمت صحيفة” مورنينغ ستار“ البريطانية وتحديدا في الـ 4 من يناير 2023، دور بلادها الذي وصفته بـالمخزي والمخجل في أنها لا تزال تلعب دورا حاسماً في تأجيج الصراع في اليمن إلى جانب الولايات المتحدة، وبالتالي فأنها تتحمل مسؤولية كبيرة عن الكارثة الإنسانية المستمرة.

 

الصحيفة فضحت الدور البريطاني القذر في حرب اليمن كاشفة حجم المبالغ المالية الكبيرة التي تجنيها سلطات الحرب من ذلك الدعم.
حيث قدرت “الحملة ضد تجارة الأسلحة المناهضة للحرب” ان الحكومة البريطانية رخصت لما يزيد عن 23 مليار جنيه إسترليني من الأسلحة لتحالف العدوان الذي تقوده السعودية منذ مارس 2015 وفقا للصحيفة.

وفي العام 2019، أشار آرون ميرات في صحيفة “الجارديان” البريطانية، إلى أن اليمن تتعرض وتقصف كل يوم بالقنابل البريطانية، مؤكدا ان تلك القنابل والصواريخ تسقطها طائرات بريطانية ويقودها طيارون بريطانيون مدربون ويقومون بصيانتها وتجهيزها داخل السعودية من قبل آلاف المتعاقدين البريطانيين.
في العام نفسه، أظهر ضابط سابق في سلاح الجو السعودي في الفيلم الوثائقي “الحرب الخفية البريطانية” على القناة 4 في نفس العام، وأوضح أن السعودية “لا يمكنها إبقاء طائرة “تايفون” البريطانية الصنع في الجو بدون البريطانيين.

الصحيفة رأت أن الطيارين لا يمكنهم الطيران بدون صيانة وبدون الخدمات اللوجستية.. وقالت:” نعلم أيضا أن العسكريين البريطانيين يتمركزون في مركز القيادة والتحكم للضربات الجوية السعودية ولديهم إمكانية الوصول إلى قوائم الأهداف”.

بدورها، صحيفة “ديلي ميل”البريطانية قالت في تقرير نشرته في عام 2019:” أن جنود القوات الخاصة البريطانية موجودون على الأرض في اليمن، ويعملون كمراقبين جويين متقدمين، ويطلبون الدعم الجوي من سلاح الجو الملكي السعودي”.

فيما أكدت صحيفة “مورننيغ ستار إن بريطانيا توفر الغطاء الدبلوماسي لمذبحة السعودية المستمرة.. في حين أفاد وزراء بريطانيين سابقين في حكومة المحافظين، ولا سيما أندرو ميتشل، إن بلاده تقوم بمهمة حماية السعودية من الانتقادات تحت قبة مجلس العموم الدول الاوربية”.

وقالت :” الحقيقة هي أن واشنطن ولندن كان بإمكانهما إيقاف السعوديين، وإنهاء الحرب في أي وقت يحلو لهم”.

وفيما دعت صحيفة “مورننيغ ستار” ، العالم الى معرفة عمق معاناة الشعب اليمني، كشف استطلاع أجرته شركة “يوجوف” الدولية في عام 2017، أن 49 في المائة فقط من البريطانيين كانوا على دراية بالحرب في اليمن .

وعلق اعلاميون آنذاك على نتائج الاستطلاع بالقول:” نتيجة يجب أن يهين عليها كل من يعمل في وسائل الإعلام البريطانية السائدة”.
ونهاية عام 2021، قدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عدد الوفيات المباشرة وغير المباشرة بسبب الحرب بـ 377 ألف شخص.

وأشار التقرير إلى أن 259 ألف من إجمالي الوفيات – وما يقرب من 70 في المائة من إجمالي الوفيات الناجمة عن الصراع – هم أطفال تقل أعمارهم عن خمس سنوات.

الحرب القذرة

في يوم الاحد الموافق يوم الـ 27 من نوفمبر 2017، كشفت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية في تقرير نشرته عن دور لندن مع السعودية في حربها على اليمن والذي وصفتها ب”الحرب القذرة” ، مشاركة 50 عسكريا من عناصر الجيش البريطاني يقومون بتدريب الجنود السعوديين على المهارات الحربية للقتال بشكل سري في هذه “الحرب القذرة”، حسب وصفها.

واكد النائب في البرلمان البريطاني والوزير السابق للتنمية الدولية البريطانية، أندرو ميتشيل، قائلا :” إن مشاركة الجيش البريطاني في هذه الحرب تعتبر جزءا من “التواطؤ المخجل” لبريطانيا في هذه المعاناة “.

النائب ميتشيل طالب حكومته في مجلس العموم بتقديم إجابات عن دورها في العملية العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن، مؤكد أن تواطئ بلاده بشكل مخزٍ في هذه الحرب وبطريقة تعتبر انتهاكا لاتفاقيات جنيف.
وأضاف: “ليس لدي شك في أن البرلمان سيطالب بتوضيحات عن التدريب، في ضوء القلق حول الكارثة الإنسانية التي تظهر في اليمن”.

في السياق ، بيّنت صحيفة “ديلي ميل” أن العملية المسماة “كروس وايز” (عملية الطرق المتقاطعة) انكشفت بعد أن نشر الجيش البريطاني صورا ومعلومات عن طريق الخطأ.

وشملت عملية “كروس وايز” قوات من الكتيبة الثانية للفوج الملكي الإسكتلندي، وكانت مهمتهم تدريس تقنيات الحرب غير النظامية I.W) ) لضباط من معهد مشاة القوات البرية الملكية السعودية.
والحرب غير النظامية I.W) ) هو اسم لتكتيكات محددة تستخدمها الجيوش التقليدية لهزيمة الجماعات الإرهابية.

 

وبيّنت الصحيفة أنه نظرا للقلق المثار حول العملية العسكرية السعودية في اليمن، فإنه كان من المفترض ألا يتم الكشف عن عملية الطرق المتقاطعة “كروس وايز”، التي ظهرت دون قصد عندما تم نشر ملخص وصور على موقع الفوج الإسكتلندي على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، حيث ظهر في الصور مدرب بريطاني يقف أمام خريطة اليمن وهو يشرح استراتيجية هجوم محتمل.
وحسب الصحيفة حاولت وزارة الدفاع البريطانية معالجة الأمر سريعا، وقامت بعد 20 دقيقة بإزالة الصور.

في ذات صله، طالب قائد البحرية البريطانية السابق لورد ويست، بالشفافية حول دور بريطانيا في اليمن، قائلا: “في ظل الحساسية التي تحيط بالحرب السعودية في اليمن في الوقت الحالي، فإنه من الأفضل أن يكون هناك وضوح بشأن ما نقوم بعمله، ونأمل أن يسهم تدريبنا في إنقاذ الأرواح”.

ونقلت صحيفة “ديلي ميل” عن ضابط بارز في الجيش طلب عدم نشر اسمه، قوله: “هناك قلق كبير بشأن تسريب العملية في ضوء الحساسيات للدور السعودي في اليمن”.
منظمة “هيومن رايتس ووتش” بدورها ، دانت حكومة بريطانيا منح تراخيص تصدير وبيع أسلحة للملكة العربية السعودية، خشية استخدامها في حرب اليمن.

وقالت المنظمة، إن التحالف بقيادة السعودية، استخدم أسلحة بريطانية في حربه باليمن، مؤكدة توفر الأدلة على تلك الانتهاكات.

ماذا تريد بريطانيا في اليمن؟

تستغل بريطانيا انشغال العالم عن الحرب المنسية في اليمن، وتعمل على خلط الأوراق من أجل تحويل الحل السياسي إلى شرعنة العدوان وتعميق الانقسام المجتمعي للابقاء على أسباب الحرب.

 

ويرى محللون سياسيون في منصات التواصل الاجتماعي ان بريطانيا صاحبة المخططات الخبيثة تسعى لتأمين بقائها في المواقع اليمنية الحيوية المحتلة والمستهدفة ونهب ثروات اليمن بصمت، داعين الى القيام بحملات ودراسات وتحليلات لفضح الدور البريطاني في اليمن من بداية الحرب الى اليوم.

ويرى اخرون ان بريطانيا تسعى للعودة منفردة للسيطرة السياسية على المنطقة مجددا عبر اداتها التخريبية “الامارات” والمخطط يبدأ من اليمن مرورا بدول عربية وخليجية لتكمل تنفيذ مخططاتها.
وعلق اخرون بالقول “: بريطانيا ملمسها ناعم وسمها زعاف وكوارث الامه التي تحدث الان وضعت خططها قبل عقود خلت “.

وتلعب لندن سياسة تظهر عكس ما تخفي، وتتقن تسويق الأوهام ، حيث خططت الى تسليم الحكم في جنوب اليمن إلى شركاء متشاكسون من أجل اطاله الحرب والحفاظ على ديمومة الصراع.

وفي ظل تداعيات الدور البريطاني، شدد قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي على أنّ “اليمن لا يمكن أن يقبل بوجود قواتٍ غازية أو مُحتلة في أيّ محافظةٍ أو جزيرة، لأنّ في ذلك تدخلاً مباشراً بشؤون بلادنا”.

وأكد أنّ “الوجود الأميركي والبريطاني في اليمن هو عدوان واحتلال، ولا يمكن القبول به، ويتم التعامل معه على أنّه قوّة احتلال”.

 

 

وقال السيد الحوثي الخميس الماضي 23 فبراير الجاري في كلمته بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد الرئيس صالح الصماد :”فليعلم الأميركي والبريطاني والسعودي والإماراتي بأنّ عليهم أنّ يتحملوا مسؤولياتهم في إطار أيّ اتفاق”.. في إشارة الى الدور الأميركي والبريطاني والاماراتي في عرقله اتفاقيات الملف الإنساني في اليمن.

ووفق احصائيات صادرة عن منظمات حقوقية يمنية على مدى ثمان سنوات، بلغ استشهد وحرج 13 ألفاً و437، بسبب الحرب الذي تشنها دول تحالف العدوان فيما بلغ عدد الشهداء من النساء والأطفال ستة آلاف و312 قتيلاً منهم ألفان و436 امرأة وثلاثة آلاف و876 طفلاً .
وبلغ عدد الجرحى من النساء والأطفال سبعة آلاف و125 جريحا، منهم ألفان و862 امرأة وأربعة آلاف و263 طفلاً.
ودعت المنظمات أحرار العالم لإيقاف العدوان وحماية المدنيين، وتشكيل لجنة للتحقيق في كافة الجرائم المرتكبة بحق الشعب اليمني ومحاسبة كل من يثبت تورّطه فيها.

وتشن دول تحالف العدوان بزعامة السعودية منذ الـ 26 من مارس 2015، حرب عسكرية وحصار جائر على اليمن.

ويبقى السؤال .. متى ستدرك النخب السياسية في اليمن خطورة السياسة والدور الخبيث الذي يقوم به التاج البريطاني في اليمن.. ؟