سجن أم مسلخ؟ تزايد جرائم الكيان الصهيوني بحق الأسرى الفلسطينيين
السياسية:
مجلس الوزراء المتشدد في الكيان الصهيوني، الذي وافق على العديد من الخطط المثيرة للجدل ضد الفلسطينيين في الشهرين الماضيين، بدأ المواجهة مع الأسرى الفلسطينيين هذه المرة.
وفي هذا الصدد، قامت وحدات القمع المتواجدة في سجون الكيان الصهيوني بسجن “ريمون”، بضرب الأسرى الفلسطينيين في الأيام الماضية. وقال مكتب إعلام الأسرى الفلسطينيين إن وحدات القمع في السجون الصهيونية، نقلت أسرى القسم الثالث من سجن ريمون إلى مكان مجهول بعد الضرب.
وحملت وزارة الأسرى والمحررين الكيان الصهيوني المسؤولية عن مصير هؤلاء الأسرى، وأكدت وجود مسنين ومرضى بين الأشخاص الذين تم نقلهم.
وحسب التقارير، قامت إدارة السجون الإسرائيلية أيضًا بمصادرة متعلقات الأسرى الفلسطينيين وحرمانهم من أبسط حقوقهم، مثل الماء الساخن. هذا بالإضافة إلى برودة الطقس الشديد وعدم توفر البطانيات والملابس المناسبة، ما زاد من معاناة الأسرى الفلسطينيين. وأفادت الأنباء بأن إدارة السجون الصهيونية قطعت الماء الساخن عن سجن نفحة.
وتشمل أفعال إيتمار بن غفير، وزير الأمن الداخلي في الكيان الصهيوني، تقليص كمية المياه المستهلكة والاستحمام للأسرى الفلسطينيين، وهذه الأعمال اللاإنسانية جعلت أوضاع الأسرى الفلسطينيين أسوأ من ذي قبل. كما نفذت إدارة سجون الكيان الصهيوني عدة عمليات قمع في السجون، منها سجن النقب.
ولممارسة المزيد من الضغط على الأسرى، وافق البرلمان الصهيوني مؤخرًا على قانون يقضي بإلغاء جنسية وإقامة الأسرى في السجون الإسرائيلية ومرتكبي العمليات في القدس، وهو القانون الذي يصرح فعلياً بهدم منازل الأسرى ونقل أسرهم إلى مناطق أخرى.
هذا فيما شهدت الأراضي المحتلة ذروة التوترات بين الكيان الإسرائيلي والفلسطينيين في الأسابيع الأخيرة، ومن المتوقع أن تشتد الأزمة في هذه المنطقة مع إقرار هذا القانون.
إن تصرفات الكيان الصهيوني ضد الأسرى الفلسطينيين هي نتيجة سياسات الكيان العنصرية، ومع تشكيل حكومة بنيامين نتنياهو المتشددة، ازدادت هذه الجرائم بشكل أكبر. وكعدو من الدرجة الأولى للفلسطينيين، يريد بن غفير قتلهم جميعًا، ومنذ أن تولى وزارة الأمن الداخلي، حاول تنفيذ خططه الجشعة ما أدى إلى تصعيد التوترات في الأراضي المحتلة.
جرائم تل أبيب في السجون منتشرة على نطاق واسع، لدرجة أن بعض السجناء يموتون نتيجة التعذيب. وفي هذا الصدد، أعلن نادي الأسير الفلسطيني خلال الأيام الماضية، استشهاد أحمد أبو علي، الأسير الفلسطيني في مستشفى “سوركا” التابع للكيان الصهيوني. ومع استشهاد أبو علي، وصل عدد الأسرى الفلسطينيين الذين استشهدوا في سجون الكيان الصهيوني منذ عام 1967 إلى 235 شخصًا.
وتشير الإحصاءات إلى أن 4780 أسيرًا محتجزون في 23 سجنًا ومعتقلًا إسرائيليًا، منهم 29 سجينة في سجن الدامون، و160 طفلاً، و915 معتقلاً إداريًا دون محاكمة.
ومن هذا العدد، يعاني أكثر من 600 أسير فلسطيني من أمراض مختلفة، ومن بينهم 24 أسيراً يعانون من مرض السرطان. هذا بالإضافة إلی التعذيب النفسي الذي يمارسه الصهاينة على الأسرى.
إن اعتقال وسجن الأطفال دون العاشرة من العمر غير مسبوق في أي مكان في العالم، لكن الصهاينة لا يرحمون حتى الأطفال ويصنفونهم على أنهم إرهابيون.
وقبل شهرين أيضًا، لم يسلم الكيان الصهيوني جثة شهيد فلسطيني لعائلته، وحاول أخذها كرهينة لتبادلها مع أسراه المحتجزين لدى حماس. كما أفادت التقارير في السنوات الماضية، بأن الجثث التي سلمت للأسر الفلسطينية، ظهرت عليها علامات الجراحة وغياب بعض الأعضاء الداخلية للشهداء، الأمر الذي أثار تكهنات حول وجود تهريب لأعضاء الصهاينة من قبل الصهاينة، وهي التقارير التي لم تتم دراستها قط.
انتهاك حقوق الأسرى الفلسطينيين
إن الوضع المؤسف في السجون الصهيونية بحق الفلسطينيين، يتعارض مع ميثاق معاهدات أسرى الحرب. لأن غالبية الأسرى الفلسطينيين أسرتهم قوات الاحتلال في ساحات القتال وأثناء العمليات العسكرية، ووفقًا للمعاهدات، يجب معاملتهم وفقًا لقوانين أسرى الحرب، لكن قوات الأمن الصهيونية تعامل هؤلاء الأسرى مثل القتلة.
لا شك أن أسر الشعب الفلسطيني في وطنه ونقله إلى فلسطين المحتلة، ليس فقط انتهاكًا واضحًا لحقوق الإنسان، ولكنه أيضًا انتهاك واضح لاتفاقية جنيف.
وفقًا لاتفاقيات جنيف الأربع، يجب احترام ممتلكات وأرواح سكان الأرض المحتلة من قبل المحتلين، وليس للمحتل الحق في انتهاك الشعب الواقع تحت الاحتلال لأي سبب من الأسباب. ومع ذلك، خلال عقود من احتلال فلسطين وأثناء احتلال الأراضي الفلسطينية عام 1967، لم يدخر الكيان الصهيوني جهداً في ارتكاب أي جرائم خفية أو علنية ضد الشعب الفلسطيني.
في غضون ذلك، تعامل حركة حماس التي أسرت عددًا من الجنود الصهاينة معاملةً إنسانيةً معهم، وحتى في الفيلم الذي نشرته قبل بضعة أشهر، أظهر سجينًا صهيونيًا مريضًا تم تزويده بمرافق طبية.
الإضراب عن الطعام والاعتصام من أدوات مقاومة الأسرى ضد المحتلين
بدأ الأسرى الفلسطينيون العصيان الجماعي رداً على تصرفات بن غفير. حيث بدؤوا إضرابًا عن الطعام واعتصامًا منذ 25 فبراير، وقالوا إنهم سيستمرون في الإضراب حتى يلغي المحتلون إجراءاتهم المعادية للإنسان.
وأعلن مجلس الأسرى والمحررين الفلسطينيين ونادي الأسير الفلسطيني من خلال نشر بيان، أن هذا الإضراب لا حدود له وانتهاءه مرهون بموقف إدارة السجون الصهيونية والتطورات المستقبلية.
إن عصيان الأسرى الفلسطينيين الذي بدأ في سجن نفحة، يشمل حظر الفحوصات الأمنية وعدم ارتداء الملابس البنية التي طلبت سلطات السجن من السجناء ارتداءها.
وفي إشارة إلى العمليات العديدة التي يقوم بها المقاتلون الفلسطينيون ضد الصهاينة، في ظل عجز الجهاز الأمني والعسكري للكيان الصهيوني، أشار الأسرى الفلسطينيون إلى أن من لا يستطيع توفير أمنه لا يمكنه هزيمتنا.
وأكدت قيادة حركة أسرى الحرب الفلسطينيين أنها سترد على تصرفات بن غفير بمعارك التحرير، وأن أوضاع الأسرى الآن تتجاوز خطوات بن غفير الفردية وتداعياتها.
وجاء في جزء من هذا البيان: “نحن لا نتطلع لتوفير ظروف معيشية ولا نناضل من أجل أشياء صغيرة مثل الحمامات، نحن نقاتل من أجل حريتنا ووطننا”. كما تم التأكيد في البيان: من قرّر نقل المعركة خارج أسوار السجن، سيجدها هناك في القدس والضفة الغربية وغزة.
كما تم التأكيد في هذه الرسالة: من قرر نقل المعركة خارج أسوار السجن سيجدها هناك في القدس والضفة الغربية وغزة. وشددت حركة الأسرى في سجون الاحتلال، على أن استمرار تصرفات إدارة سجون الاحتلال ومغامراتها غير المحسوبة، سيكون لها ثمن باهظ.
وأشارت الحركة إلى أن المرحلة الخطيرة التي يمر بها الأسرى والتي تستهدف وجودهم، تتطلب من كل فئات الشعب الفلسطيني اتخاذ المزيد من الإجراءات على كل المستويات، لوضع قضية الأسرى على المسار الصحيح، وحذرت المجتمع الدولي من عواقب ومخاطر عدوان الاحتلال الغاشم على الأسرى.
کذلك، أشار الأسرى الفلسطينيون إلى أنه “ليس لدينا ما نخسره ومن اختار أن يقاتلنا سيجدنا أهل القتال”، وأكدوا: “كل قطرة دم تسفك هي نتيجة مغامرات بن غفير، ومن يهددنا بقانون الإعدام والموت يجب أن يعلم أن أملنا هو أن نكون شهداء في طريق حرية الوطن”.
من جهة أخرى، أغلقت الأسيرات الفلسطينيات في سجن “دامون”، الأحد، القسم الثالث في السجن لمدة ساعتين، وكان هذا العمل الذي قامت به الأسيرات أول احتجاج على أوضاع السجون.
النضال من خلف القضبان
يحاول الكيان الصهيوني إجبار الفصائل الفلسطينية على التراجع من عملياتها ضد المستوطنين، من خلال زيادة الضغط على الأسرى وعائلات منفذي العمليات الاستشهادية، لكن هذه الجهود أسفرت عن نتائج عكسية.
وعلى الرغم من سجنهم من قبل الصهاينة، فإن الأسرى الفلسطينيين يواصلون القتال بطرقهم الخاصة لدعم الانتفاضة الجديدة في الضفة الغربية وقطاع غزة.
الإضراب عن الطعام والاعتصامات الطويلة هي من بين الإجراءات التي استخدمها السجناء في السنوات الأخيرة للضغط على سلطات تل أبيب، وقد نجحت في كثير من الحالات.
وفي العامين الماضيين، أزعج بعض هؤلاء الذين كانوا في أسوأ الظروف الجسدية والنفسية الصهاينة، وتحت ضغط فصائل المقاومة والمجتمع الدولي أطلق الصهاينة سراحهم أخيرًا.
خليل محمد عواودة، هو مثال واضح على هؤلاء الأسرى، الذين أجبروا المحتلين أخيرًا على التراجع وإخراجهم من السجون الصهيونية، بعد 170 يوماً من الإضراب عن الطعام.
لذلك، فإن جهود الكيان الإسرائيلي في زيادة الضغط على الأسرى لتحقيق أهدافه غير مثمرة، وكلما ازدادت هذه الجرائم، زاد إلحاق الضرر بالصهاينة أنفسهم.
لقد سئم الإسرائيليون مقاومة وشجاعة الأسرى الفلسطينيين، ويحاولون التخلص من الأسرى بإجراءات عقابية غير إنسانية. لكن إذا كانت مقاومة الفلسطينيين وصمودهم ستنتهي على حساب حياتهم، فلن يكون ذلك دون تكلفة على الصهاينة، وسيدفعون ثمن هذه الجرائم أيضًا.
إن حقيقة أن أسيرًا فلسطينيًا يُظهر جرائم المحتلين للعالم بإضرابه، ويثير موجةً من الاحتجاجات الدولية ضد جرائم تل أبيب، تُظهر أن الفلسطينيين يستطيعون زعزعة أسس الكيان المزيف غير المستقرة حتى من السجن.
رد فعل الفصائل الفلسطينية دعماً للسجناء
أثارت جرائم الاحتلال بحق الأسرى غضب الفصائل الفلسطينية، التي حذرت من هذه المغامرات.
حمّلت حركة حماس، من خلال بيانها، الكيان الصهيوني مسؤولية حماية صحة الأسرى الفلسطينيين، وأكدت أن هذه الاعتداءات والانتهاكات ضد الأسرى تتم بشكل هادف.
وقال المتحدث باسم حماس، عبد اللطيف القانوع، إن اعتداء الكيان الصهيوني وجرائمه لا تكسر إرادة الأسرى، ويجب على الشعب الفلسطيني أن يتضامن مع أسراه من أجل نيل حقوقهم وحريتهم.
وأوضح القانوع أن قمع وحرمان الأسرى من أبسط حقوق الإنسان لن يؤدي إلا إلى استمرار نضالهم، موضحاً أن حماس عبرت عن تضامنها الكامل مع هذه الحرب البطولية للأسرى.
كما أعلنت اللجنة الوطنية العليا للطوارئ في حركة الأسرى الفلسطينيين، أن الجمعة المقبل يجب أن يكون يوم غضب دعماً للأسرى الفلسطينيين. وشددت هذه اللجنة، على هذا الأساس، على تخصيص خطب الجمعة لقضية الأسرى الفلسطينيين وسكان القدس، الذين يتعرضون لضغوط شديدة من الكيان الصهيوني، والذين تدمر منازلهم باستمرار ويتم قمع حريتهم.
وقد حذرت فصائل المقاومة مرارًا وتكرارًا من أن الأسرى هم خطهم الأحمر، وإذا استمر الكيان الصهيوني في جرائمه، فسوف يردون بحزم. وعقدت مجموعات المقاومة الفلسطينية مؤخرًا عدة اجتماعات لدعم الأسرى، وحذرت الوسطاء من ذلك، وقالت إن هذا الوضع قد يؤدي إلى تفجر الأوضاع في النهاية.
وعلى الرغم من أن وضع العديد من الأسرى الفلسطينيين كارثي، وحتى المنظمات الحقوقية الدولية رفعت أصواتها، إلا أن السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس التزموا الصمت في مواجهة هذه الجرائم، ولا يحرکون ساکناً بهذا الصدد.
وبما أن معظم الأسرى هم أعضاء في حماس والجهاد الإسلامي، فإن السلطة الفلسطينية لا تريد أن تتحمل تكاليف من أجل هذه الجماعات، وحتى في السنوات الأخيرة اعتقلت العشرات من أعضاء فصائل المقاومة في الضفة الغربية وسلمتهم إلى الصهاينة، وستبقى هذه الخيانات لمحمود عباس وصمة عار علی جبين السلطة الفلسطينية.
يخلق المتطرفون الصهاينة التوترات مع الأسرى وفصائل المقاومة الفلسطينية، فيما حذرت سلطات هذا الكيان، وبسبب انتشار موجة الاحتجاجات داخل الأراضي المحتلة، من الانهيار من الداخل.
لذلك، فإن تصعيد التوتر مع الفلسطينيين ليس فقط لا يضمن أمن المستوطنين، بل يمكن أن يزيد من انعدام الأمن في الأراضي المحتلة. كما أنه في الأسابيع الأخيرة، قُتل عشرات الصهاينة في عمليات استشهادية فلسطينية، وزادت هذه المسألة من حالة الخوف والذعر بين المستوطنين.
* المصدر: موقع الوقت التحليلي
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع