السياسية:

إن حكام آل سعود، الذين ربطوا كل شيء بالأمن من أجل الحفاظ على أسس عرشهم في ظل القوة العسكرية، لجؤوا هذه الأيام إلى التدريبات البحرية والجوية والبرية مع حلفاء آخرين أكثر من أي وقت مضى. وفي هذا الصدد، انطلقت يوم الإثنين الماضي، الجولة الثالثة من مناورات “رماح النصر 2023″، في مركز العمليات الجوية بقاعدة “الملك عبد العزيز” شرقي السعودية.

وإضافة إلى المملكة العربية السعودية، تشارك في هذا التمرين سبع دول هي قطر والأردن والبحرين وباكستان واليونان وإنجلترا والولايات المتحدة، كما تشارك الإمارات والكويت وعمان في هذا التمرين كدول مراقبة.
وأعلن خالد الحربي قائد مركز العمليات الجوية السعودية أن هذا التمرين سيساهم في تعزيز العلاقات العسكرية بين القوات المشاركة من الدول الصديقة وتبادل الخبرات في مجال التخطيط والتنفيذ في جميع المجالات، وتوحيد مفاهيم الطيران المشترك وقياس مستوى الجاهزية والعمل المشترك الذي يحدث على المستوى التكتيكي.
وأعلنت وزارة الدفاع السعودية أن الهدف من هذا التمرين هو تحسين مستوى الأداء والجاهزية القتالية للوحدات المشاركة من خلال إجراء عمليات مشتركة تحاكي التهديدات القائمة والمحتملة في بيئة عملياتية متعددة الأبعاد.

وفي فبراير من العام الماضي، أجرت السعودية تمرين “رماح النصر 2022” بمشاركة قوات من الولايات المتحدة والبحرين وباكستان.

وفي نفس وقت التدريبات الجوية للسعودية وحلفائها، أعلنت مصادر إعلامية بدء التمرين المشترك بين الإمارات وسلطنة عمان تحت عنوان “التعاون 3”.
ويأتي هذا التمرين في إطار التعاون المشترك وتعزيز القدرات العسكرية للمشاركين في مركز التدريب القتالي بمعسكر الحمراء بأبوظبي.
ومن ناحية أخرى، تجري الكويت تدريبات مشتركة مع الجيش البريطاني، وستقوم القوات العسكرية في البلدين بمحاكاة العمليات الهجومية وحرب المدن في هذا التمرين.

وتجري العديد من التدريبات العسكرية في الخليج الفارسي بمساعدة المملكة المتحدة والولايات المتحدة بهدف زيادة القدرات العسكرية لمشيخات الخليج، لكن هذه التدريبات التي تجرى تحت قيادة الأمريكيين لن تجلب الأمن للعرب.
وفي العام الماضي، وضعت الولايات المتحدة ثلاث خطط أمنية على جدول الأعمال، وهي تشكيل تحالف عبراني عربي، ونشر أسطول من الطائرات دون طيار وسفن في الخليج الفارسي، بهدف مواجهة قوة إيران الصاروخية والطائرات المسيرة.
لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء عمليًا، ولهذا السبب من خلال المشاركة في مثل هذه التدريبات، تحاول واشنطن تشجيع حلفائها.

وعلى الرغم من أن المملكة العربية السعودية وغيرها من المشيخات قد فشلت دائمًا في خططهم العسكرية، إلا أنهم ما زالوا يصرون على إظهار أنفسهم على أنهم أقوياء ويعتقدون أنه كلما زاد عدد التدريبات التي يقومون بها، ستتعزز قوتهم الدفاعية.

اليمن.. الاختبار الفاشل للقوة الجوية السعودية

إضافة إلى التدريبات الجارية، أجرت المملكة العربية السعودية أيضًا مناورات جوية مشتركة مع اليونان في العامين الماضيين لإظهار أن لديها ما تقوله على الأقل في هذا المجال، لكن سجل ثماني سنوات من الإخفاقات في حرب اليمن يثبت عكس هذا الادعاء.

كان دخول الحرب في بلد فقير مثل اليمن اختبارًا عظيمًا لإظهار القوة العسكرية للمملكة العربية السعودية وشيوخ الخليج العربي، الذين بدؤوا هذه الحرب القاسية وغير المتكافئة في وهم انتصار مبكر، لكن نتائج الحرب كانت تتعارض مع خيال المعتدين.

وعلى الرغم من أنه في بداية الحرب، كان المقاتلون السعوديون قادرين على تدمير بعض أنظمة الدفاع الجوي اليمنية ومنشآت الأسلحة ومستودعاتها من خلال الاستفادة من عدم استعداد اليمنيين لحرب واسعة النطاق، ولكن مع مرور الوقت، أصبحت الهجمات موجهة بشكل أكبر ضد المدنيين والمدارس والمناطق السكنية. في الحروب الحديثة، يتم استخدام القوة الجوية كقوة دعم لتقدم القوات البرية، لكن المقاتلين السعوديين لم ينجحوا في استهداف أهداف عسكرية يمنية ودعم مرتزقتهم ميدانياً، وبهجمات عمياء حاولوا إجبار أنصار الله على الاستسلام، لكنهم لم يستطيعوا تحقيق هذا الحلم.

وعلى الرغم من أن قوات الجيش اليمني لم يكن لديها دفاع جوي قوي ونظام رادار متطور لاستهداف المقاتلات السعودية، وفقًا للإحصاءات المعلنة خلال ثماني سنوات من الحرب، فقد تم إسقاط عشرات طائرات التحالف السعودي، بما في ذلك مقاتلات وطائرات هليكوبتر وطائرات دون طيار في اليمن.
وطالما أن القوة الجوية لا تملك قاعدة بيانات دقيقة للأهداف العسكرية على الأرض فلا يمكنها تحقيق النجاح والمقاتلات السعودية تحلق دون خطة وكانت النتيجة الوحيدة رغبة مقاتلي التحالف المعتدي بالتحليق في سماء اليمن. وعلى الرغم من الترسانة الضخمة للجيش السعودي، فإن هجمات أنصار الله في عمق المملكة العربية السعودية، وخاصة الهجمات على منشآت أرامكو النفطية، كشفت عن ضعف الهيكل العسكري للبلاد.

على الرغم من أن المملكة العربية السعودية كانت مجهزة بـ 848 طائرة عسكرية و 244 طائرة مقاتلة وكان لها الدعم الكامل من الغرب، إلا أنها فشلت في تنفيذ عملياتها. وفي السنوات الثماني الماضية، استخدمت السعودية وحلفاؤها جميع أدواتهم العسكرية، بما في ذلك الجوية والبحرية والبرية، حتى يتمكنوا من تنفيذ خططهم في اليمن من خلال القضاء على أنصار الله، لكن الشيء الوحيد الذي حصلوا عليه كان باهظًا وهو الذي أجبرهم على قبول شروط أنصار الله هذه الأيام، وإجراء مثل هذه التدريبات لن يغير شيئاً.

سلاح الجو لتغطية ضعف البر والبحر

جاءت هذه المناورة بالقوة الجوية في حين أن الجيش السعودي لديه ضعف كبير في القوة البرية وقوات هذا البلد لا تملك القوة اللازمة لإدارة المعارك البرية وهذه المشكلة ناتجة عن نقص التدريب والخبرة والمهارات التكتيكية. لهذا السبب من أجل تأمين أمنهم قاموا بتجنيد المرتزقة والقوات بالوكالة من دول أخرى ورأينا مثالاً واضحًا على ذلك في اليمن حيث كان معظم القوات البرية للتحالف السعودي من مواطني السودان ودول إسلامية أخرى ذهبوا إلى اليمن مقابل عدة آلاف من الدولارات كرواتب شهرية. وكانت المملكة العربية السعودية تدرك ضعف قواتها البرية، وبالتالي لم ترسل المزيد من قوات الجيش إلى اليمن، لأنه بسبب عدم قدرتها على القتال على الأرض، كان هناك احتمال زيادة الخسائر البشرية في صفوف التحالف المعتدي.

وفي هذا الصدد، في فبراير 2019، في اجتماع لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي، أشار الجنرال “جيمس كلابر”، مدير المخابرات الأمريكية آنذاك، إلى إرسال قوات برية سعودية وإماراتية إلى سوريا لمحاربة داعش، وقال “بالنظر إلى الأداء الضعيف لقوات البلدين في اليمن، لا يمكننا توقع النصر من هذه القوات”.
بمعنى آخر، لا يمكن الوثوق بالقوات البرية السعودية للنجاح في المعركة الميدانية.
و في الساحة البحرية، ليس للسعودية رأي، وهذه القضية كانت واضحة أيضًا في حرب اليمن، ورغم الحصار البحري المكثف باستخدام السفن الحربية والفرقاطات، لم يتحقق أي نجاح، ووجه اليمنيون ضربات شديدة للعدو كذلك. وتنفق مشيخات الخليج الفارسي مليارات الدولارات سنويًا لشراء الأسلحة ومحاولة التظاهر بأن هذه النفقات لم تُهدر وأنهم كانوا ناجحين على الأقل في سلاح الجو.

عرض للقوة للحفاظ على الصورة

تريد المملكة العربية السعودية وشيوخ آخرون في الخليج العربي أن يتستروا على إخفاقاتهم في المنطقة بهذه التدريبات. وتقام التدريبات بهدف زيادة القوة الدفاعية ولكن ليس لها تأثير على شيوخ العرب وهي مجرد عرض خارجي للحفاظ على الصورة المفقودة لتشجيع الرأي العام المحلي على الاعتماد على قوات بلادهم في حالة الأزمات والحرب.

يقوم عرب المنطقة بإجراء مناورات جوية بهدف زيادة قدراتهم الدفاعية ضد إيران وجماعات المقاومة، لكن التحالف السعودي بكل السلاح والمصاريف فشل في مواجهة أنصار الله التي يعتبرها السعوديون إحدى الجماعات الوكيلة لإيران في المنطقة. لعقود من الزمان، عهدت الدول العربية بأمنها إلى الولايات المتحدة وإنجلترا، ومؤخراً إلى النظام الصهيوني، ولم يركزوا قط على تعزيز قاعدتهم الدفاعية باستخدام القوة المحلية، وبفضل دولارات البترول، فإنهم يشترون جميع أسلحتهم من شركات غربية، وحتى سيطرة وتوجيه المقاتلين والدفاعات الصاروخية بيد الأمريكيين أنفسهم، والسعوديون غير مجديين في هذا الصدد. إن رسو الأسطول الأمريكي الخامس في البحرين ونشر الآلاف من مشاة البحرية في الخليج الفارسي لحماية أمن المشيخات يظهر أن كل شيء في أيدي الولايات المتحدة ومع انسحاب قوات هذا البلد من المنطقة، سيبقى العرب أيتامًا يسعون إلى الحصول على دعم من الدول القوية.

المصدر: موقع الوقت التحليلي
المادة الصحفية : تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع