السياسية ـ وكالات:

توالت في المدة الماضية تحذيرات خبراء الاقتصاد والمالية من مخاطر بوادر إفلاس الولايات المتحدة، أو ما يسميه بعض المتخصصين انفجار “فقاعة” الدين القومي الأمريكي.

وكان بريان موينيهان الرئيس التنفيذي لبنك أمريكا قد حث على الاستعداد للتخلف عن سداد الدين القومي للولايات المتحدة التي تبلغ قيمتها 31.55 تريليون دولار، الأمر الذي قد يؤدي إلى عدم الاستقرار ليس فقط على الولايات المتحدة، ولكن في جميع أنحاء العالم.

لفهم الموقف بصورة واضحة، نعود على الوراء، ونشير إلى أن السندات الحكومية الأمريكية كانت حتى وقت قريب تعد من الأصول المالية الأقل خطورة في العالم بأسره.

وضع الدولار كعملة احتياطية في العالم سمح ولا يزال لواشنطن، بزيادة المعروض النقدي إذا لزم الأمر من أجل الوفاء بالتزاماتها.

علاوة على ذلك ضمنت مكانة العملة الأمريكية، والاقتصاد ككل، سيولة سندات الخزانة، وبنتيجة ذلك، استثمرت الدول عن طيب خاطر في الاقتصاد الأمريكي.

وتفيد البيانات الصادرة عن وزارة الخزانة الأمريكية بأن أكبر مبلغ من السندات الحكومية وقيمته 1.18 تريليون دولار يعود إلى الصين، التي تعد الدائن الرئيس للولايات المتحدة.

تأتي اليابان في المرتبة الثانية بسندات أمريكية قيمتها 1.03 تريليون، تليها البرازيل بما قيمته 300 مليار، فإيرلندا 299 مليارا، ثم بريطانيا 274 مليارا.

القروض الأجنبية في المجمل تمثل حوالي 30 في المائة من الدين الأمريكي، بقيمة 6.21 تريليون دولار.

مثل هذا المبلغ الضخم يجعل الدول المستثمرة مرتبطة بالوضع في الولايات المتحدة وخاصة بالنسبة لاحتمالات التخلف عن السداد.

الخبيرة الروسية في الشؤون المالية ماريا إيفاتكينا ترى أن الدين القومي للولايات المتحدة عبارة عن فقاعة مالية، وأن عدم القدرة على سداد الديون ينذر باحتمال انفجار هذه الفقاعة.

وتلفت إيفاتكينا إلى أن الولايات المتحدة تقترض من الدول الأخرى عن طريق بيع أوراق مالية تسمى سندات الخزانة الأمريكية، وتستعمل الأموال التي تحصل عليها في تمويل الاحتياجات العامة.

وبالوضع القائم باعتبار الصين أكبر مستثمر في السندات الحكومية الأمريكية، فبكين ليس من مصلحتها أن تظهر بوادر إفلاس الولايات المتحدة في الوقت الحالي وتتخلف عن سداد ديونها، ما سينجم عنه ضعف الدولار، وجمود اقتصادي أمريكي تصيب تداعياته الجميع.

الخبراء الماليون يجمعون على أن النتيجة الرئيسة للتخلف عن السداد في الولايات المتحدة من وجهة نظر بقية العالم ستكون ضعف الدولار بقوة. وسيحدث ذلك لأن المستثمرين الأجانب سيبدؤون في بيع السندات الحكومية التي كانت ذات يوم “ملاذا آمنا”، وستقوم الدول الدائنة بتنويع احتياطياتها من العملات الأجنبية، ما سيؤدي إلى خفض قيمة العملة الأمريكية تماما، وبالتالي سيفقد الدولار مكانته كعملة عالمية.

يتبادر في هذا السياق سؤال هام عما إذا كانت تستطيع الصين إقامة نظام مالي بديل في حالة انهيار الولايات المتحدة اقتصاديا؟

جواب الخبراء الماليين يُذكر بأن سوق السندات الأمريكية والأوراق المالية الأخرى يصل إلى حوالي 24 تريليون دولار، فيما السندات الصينية تقدر قيمتها بـ 3.3 تريليون دولار فقط، وهذا القدر لا يكفي، كما يلفتون إلى أن العملة الصينية اليوان ليست “شائعة” الاستخدام بما فيه الكفاية.

الخبراء يستعينون بأفضل مؤشر في هذه الحالة ويتمثل في احتياطي العملات الأجنبية في البنوك المركزية في العالم، حيث يتم في المتوسط، الاحتفاظ بـ 60٪ من احتياطيات العملات الأجنبية بالدولار الأمريكي، يليه اليورو بنسبة 20٪، فيما يمثل اليوان الصيني 2.8٪ فقط من احتياطيات النقد الأجنبي.

لا تزال الصين تحقق استقرارها ضمن إجراءات مالية محددة، يرى خبراء ماليون أنها ليست مستعدة حاليا لتغييرها وأخذ مكانة الولايات المتحدة، وأن بكين لا تريد إفلاسا أمريكيا مبكرا، خاصة أن الولايات المتحدة لا تزال سوق تصدير ضخمة للصين، ولم يحن بعد عصر الـ”يوان”.